بقلم حسن عبّاس:
يوماً بعد يوم، تتزايد نسبة الأوروبيين الذين يعتقدون أن الإسلام يتناقض مع قيمهم ويشكّل "خطراً" عليهم. هؤلاء صاروا يرفضون اعتبار الإسلام جزءاً من هوياتهم الوطنية، رافضين بذلك مفهوم التعددية الثقافية.
يعتبر بعض الباحثين أن هنالك تناقضاً تأسيسياً بين مفهوم الأوروبية وبين الإسلام. ومن هؤلاء روبرت كابلان الذي اعتبر في مقال بعنوان "كيف خلق الإسلام أوروبا؟" أن الوحدة الأوروبية بدأت عبر معارضة الإسلام، فتحدّدت ثقافياً بالضد منه.
في المقابل، هنالك مَن ينتقد فكرة "أوروبا المسيحية" أو "التراث المسيحي اليهودي" لأوروبا، ويقول إن الإسلام جزء مكوّن من أوروبا.
الإسلام... صورة سلبية
لكن معظم المؤشرات تؤكد أن المستوى الشعبي أقل تأثراً بالنقاشات النظرية وأكثر تأثراً بالسجالات السياسية وبما تعرضه وسائل الإعلام. وبحسب مراكز بحثية، لا يعرف الأوروبيون الكثير عن الإسلام وسمعوا به عن طريق الأخبار عن التنظيمات المتطرفة والتقارير عن قمع المرأة.
ولفت المدير التنفيذي لمركز الآراء الخليجية لاستطلاعات الرأي، واﻷستاذ الزائر في جامعة دالاوير الأمريكية، سامر أبو رمّان، إلى أن "هنالك مؤشرات عدّة على أن صورة الأوروبيين عن الإسلام والمسلمين صارت قاتمة".
وشرح لموقع (إرفع صوتك) أن استطلاعات الرأي تكشف ارتفاع نسبة مَن يمتلكون انطباعات سلبية عن الإسلام، بين عامي 2000 و2014.
وتابع أبو رمّان، صاحب كتاب "كيف ينظرون إلينا؟ الإسلام والمسلمون في استطلاعات الرَّأي العالمية"، الصادر عن مركز البيان للبحوث والدراسات، أن نسبة مَن يربطون بين العنف والتطرّف وبين الإسلام زادت، وصار الدين الإسلامي بنظر الأوروبيين ديناً يحضّ على العنف لا على السلام، وأيضاً زاد القلق من صعود التطرّف الإسلامي في جميع أنحاء العالم، ومن تهديده لحياتهم.
الإسلام ليس جزءاً من دولنا
عام 2010، اعتبر الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف أن الإسلام جزء من ألمانيا، ما أثار سجالاً واسعاً. حينذاك، اتفق 49 في المئة من الألمان مع ما قاله رئيسهم مقابل اعتراض 47 في المئة.
لكن اليوم، تغيّر الوضع. فبحسب استطلاع رأي أجراه معهد "إنفراتست ديماب" لصالح إذاعة (دبليو.دي.ار)، في أيار/مايو الماضي، تبيّن أن 60 في المئة من الألمان صاروا يعتبرون أن الإسلام ليس جزءاً من بلدهم، مقابل 34 في المئة فقط.
وفي استطلاع أجراه معهد المعهد الفرنسي للرأي العام "إيفوب"، في نيسان/أبريل 2014، تبيّن أن 43 في المئة من الألمان يرون أن "وجود مجموعة من المسلمين يشكل تهديداً"، في نسبة زادت ثلاث نقاط عن 2010.
وفي رأيهم حول أسباب "عدم اندماج المسلمين بصورة جيدة"، عزا 48 في المئة ذلك إلى التباعد الثقافي الشديد بين ثقافتين، في نسبة زادت بنسبة 14 في المئةعن عام 2010.
وفي فرنسا الوضع ليس أفضل. فقد أشار استطلاع "إيفوب" المذكور إلى أن 47 في المئة من الفرنسيين يعتبرون أن "وجود مجموعة من المسلمين يشكل تهديداً"، وقد زادت هذه النسبة أربع نقاط عن عام 2010.
