"فقدنا الأمل ولم يعد هناك أيّ جدوى من البقاء في البلاد. لم يعد هناك فرص عمل ولم يكن بإمكاننا تأمين ما نحتاج إليه كي نتزوّج"،.
هكذا تبدأ ندى، وهو الإسم الذي أرادت استخدامه، بالحديث عن رحلتها من سوريا إلى هولندا.
ندى في الثلاثين من العمر، عقدت قرانها قبل أن ترحل عن بلدها على رجل سوري من اللاذقية أيضاً. "لم يكن بإمكاني رؤيته غالباً. عندما تقول اللاذقية في سوريا، هناك وصمة معينة ومن الصعب عليه أن يجتاز الحواجز. قرّرت أن أغادر البلاد وأن يتبعني لاحقاً".
تتحدّث ندى عن الخوف الذي عاشته في سوريا، الخوف الذي تقول أنّها أتى من كل الأطراف: الجماعات المتطرفة والجيش السوري. "كنّا خائفين من كل الأطراف... لم نكن نعرف من يطلق القذائف التي سقطت في اتجاهنا".
https://soundcloud.com/irfaasawtak/y2vly9qikjrdوضّبت ندى حقيبة سفر صغيرة وقرّرت المغادرة، لكنّها لم تتوقّع أن تكون رحلتها محفوفة بالأخطار. "بدأت رحلتي مع صديقة لي وبعض الأشخاص الآخرين. أقنعتني بالتعامل مع مهرّب محدّد لأنّ الرحلة ستكون أقل تكلفة... لكنّنا لم نكن نعرف ما ينتظرنا".
تقول ندى إنّ المهرّب خدعهم واضطروا أن يمضوا ثلاث ليالٍ في غابة غير مأهولة خوفاً من خفر السواحل. "لم يكن لدينا أي ماء أو طعام. في كلّ مرة كنت أقول للمجموعة التي معي أنّي أريد أن أعود من حيث أتيت، لكنّهم كانوا يطلبون مني أن أصبر قليلاً. مرّت ثلاث ليال في الغابة وأتى إلينا المهرّب بماء وخبز فقط وبكميات قليلة جدّاً".
https://soundcloud.com/irfaasawtak/apyau6z0k3tgتتابع ندى "قرّرت بعدها أن أغادر.. لم أعد أقوى على الاحتمال. خدعنا المهرّب مرّتين.. في المرة الأولى، قال إنّ القارب سيكون قارباً سريعاً لكنّه تراجع وقال إنّنا سنسافر في قارب مطاطي. الصدمة الثانية كانت أنّه لم يشترِ القارب حتّى. لم يكن هناك قارب".
بعد أن غادرت الغابة مع صديقتها، مشت ندى بضع خطوات لتنهار الصديقة.
"بتّ أصرخ طلباً للمساعدة من المهرّب والآخرين الذين انتظروا معنا. كانت صديقتي قد أصيبت بنوبة سكّري وحاولنا على مدى ساعة ونصف أن نوقظها. لم يرضَ المهرب أن يأتي لنا بالإسعاف لأنّنا غير شرعيين ولحسن الحظ كان هناك صديق بين المسافرين تمكّن من القيام بالإسعافات الأوليّة لها".
تشير ندى إلى أنّ مهاجرين آخرين حملوا صديقتها وساروا لمدّة ساعة ونصف تقريباً حتى وصلوا إلى مكان مأهول وآمن نسبياً. "بعد أن وصلنا، قلت للجميع إنّي سأجد مهرّباً آخر وهذا ما فعلته. تواصلت مع مهرّب آخر أشفق عليّ وقال لي إنّي سأغادر في اليوم نفسه".
بعد خمسة أيّام من المشقة والمشي بمحاذاة الموت، تمكّنت ندى من الوصول إلى وجهتها هولندا. التفاصيل التي ترويها تبدو كأنّها أشبه بالأفلام التي نعتقد أنها أقرب إلى الخيال من الواق.ع
*الصورة: سوريون في مركز لاستقبال المهاجرين غير الشرعيين في بلغاريا/وكالة الصحافة الفرنسية