تتنوع طرق الهجرة وتختلف بين شخص وآخر، فالهجرة غير الشرعية صارت تجارة رائجة في أوطانٍ يتسابق العديد من أبنائها لإيجادِ منفذٍ ومهربٍ من "سكينِ داعش" وباقي أشكال التطرف. والوجهةُ الأقربُ هي أوروبا.

الهجرةُ ليست محاطة بالزهور، وإنما بمخاطرَ عديدة تتنوع بين عوامل طبيعية، مثل البحر والغابات، إلى عصابات هدفها السرقة وغيرها من المخاطر.

فصرنا نرى طوابير بشرية لا تملك من الدنيا شيئاً لتنتقل بين المدن إلا السير على سكك الحديد واعتبارها خارطة للوصول للمدينة التالية.

موقع (إرفع صوتك) يستعرضُ الطريق الذي سلكه عشرات الآلاف من المهاجرين مؤخراً متخذين من (تركيا) نقطة انطلاق نحو أوروبا.

تعتمدُ الطريقة التي يختارها المهاجر على عدة عواملَ تختلفُ من شخص لآخر، ومن أهم هذه العوامل هي القدرةُ المالية بالإضافة إلى عاملٍ مهم ثانٍ وهو نقطةُ الانطلاق. أما أولئك الذين يستطيعون تحمل تكلفةٍ عاليةٍ فيسافرون جواً أو بحراً بوسائل أكثر أمناً من خلال تأشيراتِ مرورٍ قانونية أو من خلال جوازاتٍ مزورة.

وبدون القدرة المالية، يصبح لنقطة الانطلاق تأثيرٌ مهم. فمن يتواجدُ في تركيا له طرقٌ تختلفُ عن طرق أولئك المتواجدين في مصر أو ليبيا أو المغرب.

ويمكن تقسيمُ طرق الهجرةِ إلى أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط إلى ثلاثة طرقٍ رئيسة: شرق المتوسط (تركيا) وغربه (المغرب) ووسطه (مصر وليبيا).

براً وبحراً .. إلى اليونان

يمكن سلوك مسارين للهجرة انطلاقاً من تركيا، الأول براً (إلى بلغاريا أو اليونان) والثاني بحراً نحو جزر اليونان (ومؤخراً نحو ايطاليا).

وعن الطريق البري، قالت الوكالة الأوروبية "Frontex"، الموكلُ إليها تنسيق حماية حدود الاتحاد الأوروبي، إن هذا الطريق شهد زيادةً كبيرة ورقماً قياسياً في عدد المهاجرين خلال عام 2011 تزامناً مع بداية الثورة السورية، حيث تم رصد عبور أكثر من 57000 لاجئ أغلبهم من السوريين. ونتيجة تشديد الإجراءات الأمنية على هذا الطريق، تغير طريق الكثيرين إلى مسارٍ آخر وهو المسار البحري.

يعد المسار البحري الأكثر استخداماً وخطورةً بالمقارنة مع غيره. وقَدّرَت سلطات الهجرة الدولية في اليونان عدد من يعبُر بحر إيجة متجها إلى اليونان بأكثر من 5000 مهاجر يومياً خلال الأسبوع الماضي.

وفي هذا الطريق محطات كثيرة: رحلة الـ 3000 كيلو متر تبدأ من إزمير التركية.

المحطة الأولى إزمير التركية

تقع غرب تركيا في منطقة بحر إيجة. يبلغ عدد سكان منطقة إزمير اكثر من 4 ملايين نسمة. يتواجد فيها عشرات المهربين، والكثيرُ منهم يحاول استغلال الشباب وسرقة أموالهم، حسب شهادات كثيرين.

بعد الاتفاقِ مع مهرب، يركبُ المسافرُ في سيارةٍ مغلقة مع آخرين، للانتقال إلى نقطة الانطلاق على شاطئ البحر. واعتماداً على موقع الجزيرة اليونانية التي يريد المهرب الوصول إليها، تسير السيارة لأوقات قد تصل لأربع ساعات.

العبور يتم بواسطة قاربٍ مطاطي. يحاول المهربون زيادة حمولته فوق سعة تحمله، وذلك لكسب أكبر قدر من الأموال، وهو ما يؤدي إلى غرق العديد من هذه القوارب.

هناك يستمعُ الشباب إلى نصائح مثل اشتري هاتفاً جوالاً مع اشتراك انترنت، واشتري سترة نجاة، بالإضافة إلى حمل ملابس قليلة لتحمل بدلها طعاماً وشراباً وأدوية دوار بحر، ومنشفة لإزالة أملاح ماء البحر عن الوجه، بالإضافة إلى ارتداء "الجينز" (حتى لا تتسبب ملابس المهاجر بغرقه). ونصائح تتعلق بحفظ أمواله بكيس مطاطي لا يسمح للماء بالنفاد.

