بقلم علي عبد الأمير:
منذ الاعتداءات التي نفذها تنظيم القاعدة بزعامة زعيمها السابق أسامة بن لادن على الولايات المتحدة، في أيلول/سبتمبر 2001، حتى المجزرة التي نفذها الأفغاني الأصل عمر متين في أورلاندو بولاية فلوريدا، ثمة الكثير من القتل تحت راية الإسلام. وهو ما ظل كثير من معتنقي الدين المحمدي في أميركا، يرفضونه رفضاً قاطعاً، مؤكدين أنهم ملتزمون بالمشاركة الإيجابية في البلاد التي لجأوا إليها بحثاً عن فرص حياة كريمة افتقدوها في بلادهم الأصلية.
وفيما يبدو الاستثمار السياسي الأميركي للاعتداء أمراً طبيعياً، لا سيما في الصراع الانتخابي على البيت الأبيض بين الجمهوريين والديمقراطيين، إلا ان إنتقال الحدث الى المستوى الثقافي، هو ما يخيف مسلمين كثر في الولايات المتحدة. فثمة تيار محافظ واسع يشدد على أن السلوك العدواني والخلل الإنساني الذي يعنيه قيام مسلم أميركي بقتل هذا العدد من مواطنيه بحجة أنهم "مثليون" هو "جوهر عدواني يبرره خلل قائم في الإسلام نفسه"، وتلك نبرة باتت تتكرر وتتصاعد في أحاديث نسبة غير قليلة من الجمهوريين والمحافظين الذين يمثلهم المرشح دونالد ترامب.
ثقافة ضدية للإسلام
وعن هذا الجانب السياسي، يكتب الطبيب والسياسي العراقي المقيم في أميركا، د جعفر المظفر، "على مستوى الفريقين الأميركيين المتصارعين انتخابياً وسياسياً، فإن الموقف الثقافي والاجتماعي من المسلمين بدأ يميل إلى التناغم والتجانس، أي أن الطرفين، وخلفهما المجتمعات عامة بدأت بتبني ثقافة ضدية للإسلام والمسلمين وبما يبشر بقرب تأسيس ثقافة ضدية مشتركة عامة لن تستطيع السياسة أن تغطي عليها، وليس من الغريب أن المعركة هذه ستنتقل من التضاد المبدئي إلى التناغم ليصير الاختلاف بينها في خدمة من يكره المسلمين أكثر وليس بين من يخاصمهم وبين من يدافع عنهم".
موضوعات متعلقة:
“غسل العار” وصل إلى أوروبا
عمر الراوي: تحدٍ كبير أن تكون سياسياً مسلماً
اللافت أن هذا الجانب من "الخلل الثقافي والإنساني" في الإسلام، لا يرد في أحاديث يرددها محافظون أميركيون وغربيون، بل أكاديميون عرب، منهم أبو أحمد القرني، الذي ينتقد مواقف "شيوخ الإسلام" في تغريدة على "تويتر"، موضحاً أن من لم يدن الارهاب ضد المسلمين لن يدين إرهاباً ضد "مثليين وكفار"، هذا إن لم يباركه ويدعو للإرهابي (بالرحمة والمغفرة).
مثليو أميركا وأفغانستان وتتصدى الكاتبة الكويتية دلع المفتي لتهافت ذريعة القاتل الأفغاني الأصل، حين برر جريمته بكونها انتقاماً من آثام المثليين لتقول في تغريدة لها "عمر متين الذي قتل ٥٠ شخصاً في #أورلاندو بعذر أنهم مثليين، ليته اهتم بموضوع "البازي باشا" أو لعب الغلمان الذي يمارس في بلده الأم أفغانستان"، في إشارة إلى شيوع ثقافة مثلية واسعة في بلاده الأصلية، دون أن تعتبر عيباً أو حراماً.لن تجد شيخا واحدا يدين #تفجير_اورلاندو، لأنه لم يدين الارهاب ضد المسلمين فكيف سيدين ارهابا ضد مثليين+كفار، هذا إن لم يباركه ويدعو للإرهابي.
— أبو أحمد القرني (@abuahmedalqarni) June 12, 2016
عمر متين الذي قتل ٥٠ شخصا في #أورلاندو بعذر أنهم مثليين، ليته اهتم بموضوع "البازي باشا" أو لعب الغلمان الذي يمارس في بلده الأم أفغانستان. — دلع المفتي (@dalaaalmoufti) June 13, 2016
"اختطاف دين السلام من قبل الإرهاب"
بذرائع كالتي قدمها متين أو غيرها "يعمل الإرهاب اليوم تحت راية الإسلام"، بحسب السياسي والكاتب العراقي المقيم في بريطانيا، ضرغام جواد كاظم، في كتاب وضعه بالإنجليزية، متوقفاً عند الساعات الأولى من صباح الإثنين، 2 أيار/مايو 2011، حين أعلن الرئيس باراك أوباما للعالم مقتل أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي على يد مجموعة قتالية أميركية، ليصل إلى أن "الإرهابي رقم واحد في العالم قتل، لكن أيديولوجية العنف التي يؤمن بها ويتبناها هو وأتباعه لا تزال على قيد الحياة".
ويرى الكاتب كاظم، أنّه وعلى مر القرون، تعايش الإسلام وتفاعل مع الأديان والثقافات والحضارات، متسائلاً "إذن، لماذا يستخدم الإسلام الآن كحاضنة للعنف؟ ماذا يعرف هؤلاء الشباب المسلمون، الذين يقتلون أنفسهم ويدمرون حياة الآخرين، عن دينهم؟ هل هم على علم بأن الانتحار خطيئة كبرى في الإسلام؟ وأن قتل نفس بريئة هو جريمة لا تغتفر في الإسلام؟ هل يدركون أن دعاة الكراهية يروجون لنسختهم الخاصة والشاذة من الإسلام؟".
ويسعى كتاب، ضرغام جواد كاظم، إلى تقديم إجابات منهجية لهذه الأسئلة التي تتعلق بعمل الإرهاب اليوم تحت غطاء الإسلام.
*الصورة: الإرهاب حين يبدو مرادفاً للإسلام في الغرب/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659