أربيل - بقلم متين أمين:

اختارت الناشطة الكردية الإيرانية ليلى ديوبند وعائلتها الهجرة إلى أوروبا وبدء حياة جديدة هناك مع مئات الآلاف من اللاجئين الآخرين الذين اضطروا وبسبب النزاعات والحروب والأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الموجودة في بلادهم إلى تركها والعيش في المجتمعات الغربية التي احتضنتهم.

وتحدثت هذه الناشطة التي تعمل في مجال حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص، لموقع (إرفع صوتك)، عن واقع حياة النساء اللاجئات في أوروبا وتأثير العمليات الإرهابية على صورة اللاجئين في هذه البلدان.

وقال ديوبند "المشاكل تختلف من مكان لآخر ومن شخص لآخر. فهناك اختلاف بين الدول الأوربية من ناحية إيواء اللاجئين والإهتمام بهم والتعامل معهم، فألمانيا تهتم بشكل جيد باللاجئين وخاصة النساء والنساء اللواتي لديهن أطفال".

موضوعات متعلقة:

بعد الخسائر التي تكبّدها… داعش قد يتحوّل إلى حرب العصابات

مسلمون في الغرب: يعمل الإرهاب اليوم تحت راية الإسلام

مشكلة اللغة

وتضيف ديوبند التي وصلت منذ سبعة أشهر إلى ألمانيا مع عائلتها أنه رغم كثافة عدد اللاجئين القادمين إلى أوروبا، إلا أن هذا لم يتسبب في نشوء أزمة في حياة اللاجئين.

"في الحقيقة من أبرز المشاكل التي تواجه اللاجئ هي اللغة، فعدم معرفة اللغة تتسبب في عدم استطاعته التحدث عن مشاكله وإيجاد الحل لها، ومن ثم التأقلم مع المشاكل والعوائق وكافة التطورات الإجابية والسلبية في المجتمع الجديد".

غسل العار

وتُشير الناشطة الكردية إلى أن ظاهرة قتل النساء بحجة غسل العار هي أبرز ظاهرة متفشية بين اللاجئين الشرقيين في أوروبا. وتعتقد أن هذه الظاهرة مرتبطة بشكل مباشر بالتربية الموجودة في المجتمعات الشرقية. "فخلال المدة الماضية التي وصلت فيها إلى ألمانيا، شهدنا ثلاث الى أربع حالات قتل للنساء من قبل عوائلهن بسب العلاقات العاطفية".

وكما تقول ديوبند، فإنها لم تواجه أي تمييز بين الجنسين، النساء والرجال، منذ هجرتها إلى أوروبا. لكنها تشير في الوقت ذاته إلى بعض العنصريين هناك، وتوضح "هناك أعداد محدودة من العنصريين في أوروبا، وهؤلاء العنصريون يكرهون وجود اللاجئين في بلادهم. مع هذا، فتأثيرهم ضعيف على حقوق اللاجئين، لكنهم من الناحية النفسية يثقلون كاهل اللاجئين".

وتؤكد هذه الناشطة أن العمليات الإرهابية التي يشهدها العالم ودول أوروبا تعيق خطوات إيواء اللاجئين ومعاملاتهم من الناحية القانونية، لكنها لم تؤثر على حقوقهم، "فأوروبا اجتازت مرحلة التمييز الديني والقومي والسياسي والجنسي. أما المشاكل الأخرى التي تثقل كاهلنا كلاجئين تتمثل في مشاكلنا النفسية إثر البعد عن الوطن والأهل والشعور بالغربة".

تهديد الإرهاب

وترى ديوبند أن أوروبا مثلها كمثل باقي أنحاء العالم مهددة بالإرهاب، ولا علاقة بوجود اللاجئين على أراضيها بتعرضها لتهديدات الإرهابيين. وتشير "صحيح أن القيم الإنسانية تأتي في المقدمة في الدول الأوروبية، لكن هذا لا يعني أن أوروبا تفتح الباب للإرهابيين فهي رغم حاجتها إلى اللاجئين كإمكانيات بشرية، إلا أنها في الوقت ذاته تمتلك نظاما أمنياً وتربوياً متقدماً، يحسب الحساب لكافة المخاطر الإرهابية ومحاولات الإرهابيين التسلل إلى أراضيها، وكذلك المواطن في المجتمع الأوربي بمثابة عنصر أمني يحافظ على أمن دولته، فأوروبا مهددة من قبل الإرهاب سواء بوجود اللاجئين أو عدم وجودهم".

*الصورة: ظاهرة قتل النساء بحجة غسل العار هي أبرز ظاهرة متفشية بين اللاجئين الشرقيين في أوروبا/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".