بقلم خالد الغالي:

لا يشكل المسلمون سوى واحد في المئة من سكان الولايات المتحدة الأميركية. ومع ذلك، يحتلون مكانا هاما في خطابات المرشحين للانتخابات الرئاسية الأميركية. وتكون القضايا المرتبطة بهم دائما محل خلاف حاد يبلغ درجة المزايدات السياسية، خاصة إثر كل هجوم إرهابي.

مزيدات انتخابية

لم يشذ هجوم أورلاندو الأخير على ملهى للمثليين عن القاعدة. فبمجرد ما تبين أن منفذه أميركي مسلم من أصل أفغاني، اسمه عمر متين، حتى انبرى المرشح الجمهوري دونالد ترامب مجددا مطالبه بمنع المسلمين من دخول أميركا.

موضوعات متعلقة:

تصاعد التوتر بين جماعات مسلّحة سوريّة مدعومة من أميركا

تعرّف على قوانين الحرية الدينية في الولايات المتحدة

وألقى ترامب باللائمة في الهجوم على إدارة الرئيس باراك أوباما "الضعيفة وغير الفعالة"، معتبرا أن خصمه المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون ستكون استمرارا لسياسة أوباما بخصوص الهجرة. وقال ترامب في تغريدة على حسابه في موقع تويتر، حيث يتابعه أكثر من تسعة ملايين شخص "شكرا مجتمع المثليين! سأحارب من أجلكم، في حين ستقوم هيلاري بجلب المزيد من الناس الذين يهددون حرياتكم وما تؤمنون به".

https://twitter.com/realDonaldTrump/status/742771576039460864

وفي سياق هجومه على كلينتون، نشر المرشح الجمهوري "طلبا" وجهته له إحدى مؤيداته، تقول فيه "ترامب! رجاء اجعلنا أكثر أمنا. لا يمكن أن تكون هيلاري رئيستنا. سنقع في الكثير من المشاكل"، في إشارة إلى "تساهل" كلينتون بخصوص قضايا الهجرة.

https://twitter.com/realDonaldTrump/status/742069634652835841

من جهتها، ردت المرشحة الديموقراطية بهجوم شديد على تصريحات دونالد ترامب. وقالت على حسابها في تويتر "المنع الذي يقترحه ترامب بخصوص المسلمين خاطئ وخطير، وفي مثل هذه الظروف مجرد هراء. إرهابي أورلاندوا ولد في كوينز (في نيويورك)، مثل دونالد ترامب تماما".

https://twitter.com/HillaryClinton/status/742758405845176320

المسلمون يصوتون

يبدو أن مسلمي أميركا لا يقفون مكتوفي الأيدي أمام الصراع الدائر حولهم. وأشار استطلاع للرأي نظمه مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية كير (CAIR)، في واشنطن، في كانون الثاني/يناير، أن 73 في المئة من الناخبين المسلمين أكدوا إنهم سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات التمهيدية.

وفي استطلاع آخر نظمه المجلس نفسه، بالتزامن مع "الثلاثاء الكبير"، في 1 آذار/مارس، تبين أن القضية الرئيسية التي تشغل بال الناخبين الأميركيين المسلمين هي الرهاب من الإسلام (الإسلاموفوبيا). وهو ما يفسر أن ما يقرب من نصف المسلمين (46 في المئة) بينوا أنهم يدعمون المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، في حين لم يدعم المرشح الجمهوري دونالد ترامب سوى 11 في المئة.

وقال حينها المدير التنفيذي لـ(كير) نهاد عوض "الناخبون المسلمون الأميركون قلقون من التصريحات الغير مسبوقة والمعادية للمسلمين، التي استخدمها المرشحون للانتخابات الرئاسية، لذلك فإن الذهاب إلى صناديق الاقتراع بأعداد متزايدة على المستويين الدولي والوطني سيجعل أصواتهم مسموعة من قبل المرشحين".

وعرفت سنة 2015 أكبر عدد من جرائم الكراهية تجاه المسلمين منذ أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، لذا جاءت الإسلاموفوبيا على رأس القضايا التي تهم الناخبين المسلمين في أميركا.

مليون ناخب

أطلقت أكثر من 20 منظمة، ملتئمة تحت مظلة المجلس الأميركي للمنظمات الإسلامية (USCMO)، في نهاية سنة 2015، حملة لحث مسلمي الولايات المتحدة على المشاركة بقوة في الانتخابات الرئاسية الأميركية. وتهدف الحملة التي أطلق عليها اسم "أميركا واحدة"، إلى تسجيل مليون ناخب مسلم على الأقل.

وأطلق المجلس الأميركي للمنظمات الإسلامية موقعا على الإنترنت للترويج للحملة، ومساعدة الراغبين في التسجيل في الانتخابات.

وبدوره، يدير المعهد العربي الأميركي، في واشنطن، حملة مشابهة منذ سنة 1998، باسم "يلا نصوت" (YallaVote).

وتقول مسؤولة العلاقات مع الحكومة في المعهد نادية عزيز في تصريح لموقع (إرفع صوتك) إن "العرب الأميركيين من أكثر الأقليات الإثنية التي تشارك في الانتخابات. وبطبيعة الحال يمكنهم إحداث الفرق".

وتضيف "إنهم يقدرون بحوالي 3.7 مليون نسمة، وهم متمركزون في عدد من الولايات التي  تكون فيها المنافسة على أشدها (غير محسومة لصالح حزب معين) مثل بنسلفانيا، وفلوريدا، وفيرجينيا، وأوهايو، وميشيغان حيث يوجد أكبر تمركز للعرب. هذه الولايات مهمة جدا في الانتخابات وحاسمة للمرشحين، وإذا توجه العرب بكثافة في التصويت يمكنهم أن يلعبوا دورا ترجيحيا".

وعن حملة "يلا نصوت"، تقول نادية عزيز "نوفر المعلومات الضرورية للعرب الأميركيين حول المترشحين ومواقفهم حول القضايا التي تهمهم... سواء التي تعني كل الأميركيين، مثل الاقتصاد والوظائف والتربية والرعاية الصحية، أو القضايا التي تهم المنطقة العربية".

وتتابع "ننظم أيضا مجموعات عمل لمساعدة العرب الأميركيين على التسجيل في الانتخابات. ونشجعهم أيضا على الانخراط في الأحزاب السياسية، والترشح للمناصب".

*الصورة: أميركيتان مسلمتان أمام مركز للتصويت في ولاية نيويورك خلال الانتخابات التمهيدية/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".