ينزلُ المهاجرون من السيارة ليلاً، يسيرون في الماء مسافة ليست بالقصيرة، حيث يوجدُ القارب، ليقضوا فترة في محاولة إيجاد توازنٍ للقارب. بعض القوارب تكون مثقوبة وتغرق بعد دقائق معدودة أو بسبب هيجان البحر.

"نسمعُ صراخهم واستنجادهم ليلاً ولكن لا نعلم أين هم، نتصل بخفر السواحل لإنقاذهم فينجح بإنقاذ بعضهم والبعض الآخر نجد جثثهم في الصباح على الشاطئ"، بهذه الكلمات وصف أحد سكان مدينة بودروم التركية الوضع في مدينته.

تبلغ مسافة الرحلة من أزمير إلى بودروم 240 كم.

 الوصول إلى اليونان

المحطة الثانية جزيرة يونانية

 تعبر القوارب نحو أحد الجزر اليونانية القريبة من الشاطئ، حيث تمتلك اليونان العديد من الجزر قرب السواحل التركية. يركز المهربون على الجزر المأهولة (33 جزيرة من أصل اكثر من 170 جزيرة) والتي تقع في مجموعتي بحر إيجة ودوديكانيس.

من مخاطر الطريق: الأمواج العاتية، ازدحام القوارب أو نوعيتها السيئة، وقد يوقفهم خفر سواحل أو دوريات الكوماندوز. ومن الأخطار المحدقة: الوصول إلى جزيرة غير مأهولة بالسكانِ، حيث لا توجد حياة ولا تغطية هاتف. ويتركهم المهربون هناك لموتٍ شبه محقق إن لم يتم إيجادهم قبل نفاد ما يحملونه من طعام وشراب.

وإذا وصلوا إلى جزيرة مأهولةٍ، يقومون بثقب القارب المطاطي باستخدام الصخور الموجودة على الشاطئ والسير نحو مركز الجزيرة. ومن ثم تسجيل أسمائهم والحصول على إذن مؤقت للتنقل في اليونان.

وتواجه السلطات اليونانية على هذه الجزر تحدياً كبيراً بسبب العدد الكبير للمهاجرين الواصلين إليها.

تصل مسافة العبور من بعض النقاط من بودروم إلى جزيرة كوس اليونانية 20 كم.

 

محاولة انقاذ مهاجرة أمام شاطئ جزيرة يونانية في نيسان/ابريل 2015/ وكالة الصحافة الفرنسية

المحطة الثالثة العاصمة أثينا

قد تمر أسابيع، قبل أن يتم نقل المهاجرين أو السماح لهم بالسفر إلى أثينا عن طريق عباراتٍ وبواخر. يمضي المهاجرون أيامهم في الجزيرة كلٌ حسب إمكانياته، وبعضهم يتم إعادته إلى تركيا إذا فشل في الحصول على أذونات السفر المؤقتة.

عند السفر إلى أثينا، القليل منهم يختار الذهاب إلى مخيمات أو أبنية أعدت لاستقبال المهاجرين. ولكن يختار المضي قدماً في طريق السفر إلى الوجهة المفضلة "المانيا".

مسافة السفر بالباخرة من جزيرة كوس إلى أثينا 427 كم.

المحطة الرابعة مدينة سالونيك

ثاني أكبر مدينة يونانية، تقع شمال شرق اليونان، يبلغ عدد سكان المنطقة أكثر من مليون شخص. ينتقل المهاجرون باستخدام اذوناتهم المؤقتة بواسطة القطار إلى مدينة سالونيك (ثيسالونيكي باليونانية).

مسافة السفر بالقطار من أثينا إلى سالونيك 502 كم.

المحطة الخامسة مدينة إيفزونوي

منطقة حدودية وآخر مناطق اليونان وهي معبر رئيس إلى جمهورية مقدونيا المجاورة. مسافة السفر باستخدام سيارة أجرة أو باص من سالونيك إلى إيفزونوي هي 82 كم.

الوصول إلى مقدونيا

المحطة السادسة قرية جيفجيليا

أول قرى جمهورية مقدونيا على طريق المهاجرين، يبلغ عدد سكانها حوالي 16 ألف. يعبر المهاجرون إليها سيراً على الأقدام، فيُلقى القبض على البعض وينجح البعض الآخر بالعبور. ينتظر الكثير منهم في أماكن زراعية او حظائر أو غيرها تجنباً للشرطة.

مسافة السير لعبور الحدود والوصول إلى جيفجيليا حوالي 9 كم.

المحطة السابعة مدينة سكوبيا

عاصمة جمهورية مقدونيا، تقع شمال البلاد. يبلغ عدد سكانها نصف مليون شخص. يستخدم المهاجرون القطار للسفر من جيفجيليا، أو من مدن قريبة أخرى، والانتقال إلى سكوبيا عاصمة مقدونيا.

تبلغ مسافة السفر من جيفجيليا إلى سكوبيا 160 كم.

