الأردن – بقلم صالح قشطة:
إذا ما اضطرتك ظروفك يوماً لمغادرة البلاد العربية والتوجه إلى إحدى الدول الغربية بغرض الهجرة أو حتى السياحة، فعليك أن تكون مستعداً لحياة ومجتمع قد تجد نمطهما وتفاصيلهما مختلفة عن نمط وتفاصيل حياتك القديمة، والتي قد تُعجب ببعضها وقد تستهجن بعضها الآخر.
ولتضمن خلو رحلتك من أي منغصات، ولتنقل صورة حضارية عن بلدك ومجتمعك، على عكس تلك الصورة النمطية التي رسختها التنظيمات الإرهابية عن العرب عامة والمسلمين خاصة، إليك بعض المواقف والتجارب التي مر بها بعض من سبقك إلى الغرب من الزائرين والمهاجرين العرب الذين التقاهم موقع (إرفع صوتك).
احترام المواعيد
يستذكر ناصر أحمد رحلة انتقاله من بلاده إلى المملكة المتحدة، وأن أول ما لفت نظره كان مدى اهتمام الناس باحترام الدور والوقوف بانتظام في الطوابير، مما يجعل الأمور تسير بسلاسة مهما كان عدد المتواجدين في المكان، وأنه لن ينسى ذلك اليوم الذي وصل فيه متأخراً عن موعد مقابلة العمل.
موضوعات متعلقة:
كم سيصير عدد المسلمين في الاتحاد الأوروبي عام 2050؟
يمنيو المهجر يناقشون أفكاراً لمكافحة التطرف
يقول لموقع (إرفع صوتك) "حاولت أن أمزح وأن أبرر لهم بأن أزمة السير الخانقة كانت سبب تأخيري"، إلا أنه صدم بوجوه جليدية لم تغفر له هذا التأخير، بل وتعاملت معه بكل استخفاف، فكانت الجدية واللباقة واحترام المواعيد من أهم أسباب قبوله بشركة أخرى لاحقاً.
كبح الفضول
وتتفق معه كذلك غادة حسن المقيمة في السويد، التي تؤكد أن أهم ما تعلمته في المهجر هو أن تكبح فضولها، وأن تهتم لشأنها فقط، موضحة "هناك حدود لأسئلة قد تعتبر بمجتمعاتنا عادية، لكنها هنا تعتبر من الخصوصيات، فقد صدمت بنظرات الاستهجان كلما سألت أحدهم عن عمره أو دينه أو ميوله أو حتى راتبه".
وتضيف في حديثها لموقع (إرفع صوتك) أنها تلاحظ أن الكثير من المهاجرين يلجؤون إلى الكذب لمحاولة كسب منح أو مساعدات أو تسهيلات، إلا أنهم سرعان ما يدركون أن حبل الكذب قصير عندما يكتشفون وجود ربط إلكتروني بين الدوائر الحكومية ومختلف الجهات التي تقدم قواعد بيانات دقيقة عن عدد أفراد أسرته وحقيقة وضعه المادي.
ليست معجبة به!
اللاجئ وائل ق.، وقد فضّل التحفظ عن ذكر اسم عائلته، مقيم في كندا، أكد أن الأمر كان يختلط عليه في كثير من المواقف خلال الأيام والأشهر الأولى لوجوده في كندا، فإن تبسمت بوجهه سيدة، ربما تعاطفاً مع حالته، أو لمجرد أنها إنسانة لطيفة ووجهها بشوش، كان يظن أنها معجبة به وأن هدفاً ما يكمن وراء تلك الابتسامة، فيبادلها الابتسامة ويقترح مواعدتها، إلا أنه كان يصطدم بصدها له.
وبات يفهم أنه إن قامت سيدة ما بتقبيله أثناء مصافحته فهذا لا يعني بالضرورة أنها مغرمة به. ويتابع بنبرة ضاحكة لموقع (إرفع صوتك) "بل أصبحت أتحاشى أن أقوم بتقبيل أصدقائي الذكور لدى مصافحتهم، لأن ذلك قد يُفهم بأني مثلي الجنس، تماماً عكس العادات في الدول العربية".
دعاء السفر
أما الموقف الذي تعرض له أحمد مروان ويرويه لموقع (إرفع صوتك) فقد كان في الطائرة قبل وصوله إلى فرنسا، ففور أن بدأت الطائرة تستعد للإقلاع أخد يردد دعاء السفر بصوت مرتفع وملفت للراكب الأوروبي الذي يجلس إلى جانبه، فارتبك المسافر ومازحه قائلاً: "هل تنوي تفجيرنا.. هل عليّ الاتصال بزوجتي لوداعها؟".
ولأن الخوف كان واضحاً بالسؤال، حرص أحمد على ترجمة الدعاء له وشرح مدى أهميته بمعتقد المسلمين، ويوضح أنه منذ ذلك الموقف بات يتفهّم ما يعانيه الغرب من إسلاموفوبيا "جعلت ممارسة شعائري الدينية تتم بهدوء بيني وبين خالقي، وتعلمت احترام حريتهم بما يرتدون من ملابس قد لا تغطي كامل الجسد، وحريتهم بما يشربون ويأكلون من مشروبات ومأكولات محرمة بالدين الإسلامي، وألا أحكم على أي منهم لمجرد اختلاف عاداته ونمط حياته".
مخالفات المرور
ويؤكد رامي موسى المقيم في هولندا أن أكثر ما أرهق ميزانيته هو المخالفات التي كان يرتكبها بحسن نية، ظناً منه أنها لا تؤخذ على محمل الجد كما في كثير من الدول العربية. ويقول لموقع (إرفع صوتك) "هنا عليك احترام الإشارات المرورية وارتداء حزام الأمان، وعدم إلقاء النفايات، واحترام خطوط المشاة وعدم الاصطفاف بشكل مزدوج". بل وحتى قطف الأزهار من الحدائق العامة كانت سبباً لتجريمه وتغريمه بمبالغ طائلة!
ويضيف رامي "أمام كل تلك الصعاب، كانت المهمة الأصعب لي كأب أن أتعامل مع استفزازات أطفالي بهدوء وكياسة وبرود أعصاب، لأن مجرد الصراخ على أطفالك أو ضربهم بحديقة أو سوق قد يجعلك تدفع الثمن غالياً إلى حد حرمانك من أطفالك".
*الصورة: مهاجرون يحاولون العبور إلى أوروبا/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659