حاوره علي قيس:

المهندس عمر محمد نور الراوي، سياسي نمساوي من أصل عراقي ينتمي للحزب الديموقراطي الاشتراكي النمساوي. ويشغل حالياً منصب عضو برلمان مدينة فيينا وعضو مجلسها البلدي.

لم تمنعه أصوله الدينية الإسلامية من النجاح في عدة جولات انتخابية خاضها خلال مسيرته السياسية.

تمكن من إقناع رئيس وزراء النمسا ورئيس جمهوريتها بتوجيه دعوة رمضانية لتناول طعام الإفطار على مائدة القصر الجمهوري، تضم وجهاء الجالية الإسلامية في العاصمة فيينا، وأصبحت فكرة الدعوة قائمة كتقليد رسمي منذ عام 2003.

موقع (إرفع صوتك) أجرى حواراً مع الراوي. وهذا ما جاء فيه:

س: ما هي المناصب التي تشغلها حالياً؟

ج- أنا عضو في برلمان ولاية فيينا وفي المجلس البلدي لفيينا. وصولي لهذا المكان خضع في الحقيقة لعدة عوامل، فإن الشخص الذي يريد أن ينخرط في الاتجاه السياسي يجب أن تكون لديه رغبة صادقة وصريحة، وأن يكون له تاريخ سياسي. أنا كنت ناشطاً أثناء فترة دراستي الجامعية في اتحاد الطلبة ثم كنت في وظيفتي كمهندس ناشطاً في النقابات وحقوق العمال وكذلك ناشط في المجتمع المدني في مواضيع حقوق الإنسان ومكافحة جميع أنواع التمييز والعنصرية خصوصاً في موضوع الإسلاموفوبيا. هذه الأمور كوّنت لي نوعاً من شبكة العلاقات والوعي السياسي، لكن بالنهاية المسألة مرهونة بالحظ وأن تكون الشخص المناسب في المكان المناسب.

موضوعات متعلقة:

مسلمون في الغرب: يعمل الإرهاب اليوم تحت راية الإسلام

“غسل العار” وصل إلى أوروبا

س: هل أثرت ديانتك كمسلم على وصولك إلى تلك مناصب؟

ج- دخولي الأول في الانتخابات كان في عام 2000 لو دخلت قبلها أو بعدها لربما لم أكن لأحظى بالنجاح، فقد يكون كونك مسلماً مضراً لك أو مفيداً ودافعاً لك بحسب الوضع السياسي العام، خصوصاً إذا كانوا يبحثون عن تمثيل لطائفة معينة وهذا ما حصل معي، لأنهم يحتاجون لممثلين عن التعددية الدينية في المجتمع.

س: ماذا عن سلبيات أن تكون مسلماً؟

ج- إحدى سلبيات كونك مسلماً أنك قد توصم أو يكون عليك ختم في هذا الموضوع. أنا مسؤول التخطيط العمراني والحضاري للمدن، لكن يبقى في ذهن الكثير من الناخبين وكذلك الإعلام أني سياسي من أصول عربية مسلمة وينسون الإمكانيات والإنجازات.

س: ماذا تقدم لتتجاوز العامل الديني وتحظى بقبول المجتمع؟

ج- قبولك وأنت مسلم يعتمد على طريقة تعاملك مع الآخرين. أهم شيء أن يكون هدفك وشعارك أنك لست ممثلاً للمسلمين وإنما أنت سياسي نمساوي من مدينة فيينا، أنا أخدم جميع مواطني هذه البلاد ولا مانع أن يكون لك صبغة أخرى غير صبغتك السياسية، أما إذا كنت تعمل لشريحة معينة ولا تتقبل الآخر ولا تعمل له فلن يتقبلك الآخرون.

س: كم عملية انتخابية خضت، وما هي النتائج التي حصلت عليها؟

ج- أنا الآن في دورتي البرلمانية الرابعة، فزت أربع مرات بالمقعد النيابي وكذلك خضت ثلاث انتخابات على المستوى الفيدرالي وكانت النتيجة مشرفة. لكن اخترت أن أبقى في مجال السياسة المحلية إيماناً مني بأنه كلما كنت قريباً من الناخب، كلما كانت إنجازاتك وإمكانياتك أقوى لخدمة الناس، وفي نفس الوقت ترى الأمور التي تنوي تنفيذها أمام عينيك بالنهاية السياسة المحلية هي التي جعلتني أبقى على مستوى الولاية ولم أختر الذهاب إلى السياسة الفيدرالية أو الأوروبية.

Omar AlRawee Meeting

س: ما هي أهم الجوائز التي حصلت عليها؟

ج- قلدت الوسام الفضي الكبير الذي يمنح من رئيس جمهورية النمسا للخدمات المقدمة للبلاد، ويسمى وسام الشرف الفضي الكبير، لكن في النهاية أحسن جائزة هي خدمتك للمواطن ورضا الآخرين عنك، فإعادة انتخابك لأكثر من مرة هي أفضل جائزة تفوز بها، لأنها تثمين لعملك خلال سنوات يمنحك الثقة أو يسحبها عنك.

س: هل هناك سياسيون من اصول مسلمة يشغلون مناصب مهمة في النمسا؟

ج- أنا لست المسلم الوحيد، فعلى مستوى البرلمان الفيدرالي هناك ثلاثة نواب وصلوا لهذا المكان، الأخت منى الدزدار من أصل فلسطيني أصبحت وزيرة دولة في الحكومة الفيدرالية، هذه المسألة بدأت تدخل في حيز المجال الطبيعي.

س: كم هي نسبة تمثيل المسلمين في الحكومة النمساوية؟

ج- حتى الآن لم نصل إلى مرآة الشعب، فعندما نقول أن نفوس المسلمين في فيينا تقريباً 10 في المئة، فإنك لا ترى 10 في المئة من السياسيين هم من المسلمين. هذا لم نصل إليه حتى الآن، لكن الوضع أصبح مقبولاً وليس فيه غرابة.

س: هل لديك نية في العودة إلى العراق؟

ج- رجوعي إلى بغداد غير وارد لأني منتخب في النمسا، والذين انتخبوني لهم علي حق أن أخدمهم وأوفي بوعدي، أما أن أقدم خدمة لبغداد فأنا مستعد دائماً أن أقدم ما أستطيع من خبرات ونصائح ومساعدتهم في إعادة التفكير السياسي وتخطيط المدن واستقبال الوفود. لن أبخل لا على بغداد ولا جنوب العراق ولا شماله ولا وسطه.

ولا أظن أنه من الإنصاف أن يأتي رجل من خارج العراق ويتسلم مناصب سياسية. أظن أن العراق يجب أن يحكم من سياسيين عاشوا فيه، أما نحن سياسيو الخارج دورنا تقديم المساعدة في إعمار البلد وليس في حكمه.

وقد أثبتت الكثير من التجارب في العالم أنه عندما يأتي السياسيون وهم قضوا أكثر حياتهم في المهجر لم ينجحوا في إدارة بلدهم، وهذا لا ينطبق فقط على الدول العربية، حتى عندما نرى تجارب يوغسلافيا ورومانيا وبلدان أخرى، من حق الشعب أن يحكم من أبناءه وليس من الذين يأتون من الخارج.

*الصور من صفحة السياسي عمر الراوي على فيسبوك/تنشر بإذن منه

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".