المحطة الثامنة مدينة لويان

 مدينة صغيرة على الحدود بين مقدونيا وصربيا. يبلغ عدد سكانها حوالي 2500 شخص. وهناك يتعذر على العديد إكمال الرحلة بسبب صعوبة الطريق من جبال وغابات، بالإضافة إلى إلقاء القبض عليهم من قبل الشرطة الصربية وإعادتهم إلى اليونان وبالتالي خسارة كل هذه الأيام والجهد والمخاطر بالإضافة إلى الأموال.

مسافة السفر من سكوبيا إلى لويان حوالي 53 كم.

الوصول إلى صربيا

المحطة التاسعة مدينة ميراتوفاك

أول مدينة صغيرة على الحدود الصربية – المقدونية. عدد سكانها قرابة ثلاثة آلاف شخص. هناك يحصل اللاجئون على أوراقٍ تسمح لهم بالتنقل.

مسافة السير من لويان إلى ميراتوفاك تقريبا 10 كم أو أكثر، تمر عبر الجبال والغابات الوعرة والصعبة جداً، حيث يوجد احتمال سرقة ممتلكات وغيرها من المخاطر من قبل عصابات تريد الربح السريع وأخرى من قبل مهاجرين قادمين من بلدان مختلفة ويريدون استغلال القادمين الجدد.

المحطة العاشرة مدينة بلغراد

عاصمة صربيا، تقع شمال البلاد. يبلغ عدد سكانها 1.100.000 شخص.

بعد النجاح في عبور الحدود، يسافر المهاجرون وحسب نقاط يحددها مهربون إلى مدينة بلغراد. يستخدم البعض قطارات والبعض يستخدم الباص وحتى سيارات أجرة.

مسافة السفر إلى بلغراد هي 390 كم.

المحطة الحادية عشر قرية هوركوس

مدينة صغيرة على الحدود الصربية الهنغارية. يبلغ عدد سكانها حوالي سبعة آلاف شخص. يسافر إليها المهاجرون للوصول إلى الحدود الهنغارية.

تبلغ مسافة السفر من بلغراد إلى هوركوس 230 كم.

الوصول إلى هنغاريا

المحطة الثانية عشر قرية آسوثالوم

قرية صغيرة في هنغاريا. يعبر المسافرون إليها سيراً على الأقدام في طريقٍ صعبة، يتخفون فيها من الشرطةِ ومن أي من يمكن أن يبلغ عنهم.

مسافة السير على الاقدام تختلف باختلاف المسار فتبلغ حوالي 20 كم.

المحطة الثالثة عشر بودابست

عاصمة هنغاريا. يبلغ عدد سكانها حوالي مليوني شخص. ينتقل المهاجرون إليها سعياً لمحطة قطارها للانتقال في رحلة مباشرة إلى ألمانيا.

الوصول إلى النمسا

المحطة الرابعة عشر مدينة فيينا

عاصمة النمسا، يبلغ عدد سكانها حوالي مليوني شخص. يعبر المهاجرون إليها باستخدام القطار، وأحياناً يضطرون لأخذ طريق آخر بعد تزايد الأعداد بشكل كبير على هذا الطريق وتوقف القطارات. فصارت هناك طرقاً برية، وسيارات أجرة وغيرها.

يفضل الكثير من اللاجئين البقاء في النمسا على المضي إلى ألمانيا.

مسافة الطريق بين بودابست وفيينا هي 243 كم.

مهاجرون سوريون على القطار المتجه إلى مدينة ميونخ الألمانية/وكالة الصحافة الفرنسية

الوصول إلى ألمانيا

المحطة الخامسة عشر والأخيرة مدينة ميونخ.

عاصمة إقليم بافاريا وثالث أكبر مدينة ألمانية. يبلغ عدد سكان منطقة ميونخ 2.600.000 شخص. يقصدها المهاجرون لمكانتها الصناعية وسهولة السفر منها إلى بقية الدول، إن رغب المهاجر بإكمال رحلته إلى مكان آخر مثل فنلندا. يستخدم المهاجرون القطار للوصول إليها، وقد يسلكون طرقاً أخرى إن لم يستطيعوا استخدام القطار.

تبلغ مسافة السفر بين فيينا وميونخ 435 كم.

هل هاجرت؟ أو هل تريد أن تهاجر؟ وهل تستحق الهجرة سلوك هذه الطريق الخطرة؟

شاركونا بآرائكم وتعليقاتكم في التعليقات هنا على موقعنا أو على صفحتنا في فيسبوك.

*الصورة 1: رحلة ال3000 كيلومتر تبدأ من إزمير التركية وتنتهي في ميونخ/إرفع صوتك

*الصورة 2: محاولة انقاذ مهاجرة أمام شاطئ جزيرة يونانية في نيسان/ابريل 2015/ وكالة الصحافة الفرنسية

*الصورة 3: مهاجرون سوريون على القطار المتجه إلى مدينة ميونخ الألمانية/وكالة الصحافة الفرنسية

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".