بقلم علي قيس:

يؤكد شهود عيان ومسؤولون حكوميون أن من أهم أسباب زيادة عدد ضحايا تفجير الكرادة الذي حصل قرابة الساعة الواحدة بعد منتصف الليل يوم الأحد، 3 تموز/يوليو، هو خلو البنايات المحترقة من شروط السلامة والأمان من أدوات إطفاء الحرائق وسلالم الهروب، فضلاً عن تأخر وصول فرق الدفاع المدني ومعالجتها النيران.

"كان هناك زخم في الشوارع بسبب القطوعات التي وضعتها القوات الأمنية إضافة إلى كثرة العجلات العسكرية، ما أدى إلى انسداد جميع مداخل الكرادة"، يقول مدير العلاقات والإعلام في مديرية الدفاع المدني العميد كاظم بشير، مؤكداً في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن "فرق الدفاع المدني وصلت بوقت قياسي وباشرت بإجراءاتها قياساً إلى وقت الإخبار الذي أتاها".

ويتابع بشير "الحديث عن تأخر إخماد النيران لساعات عار عن الصحة، كان من الممكن النجاة لو صعد الشخص إلى أعلى البناية لأن الهواء موجود، والتأخر في عملية إنزالهم كانت بسبب انشغال الفرق بإخماد النيران في الطوابق الأرضية والثانية".

وحول موضوع خلو الأبنية من شروط السلامة، أوضح مدير العلاقات والإعلام في الدفاع المدني "دائرة التصاميم في أمانة بغداد هي المسؤولة عن وضع التصاميم للأبنية وأغلب المباني تقوم بتشييدها ووضع تصاميمها دون موافقات الدفاع المدني، وفيما يخص الأبنية التي احترقت في الكرادة كانت مخالفة لقانون الدفاع المدني رقم 44 لعام 2013 وتم إحالة موضوعها إلى المحاكم".

ويلفت العميد كاظم بشير إلى أن "فرق الدفاع المدني أجرت جولة ميدانية قبل الحادث على كل الأبنية المخالفة لقانون الدفاع المدني في بغداد والمحافظات وبضمنها التي احترقت في الكرادة، وهذه الحالة مثبتة في سجلات الدفاع المدني".

تبادل في إلقاء اللوم وتوجيه التهم

"شيء مؤلم أن تلقي كل جهة اللوم على الأخرى"، يقول مدير العلاقات والإعلام في أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة في معرض رده على اتهام الأمانة بمنح التصاميم دون العودة إلى مديرية الدفاع المدني. ويؤكد في حديث لموقع (إرفع صوتك) "لا يمكن لدائرة التصاميم في أمانة بغداد أن تمنح إجازة البناء إذا لم تصلها كتب مصادقة مختومة من كل الجهات المعنية وأولها الدفاع المدني".

ويتابع عبد الزهرة "دائرة التصاميم ملزمة بعدم منح إجازة البناء بعد مصادقة شركة هندسية مجازة، ومديرية الدفاع المدني والدوائر ذات العلاقة في أمانة بغداد مثل الماء والطرق وغيرها".

ويشدد مدير العلاقات والإعلام في أمانة بغداد على أن بنايات الكرادة بنيت بعد موافقة الدفاع المدني، متسائلاً "كيف أرسلوا كتاب عدم ممانعة في منح إجازة البناء إذا لم يتأكدوا من وجود شروط السلامة؟".

ويختتم عبد الزهرة حديثه بالقول "إذا كانت الأمانة قد منحت الإجازة لأي بناية في بغداد من دون موافقة الدفاع المدني، فعليهم أن يثبتوا ذلك".

الدفاع المدني جهاز مترهل

وكان وزير الداخلية المستقيل محمد الغبان قد أشار إلى تقصير فرق الدفاع المدني في إنقاذ من حاصرتهم النيران في تفجير الكرادة. وقال في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء، 5 تموز/يوليو، إن "الدفاع المدني دائرة تابعة لوزارة الداخلية واكتشفتُ بعد أشهر من وجودي أن هناك كثيرين يرغبون بالنقل إليها، وحين دققت في ذلك وجدت أن هناك من ينظر إلى العمل فيها على أنه انتقال إلى دار استراحة، وهكذا فإنها دائرة تضم أعدادا كبيرة لا تتمتع بمؤهلات".

وأعلن الغبان في المؤتمر نفسه تقديم استقالته إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي، بعد انتقادات واسعة لأداء أجهزة وزارته إثر التفجير.

في المقابل، رفض مدير العلاقات والإعلام في مديرية الدفاع المدني العميد كاظم بشير الرد على تصريحات الوزير، لكنه قال إن الحديث الذي صدر من بعض المراقبين والمحللين عن عدم كفاءة جهاز الدفاع المدني "عار عن الصحة". وأضاف "هناك حوادث ضخمة كثيرة حصلت منذ عام 2003 نجحت فرق الدفاع المدني في معالجتها".

ويوضح بشير أن من بين تلك الحوادث حرائق سوق الشورجة وأسواق أخرى وحرائق في عدد من الوزارات. "وآخر حادث ضخم كان معمل غاز التاجي الذي لو انفجر بالكامل لتضررت نصف مناطق العاصمة".

*الصورة: مخلفات تفجير الكرادة/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".