بقلم إلسي مِلكونيان:

تترك التفجيرات الإرهابية آثاراً جسيمة على حياة الأفراد والممتلكات العامة والخاصة. لكن هناك عدد من التدابير الوقائية أوضحها أطباء ومسؤولون عراقيون في مداخلات لموقع (إرفع صوتك) تساعد على تخفيف وطأة هذه الهجمات بعد وقوعها.

ويذكر أن للعراق تجربة طويلة في التعامل مع هذا الموضوع على مدى الأعوام الـ13 المنصرمة. لذا يمكن لأي مواطن في الدول العربية الاستفادة من هذه النصائح أيضاً.

 إجراءات فور وقوع الحادث 

"المشكلة الأولى التي نواجهها مع الناس هي أنهم يتدخلون بعملنا. ففي تفجير الكرادة الأخير، كنا نطلب منهم عدم التجمع لكي نؤدي واجبنا وهو عمل تخصصي وميداني"، حسب العميد كاظم بشير، مدير العلاقات والإعلام في المقر العام لمديرية الدفاع المدني.

وأضاف البشير أن هناك مجموعة من الإرشادات والتوصيات التي يجب على ربة المنزل وسائق السيارة والناس في مكان العمل إتباعها عند وقوع الحادث على الشكل الآتي:

-  إبعاد الأطفال عن مكان الحادث إلى مكان آمن والحرص على عدم اقترابهم من الأدوات الجارحة ومصادر التيار الكهربائي.

-  الإنتباه إلى المواد القابلة للاشتعال بعد أي تفجير ونقلها بعيداً عن النيران حيث يمكن أن تزيد من سرعة انتشار الحرائق وخطرها.

-  ضرورة اقتناء مطافئ للحريق وتثبيتها في السيارة والمنزل ومكان العمل للتعامل مع الحرائق التي قد تنتشر بعد التفجيرات.

-  فصل التيار الكهربائي وفتح الأبواب والشبابيك.

-  حفظ رقم الدفاع المدني ضمن الأجهزة الخلوية للاتصال بهم وهي خدمة مجانية.

-   أما سائقو السيارات فيجب أن يسلكوا الطرق الفرعية للابتعاد عن الحادث مع الالتزام بضوابط السير التي قد تتغير عند وقوع الحادث، وأن يفسحوا المجال لمركبات الدفاع المدني للوصول إلى مكان الحادث بأقصى سرعة.

إجراءات لإنقاذ المصابين والجرحى بعد الحادث الإرهابي

يمثل إسعاف الجرحى تحدياً آخر، إذ يصعب أحياناً وصول وحدات الإسعاف لإنقاذ الجرحى، وتبرز هنا أهمية الإسعافات الأولية إلى حين وصول الاختصاصيين.

لكن يحذر الدكتور عبد الغني الساعدي مدير عام دائرة صحة الرصافة من خطورة هذا الموضوع قائلاً "عندما لا يكون الأشخاص مدربين، ننصحهم بعدم القيام بإلاسعافات الأولية أو حتى التنفس الاصطناعي لأنها قد تسيء للمريض".

ويضيف "لكن من لديه إلمام بتدابير الإسعافات الأولية، يمكنه نقل الجريح إلى مكانٍ آمن لكي تجرى له عملية التنفس الاصطناعي أو تضميد الجراح أو حتى إيقاف النزف".

 من تجربته، يؤكد الساعدي يؤكد أن وحدات الإسعاف في العراق يمكنها الوصول إلى أي مكان بأقل من 10 دقائق وأن التعامل مع الحالات يكون حسب شدة الحالة.

 يجب الانتباه للصدمات النفسية أيضاً

عندما يتعرض الإنسان لمشاهد الحرب من دم ودمار، فهو قد يتعرض إلى صدمات نفسية أيضاً. وينصح حينها باللجوء إلى الطبيب النفسي كي لا يؤدي ذلك إلى أمراض مزمنة، حسب ما تشرحه نهى الدرويش، الطبيبة المتخصصة بالأمراض النفسية.

تقول درويش "هناك أعراض تعتبر بمثابة الدليل على إصابة الشخص بصدمة نفسية جراء الحرب، وهي: الكوابيس المستمرة، الشعور بالرعب، قلة النوم، الرعشة باليدين، جفاف الحلق، اضطراب السلوك واضطراب الذاكرة، والنسيان المتكرر، وخصوصاً نسيان الأرقام. أما الأعراض عند الأطفال فهي أشد وطأة لأنهم قد يعانون من الكوابيس والخوف لدى سماع أصوات عالية كصوت طائرة مثلاً ".

وتضيف الدرويش أن طرق العلاج تقع على عاتق المجتمع برمته. في ظل نقص أخصائيين سلوكيين  في العالم العربي ككل، تنصح الدرويش بالتدابير التالية:

- أن تتم مساعدة الشخص على تجنب مشاهدة أي شيء فيه مظاهر العنف والدم وتجنب مشاهدة أو سماع الأحاديث حول العنف واستجراره للتحدث عن تفاصيل ما شاهد. فاسترجاع الذكريات المؤلمة للمواقف التي مر بها تزيد من آلامه.

- الاعتماد على الأطعمة الجيدة التي فيها نسبة جيدة من الفيتامينات وخصوصاً بي 6 وبي12 لأنها مقوية للأعصاب. كما يجب أن يتساعد أفراد الأسرة لإخراج الشخص من الحالة التي يمر بها.

*الصورة: التدابير الوقائية تساعد على تخفيض وطأة هذا الحوادث/ Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".