متابعة رحمة حجّة:

أكدّت الأستاذة الجامعية من العراق نهى الدرويش، أن المبدأ الأساسي لتنظيم داعش هو "الهدم من أجل بناء دولة الخلافة"، أما الإصلاح فليس من اهتماماته.

كما يمثل العنف الأسري، أحد الأسباب الأساسية للانخراط مع التيارات المتشددة، حسبما قالت الدرويش، التي تدرس مادتي علم النفس وحقوق الإنسان في كلية التربية-ابن الهيثم في بغداد. وجاء حديثها خلال حلقة الأربعاء، 22 حزيران/يونيو، من برنامج "شنو رأيك" الذي يُبث على إذاعة "راديو سوا"، وكان موضوع الحلقة "استهداف داعش للعلاقات الأسرية".

"العُنف بالعُنف"

وأوضحت الأستاذة الدرويش أنه حين يتمكن الإنسان من حل أي مشكلة بعضلاته، سيستسهل الأمر ويواجه كل شيء بالعُنف، خاصّة إذا تعرّض لمثيل ذلك في أسرته.

وهذا الشعور ينمو مع الإنسان في ما بعد، وفق الدرويش، سينشأ لديه يقين بأن المجتمع متسلّط والدولة كذلك، وأنه مظلوم من الجميع، فيصبح من السهل أن يميل للجماعات المتطرفة بدعوى التمرّد على هذا الظلم.

موضوعات متعلقة:

هكذا يندمج اللاجئون في المجتمعات الغربية

“غسل العار” وصل إلى أوروبا

وقالت إن التنظيمات الإرهابية، مثل داعش، لا تستطيع التأثير أو الدخول إلى المجتمعات المتماسكة، إنما التي يَعلم بضعف تماسكها وتعدد طوائفها وتنازع فئات مختلفة فيها، مشيرة إلى أن داعش يشبه في ذلك الشيء "الجرثومة التي تفتك بالجسد ذي المناعة الضعيفة".

"الانتحار من أجل التطهُّر"

 وبرنامج "شنو رأيك" الذي يقدمه الزميلان أزمر أحمد وفاطمة طالب، من استوديوهات "راديو سوا" في العراق، يعتمد في نقاشه القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي والعربي، عبر استقباله الاتصالات أثناء بثه المباشر، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي مشاركته، قال المتصّل "دارة" من مدينة السليمانية، إن تنظيم "داعش ينظُر للأسرة باعتبارها مكاناً لتحقيق رغبات الرجل وهو يفرّق بين أفرادها ويرفض المساواة".

الدرويش عقّبت على حديث "دارة" بتأكيده، موضحةً أن "داعش لا يؤمن بالأسرة  فهي ببساطة مكونة من أم وأب وأطفال، والرجال وحدهم هم أهم ما ينظر إليه التنظيم".

وتابعت "فكرة داعش تقوم على أن دور الرجال هو بناء دولة الخلافة، فيما النساء محطات استراحة لمن يُسمّيهم المجاهدين، والأطفال مشاريع لجنود الدولة في المستقبل".

وعن تجنيد الشبان والمراهقين في صفوف داعش، أكدت الدرويش أنه يستغل نقاط ضعف أسرية لجرّهم إلى قتل أنفسهم بدعوى "التطهّر من الذنوب والآثام".

لكن كيف هذا؟

تقول الدرويش إن كل إنسان معرّض للخطأ، لكن داعش  يضخم الأخطاء ويعزز اليقين لدى صاحبها أو من وقع بحقه الخطأ، بأن الخلاص يكمن في الانتحار من أجل دخول الجنة.

وتعطي الدرويش مثالاً على ذلك إذا كانت الأم غير محجبة في فترة سابقة من حياتها، يقنع التنظيم الطرف الأول بأن هذا خطأ كبير وستدخل أمه لجهنم إذا لم يُساعدها على النجاة، ونجاتها بموته، أي الانتحار.

كما أن بعض الشبّان وقعوا ضحية الاغتصاب أو التحرش الجنسي في طفولتهم، لكنهم لا يفصحون عن ذلك بسبب ثقافة المجتمع التي لا تتقبل هذه الأمور ببساطة، فماذا يفعل عناصر داعش؟ وفق الدرويش، يعرف داعش بهذه الحوادث عبر الاعترافات المباشرة من هؤلاء الشبًان، وهو بدوره يستغلها ويضخم الشعور بالذنب، لتنفيذ غاياته في تجنيدهم.

"القانون يعيق العلاج النفسي"

 ورداً على سؤال "شنو رأيك" للأستاذة نهى الدرويش، حول قضية النساء الأسيرات لدى تنظيم داعش والجهود المبذولة من أجلهن، قالت إنّه تمّ تناولها في ندوات ومؤتمرات عدة، كما قدمت الأوراق البحثية آراء ومقترحات لصانعي القرار،  لكن المشكلة الأساسية كيف نحصل عليهن، إذ من الصعب تخليصهن من قبضة التنظيم.

وأشارت إلى وجود مساعٍ لـ"شرائهن من داعش برغم ما تتبعه هذه الخطوة من دعم ماليّ له إلا أن الإنسانية تقتضي تخليصهن".

وبالنسبة للناجيات من قبضة داعش، تلفت الدرويش إلى أن هؤلاء يحتجن رعاية نفسية وصحية خاصة، وهن لم ينخرطن مع داعش طواعية، ويجب التعامل معهن كضحايا، فما تعرضن له من خطف واغتصاب وتغيير دينهن، لا يمكن تجاوزه بسهولة.

وأوضحت الدرويش أن ما يلزم الناجيات بدايةً هو تشخيص الحالات النفسية اللاتي يعانينها، ثم كل حالة تتخذ مسار العلاج المناسب لها.

هل يملك العراق الكوادر اللازمة لهذه العملية؟

وحول سؤال ما إذا كان العراق يملك الكوادر اللازمة لهذه العملية، تجيب الدرويش بأسف "لا"، وتكمل "عدد الأخصاء النفسيين قليل جداً وهم غير مدربين على علاج حالات مشابهة، والقانون العراقي لا يسمح بممارسة مهامهم في العلاج السلوكي".

وكشفت الدرويش أن منظمات دولية  تقوم بإرسال ناجيات إلى خارج العراق من أجل العلاج، عبر تغيير البيئة ونسيان ما حدث معهم، لكن هذا العمل يتم بشكل "شبه سرّي" حفاظاً على حياتهن وعائلاتهن.

*الصورة: "المشكلة الأساسية كيف نحصل عليهن، إذ من الصعب تخليصهن من قبضة التنظيم"/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق "واتساب" على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".