الصفحة الرئيسية (مؤرشفة)

ضحايا الطائرة الأوكرانية.. محكمة كندية تغرم إيران 80 مليون دولار

04 يناير 2022

قضت محكمة كندية بدفع تعويضات مقدارها أكثر من 80 مليون دولار إلى عائلات ستة أشخاص قتلوا في طائرة ركاب أوكرانية أسقطتها إيران قبل نحو عامين، وفق القرار الذي نُشر الاثنين.

وأُسقطت طائرة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية، الرحلة "بي اس 752"، بعد وقت قصير من إقلاعها من مطار طهران في 8 يناير 2020، ما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 176 شخصاً، بينهم 85 مواطناً كندياً ومقيماً دائماً.

وبعد ثلاثة أيام، أقرت القوات المسلحة الإيرانية بإسقاط الطائرة التي كانت متوجّهة إلى كييف "عن طريق الخطأ".

وحكم قاضي المحكمة الكبرى في أونتاريو إدوارد بيلوبابا في وقت سابق بأن الضربة التي طالت الطائرة المدنية "شكّلت نشاطا إرهابيا"، ما مهّد الطريق أمام العائلات المنكوبة للمطالبة بتعويضات. 

وبناء على القرار الذي نشر علنا الاثنين، أمر بتعويض للمتقدمين بالشكوى بمبلغ مقداره أكثر من 107 ملايين دولار كندي (83 مليون دولار)، زائد الفائدة.

ولم تتضح الطريقة التي سيتم من خلالها الحصول على المبلغ من إيران، لكن بيلوبابا قال إنه يشعر "بالرضا نظرا إلى وجود احتمال إلى حد ما من التطبيق (للقرار) وتحقيق درجة معينة من الردع".

وكتب القاضي في قراره أن محامي المدعين أشار إلى "أصول واستثمارات حيوية تابعة لإيران يمكن الوصول إليها ليس في كندا فحسب، بل في العالم بأسره".

ولم يرد محامي المدعين مارك أرنولد لدى محاولة فرانس برس الاتصال به مساء الاثنين.

وفي بيان نشر على الإنترنت، شدد محاميا المدعين على اختصاص كندا القضائي في ما يتعلّق بالتعويضات. 

وقال المحاميان مارك أرنولد وجونا أرنولد: "عام 2012، تم تعديل قانون العدالة لضحايا الإرهاب وقانون حصانة الدولة للسماح بإقامة دعاوى من هذا القبيل ضد دول أجنبية مصنّفة على أنها راعية للإرهاب".

وأضافا أن "كندا صنّفت جمهورية إيران الإسلامية على أنها كذلك".

عمل "إرهابي"

وفي مايو، خلص القاضي بيلوبابا إلى أن إيران ارتكبت عملا "إرهابيا" بإسقاطها الطائرة الأوكرانية.

ونددت طهران حينذاك بالحكم، واعتبرت أن "لا أساس" له بينما شددت على أن المحكمة الكندية لا تملك سلطة إصدار قرار كهذا.

وطلب المدعون تعويضات تبلغ 1,5 مليار دولار كندي.

وفي تقرير أخير صدر في مارس، أشارت منظمة الطيران المدني الايرانية إلى أن أنظمة الدفاع الجوي التابعة لها كانت في حالة تأهب قصوى تحسبا لهجوم أميركي مضاد ردا على إطلاق طهران صواريخ على قاعدة عسكرية في العراق تستخدمها القوات الأميركية.

وكانت إيران حينذاك هاجمت للتو قاعدة أميركية في العراق انتقاما لمقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، وكانت تتوقع ردا من واشنطن.

ونددت أوكرانيا بالتقرير الذي رأت فيه "محاولة سخيفة لإخفاء الأسباب الحقيقية" للمأساة، في حين قالت كندا إنه "غير مكتمل" ولا يحتوي على "أدلة ملموسة".

وأعلنت مجموعة من الدول في مقدّمها كندا في يونيو أنها تقدّمت بدعوى ضد إيران للحصول على تعويضات لعائلات الضحايا.

وفي ديسمبر 2020، عرضت إيران دفع مبلغ "150 ألف دولار أو ما يعادله باليورو" لكل من عائلات الضحايا.

وانتقد مسؤولون أوكرانيون وكنديون بشدة الإعلان، مشيرين إلى أن على طهران ألا تحدد التعويضات عبر إعلان أحادي.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.