بقلم إلسي مِلكونيان:

ضجت وسائل الإعلام العربية والعالمية بخبر الفاجعة التي تسبب بها عمر متين في مدينة أورلاندو، وقتل فيها 49 شخصاً في نادي ليلي للمثليين، باعتبارها أكثر هجمات القتل دموية في تاريخ أميركا الحديث.

وعلى الرغم من تأكيد رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، جيمس كومي، على عدم صلة القاتل بأي مجموعة إرهابية تعمل من خارج الولايات المتحدة، إلا أن حادثة أورلاندو أعادت الحديث مجدداً عن علاقة الإسلام بالإرهاب، والمتسبب فيها، عمر متين، وهو مسلم، أعلن ولاءه لداعش قبل أيام من مقتله.

وفي أجواء من الخوف والقلق كالتي يخلفها هجوم قاتل كهذا، تصاعد السؤال حول كيفية تعامل الجالية المسلمة مع أحداث كهذه وما دور مراكز العبادة الإسلامية في نشر روح التسامح بين المسلمين والمجتمع الأميركي؟

فاعلية خطاب الأئمة

يبلغ عدد المساجد في الولايات المتحدة  الأميركية 2585 مسجداً حتى كتابة هذا التقرير، بينهم 175 مسجداً في منطقة واشنطن العاصمة حسب موقع سالاتوماتيك المتخصص بإحصاء مراكز العبادة الإسلامية.

وأجرى موقع (إرفع صوتك) زيارة لأحد هذه المراكز في منطقة واشنطن العاصمة خلال صلاة المغرب قبيل الإفطار، للتعرف على الخطاب الديني السائد وردود أفعال المصلين.

شرح إمام مركز الهادي، السيد حامد الأعرجي، ضرورة نشر الإعتدال وروح الموضوعية في الخطاب الديني وخاصة عندما تؤجج الأفعال الإرهابية ردود فعل قد تمكون مناهضة للمسلمين في المجتمعات الغربية، قائلاً "نحث الجالية المسلمة على المحبة والسلم والوئام والإحترام لأنه أساس دعوة الإسلام. في مجتمعي هنا، نحن متفقون على أن الإرهاب خط أحمر لا يمكن قبوله مهما كانت دين الشخص الذي نفذه".

موضوعات متعلقة:

يمنيو المهجر يناقشون أفكاراً لمكافحة التطرف

كم سيصير عدد المسلمين في الاتحاد الأوروبي عام 2050؟

وحول حواره وحديثه مع المصلين يشرح الإمام أن جمهرة المؤمنين بالإسلام الصحيح لا يؤمنون بهذا العنف أو الأفعال الشنيعة التي تصدر عن البعض، مثلما فعل متين في أورلاندو.

يتابع الإمام "أعتقد أنه شخص مريض". ويضيف "الإرهاب لا دين له ولا وطن له. الإرهاب هو تربية الحاقدين الذي يريدون أن ينتقموا من البشرية فنحن نستنكر أفعال الإرهابيين وأفعال داعش".

ويتابع أن هناك نوعا من التعاون بينه وبين أئمة آخرين في الولايات المتحدة لحث المصلين على الإعتدال والتسامح.

من صوته أعلى: الاعتدال أم التطرف؟

وتابع موقع (إرفع صوتك) حواراته بعد الصلاة مع بعض المصلين رجالاً ونساء. وأفادت آراؤهم عن وجود تجاوب مع الخطاب الديني الذين يستمعون إليه.

يقول أبو آدم "نستمع في المسجد إلى خطاب الإمام الذي يركز على المحبة والتسامح بين الناس، ويدعو إلى المحبة سواء من دين واحد أو أديان مختلفة ونبذ التطرف. وفي ما يتعلق الهجوم الإرهابي فإننا تستنكر هذا العمل وأنا لا أعتقد أن شخصاً له دين يقدم على مثل هذا العمل. أتيت إلى أميركا منذ 13 عاماً ولا يؤثر أبداً شيء كهذا على حياتي في المهجر".

ولا تختلف ردود أفعال النساء عن الرجال. بل تقوم بعضهن بدور توعوي لإرشاد من تتجه إلى اعتناق أفكار متطرفة.

تقول أريج السهيلي وهي ربة منزل "في الدين الإسلامي القتل محرم. بالتأكيد الإمام قام باستنكار هذا العمل لأنه قتل أبرياء. ويؤثر خطابه فينا. فعندما نجد بيننا من لديها فهم مغلوط للحدث نحاول أن نوضح لها اللبس (فلا تتجه للتطرف)".

نحو تصحيح صورة المسلمين في المجتمع الغربي

محمد حسين علي، هو أحد المصلين الذي التقى به موقع (إرفع صوتك) في المركز أثناء الإفطار. يقول محمد، الذي يعمل كمسؤول لحراس الأمن في شركة أميركية، إنه يواجه تساؤلات عديدة من زملائه الغربيين أثناء العمل فيقوم بشرح ما خفي عليهم.

ويعلق على هذا قائلاً "هناك مجموعة من الأشخاص هدفها تشويه الإسلام. وأدى هذا إلى سوء العلاقات بين مواطني الدول الغربية والمسلمين. باعتقادي الشخصي، هناك مجموعة من الناس هدفها الحد من وجود المسلمين في العالم لذا استفادوا من بعض ضعفاء النفوس للقيام بأفعالٍ متطرفة".

وحول دور المراكز الإسلامية والجالية المسلمة في الغرب يقول علي "للمراكز الدينية الإسلامية دور مهم في توضيح رسالة الإسلام. ولرجال الدين هنا دور فاعل في نشر روح التسامح، فهم يتكلمون لغة إنجليزية قوية ولديهم قدرة على الإقناع، قد يستطيعون تغيير الصورة المشوهة لدى الناس. لهذا يجب على الرعية أيضاً أن تتبع هذا النهج. أعتقد أن الـ24 دولة مسلمة الموجودة في الشرق لم تنجح في أن تظهر للعالم معنى الإسلام الحقيقي. لذلك يقع على عاتقنا إيصال صورة صحيحة عن الإسلام، على الأقل عبر تواجدنا في الغرب".

*الصورة: مصلون يتناولون الإفطار بعد صلاة المغرب/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".