المغرب - بقلم زينون عبد العالي:

"الإرهاب أقلق راحتنا وجرّ علينا ويلات لا يد لنا فيها"، بحسرة تعبر فضيلة فتحي، المحامية المغربية التي تعمل بمدينة مونبولييه الفرنسية. "لقد ألصق بالإسلام والمسلمين بالباطل، فأصبحنا نتحاشى الاعتراف بأننا مسلمون أمام الأجانب خشية على أنفسنا من العنصرية والكراهية".

زادت مشاعر الغضب والكراهية ضد مسلمي المهجر منذ بداية استهداف أوروبا من قبل طرف تنظيم داعش الذي يتبنى كل التفجيرات الإرهابية التي وقعت مؤخراً في أوروبا.

موضوعات متعلقة:

بعد أورلاندو… المسلمون والمثلية

كم سيصير عدد المسلمين في الاتحاد الأوروبي عام 2050؟

إسلاموفوبيا في ارتفاع

وتنامت ظاهرة الإسلاموفوبيا في البلدان الأوروبية التي تضم جاليات مهمة من المسلمين كفرنسا وبلجيكا والمانيا التي ظهرت فيها حركة بيغيدا المعادية للمسلمين والأجانب.

وتضيف فضيلة أن زميلاتها ينصحنها بتغيير ديانتها والعيش في سلام مثل باقي الفرنسيين، وبالتالي تجنب العداوة التي تصدر من الكارهين للوجود الإسلامي ببلدان المهجر، وهو ما ترفضه الشابة المغربية التي قضت جل عمرها في أوروبا مفتخرة بانتمائها للإسلام الذي لم يدعُ يوماً إلى ترهيب وقتل الأبرياء، حسب تعبيرها.

عماد يسف، طالب الهندسة في مدينة مارسيليا، يعبر لموقع (إرفع صوتك) عن حجم المعاناة التي يواجهها بسبب مظهره الذي يوحي بأنه مسلم، خاصة وأن أغلب الفرنسيين يعتبرون أي شخص مسلم ملتحي هو بالضرورة يميل للإرهاب، وهو ما نرفضه إطلاقاً – يقول عماد-.

معاناة مزدوجة

هاجر عماد برفقة عائلته الصغيرة إلى فرنسا قبل عقدين من الزمن، للاستقرار بشكل نهائي هناك بعدما حصل على جنسية هذا البلد الذي يعيش فيه حوالي خمسة ملايين مسلم، لكنه لم يظن يوماً أن اختياره العيش هنا "سيكون قراراً خاطئاً نظراً لما نواجهه من إقصاء ونبذ بسبب أصولنا العربية وديننا الإسلامي".

"داعش يقتل وييتم ويشرد، ويبرر أفعاله الإجرامية بكونها منصوص عليها في الدين الاسلامي، وهو ما يضر بنا كمعتنقين لهذه الديانة أولاً ولصورة الإسلام ثانياً"، تضيف فضيلة، التي لم تخف قلقها على مستقبلها في بلد تتزايد فيه الاعتداءات الإرهابية من جهة، ومشاعر الكراهية ضد المسلمين من جهة ثانية.

ويقول عماد إن سبب معاناة مسلمي المهجر هو نتيجة لأعمال داعش الإرهابية بحق الأبرياء، "فالفرد في الغرب لا يهمه أن تدين الإرهاب وتتضامن مع ضحاياه بقدر ما يهمه دينك الذي يتهم بالتحريض على القيام بذلك، وهذا للأسف متجذر في عقول الغربيين".

ويعتقد الرجل المغربي أن إقامة المسلمين بدول المهجر وخاصة تلك التي تكتوي بنار الارهاب، تجر عليهم الويلات بسبب تورط أبناء المهاجرين في أعمال إرهابية "وهذا ما يجعلنا نعيش معاناة مزدوجة، الخوف على أرواحنا، وعلى صورة ديننا".

وتلقي فضيلة باللوم على وسائل الإعلام الغربية التي "عوض أن تظهر حقيقة الإرهاب وعلاقته بالإسلام، فهي تربط بينه بشكل مباشر، دون مراعاة مشاعرنا كمسلمين، وما يمكن أن نتعرض له من قبل المتطرفين المعادين للأجانب وخاصة المسلمين".

حلول ضد الاقصاء

وتشير التقارير الصادرة عن المراكز الإسلامية في أوروبا، إلى ارتفاع موجهة الكراهية والإقصاء ضد المهاجرين وخصوصاً المسلمين، كما أنها ترتفع بشكل أكبر بعد حدوث عمل إرهابي يتورط فيه أشخاص مسلمون أو يتبناه تنظيم داعش الإرهابي.

ويقترح الشاب المغربي أن يعمل مسلمو المهجر على توضيح علاقة الإسلام بالإرهاب الذي يستهدف أوروبا، من خلال الانفتاح على الأجنبي وتعريفه بالدين الإسلامي ونبذه للإرهاب مهما كان نوعه، إضافة إلى دعوة وسائل الإعلام إلى تبني خطاب الاعتدال عوض التجييش وإقصاء المسلمين.

فيما تعتقد فضيلة أن المهاجرين "هم من يدفع ثمن ما يرتكبه داعش ظلماً وعدواناً، وبالتالي فلا بد من محاربة هذا التنظيم بشتى الوسائل، ذلك أن أمن دول المقام من أمننا ما دمنا نتقاسم مجتمعاً واحداً ونعيش فيه جنباً إلى جنب".

*الصورة: "الإرهاب أقلق راحتنا وجرّ علينا ويلات لا يد لنا فيها"/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".