موضوعات متعلقة:
يمنيو المهجر يناقشون أفكاراً لمكافحة التطرف
كم سيصير عدد المسلمين في الاتحاد الأوروبي عام 2050؟
وبالنسبة لأسباب "عدم اندماج المسلمين بصورة جيدة"، رأى 45 في المئة من الفرنسيين أن السبب هو التباعد الثقافي الشديد، في زيادة خمسة نقاط عن 2010.
أما في بريطانيا، فقد بيّن استطلاع رأي أجرته مؤسسة يوغوف العالمية بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لتفجيرات لندن (7 تموز/يوليو 2005)، أن 56 في المئة من البريطانيين يعتقدون أن الإسلام يشكل تهديداً "كبيراً" أو "بعض التهديد" للديموقراطية الغربية.
مع العلم أن النسبة كانت 46 في المئة، بحسب استطلاع أُجري بعد يوم على تفجيرات لندن. وعام 2001، كانت النسبة 32 في المئة فقط.
وقال أبو رمّان إن "الاعتداءات المتطرفة في الدول الغربية أثرت سلباً على صورة الإسلام والمسلمين. فقد زادت نسبة الأميركيين الذين بذلوا جهداً في التعرّف على الإسلام لفهم ما يحدث بعد اعتداء 11 أيلول/سبتمبر. لكن هذا أدى إلى زيادة مَن ينظرون إلى الإسلام بشكل سلبي".
فقد بيّنت نتائج استطلاع رأي أُجري في أميركا عام 2002 أن 58 في المئة ممن تعرّفوا أكثر على الإسلام لم تتغيّر نظرتهم إليه، و17 في المئة صارت نظرتهم إليه أكثر إيجابية، بينما أشار 21 في المئة إلى أن نظرتهم صارت أكثر سلبية، بحسب أبو رمّان.
الجهل يفاقم المشكلة
وقد خلص استطلاع رأي أجراه العام الماضي وقف بيرتلسمان إلى نتيجة في غاية الأهمية وهي أن نسبة مَن يرون في الإسلام تهديداً تنخفض في الولايات التي يقطنها المسلمون بكثافة، فيما تزيد في الولايات الشرقية التي تقطنها قلة من المسلمين.
فقد رأى 46 في المئة من الألمان في ولاية وستفاليا أن المسلمين يشكلون خطراً عليهم، بينما وصلت تلك النسبة إلى 70 في المئة في ولايتي تورينغن وساكسونيا.
وأكّد أبو رمّان أن "الصورة القاتمة عن الإسلام والمسلمين تخف في أوساط مَن تربطهم علاقة شخصية بمسلمين".
ولفت إلى نقطة هامة هي أن "النظرة إلى الإسلام كدين أكثر قتامة وسلبية من النظرة إلى المسلمين كأشخاص". وبرأيه، "هذا ربما يعود إلى أن المستجيب الغربي، حين أسأله عن المسلم، قد يفهم أنني أسأل عن المسلم الجار الذي يتعامل معه بشكل شخصي فينطبع في ذهنه أنني أسأل عن شخص ومن منطلقات إنسانية لا يُدلي برأي سلبي عنه. بينما ربما ينطبع في ذهنه أن الإسلام هو دين مختلف عن دينه ويناقضه".
وأشار إلى أن "الجهل بالمسلمين يزيد الفجوة"، مبدياً اعتقاده بأن محاربة الإسلاموفوبيا تمرّ بـ"زيادة تواصلنا مع غير المسلمين".
هذه الخلاصة كان أبو رمان قد كتبها، مستشهداً بنتائج استطلاعات رأي أُجريت في كندا وأميركا. وكتب أن الأشخاص الذين لديهم صديق مسلم، "أكثر قابلية للنظر إلى الدِّين الإسلامي بإيجابية" و"أكثر قابلية لأن يروه ديناً مسالماً"، مقارنة بأولئك الذين ليس عندهم صديق مسلم.
*الصورة: مسلمون يقيمون الصلاة/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659