الجزائر – بقلم أميل العمراوي:
أثارت العمليات الإرهابية التي هزت العراق والسعودية قبل أيام استنكاراً شعبياً واسعاً في أوساط الجزائريين، خصوصاً وأنها أوقعت مئات القتلى من المدنيين الأبرياء قبل عيد الفطر.
وفي حديثهم لموقع (إرفع صوتك)، اتفق جزائريون على أن الإرهاب لا يمكن أن يكون ديناً ولا فكراً يؤسس لمشروع مجتمع كما يحاول منظروه التسويق له عبر الأناشيد التجييشية، والخطب المحرضة على نبذ الآخر وكبح جهود الرقي بالمجتمعات العربية إلى مصاف الدول المتطورة.
الضغينة
نوال دماد، مربية بإحدى روضات الأطفال بالعاصمة، تقول إنها لم تعد تفهم من أين يأتي الإرهابي بالضغينة التي تجعله يقتل إنساناً آخر وهو لا يعرفه حتى.
وتقول في حديثها لموقع (إرفع صوتك) "لا أفهم من أين يأتي هؤلاء بهذا القدر من الكراهية، أسأل الله أن يرفع عنا هذا البلاء، لقد ابتلينا بالإرهاب في الجزائر سنوات التسعينيات وما زال الجرح لم يندمل بعد. ونحن نؤكد مؤازرتنا للإنسانية جمعاء ضد الإرهاب بجميع أشكاله، لأنهم لا يملكون للإنسانية إلا الدمار".
طاعون القرن
من جانبها ترى السيدة نسيمة بولطيور، صاحبة محل لبيع الملابس النسائية، أن الإرهابي لا يمكن أن يكون في كامل وعيه حين يقتل نفسه.
موضوعات متعلقة:
أكثر 10 عمليات دموية في العراق منذ 2003
عراقيون: صارت الأمنية أن نبقى على قيد الحياة فقط
وتقول لموقع (إرفع صوتك) "لا أقبل بتاتاً أن يقول لي قائل إن هذا القاتل يكافح من أجل قضية ما، بل هو مريض لا يتحكم بجميع مشاعره، هل يمكن أن أقتلك لأقنع أخاك باتباعي؟ أرى أن الإرهاب أضحى طاعون القرن".
لكم دينكم ولي دين.. الاختلاف
الشيخ ملياني محمد، الذي يؤم الناس بمصلى القدس في بو اسماعيل غربي العاصمة، يقول لموقع (إرفع صوتك) إن "الإرهابي شخص فاقد للوعي وليس بالمتحكم بجميع ملكاته العقلية، لأن الله حرم قتل النفس والاعتداء على الحرمات سواء كانت زمنية أو مكانية".
"لقد نهى الله عز وجل على قتل النفس. وهو تماماً ما يفعله الإرهابيون. بل ونهى، نهي التحريم التعدي على الأيام الحرم ومقدسات المسلمين وأنهى الصراع بين المسلمين وغيرهم بقوله (لكم دينكم ولي دين)، أليس هذا عكس ما يفعله الإرهابيون تماماً"، يضيف رجل الدين.
وبخصوص ما إذا كان الانتحاري حاملا لفكرةٍ ينوي نشرها في أوساط مجتمعه، يؤكد الشيخ ملياني أن الدين الإسلامي لم يترك شيئاً إلا فصل فيه "حيث يقول الله في كتابه (لا إكراه في الدين) وهو مبدأ أساسي في التعامل مع الآخر لا يأبه به الإرهابيون وهو دليل صريح على أن الإرهاب لا يعترف بأي منطلق فكري، بل هو منظومة شيطانية هدفها التخريب والفساد في أرض الله وعباده".
ويضيف الشيخ "الانتحار من كبائر الذنوب، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به، وهو دليل آخر على ضلالة هذه الفئة".
أفكارٌ تستهوي المرضى
الطاهر عياشي، سائق حافلة بمحافظة تيبازة (70 كلم غرب العاصمة)، سأله موقع (إرفع صوتك) عن رؤيته لمن يسمي نفسه مدافعاً عن الإسلام وهو يقتل المسيحي واليهودي والمسلم على حد سواء و يبرر ذلك بانتصاره للدين فكانت إجابته أشبه بإجابة المختص في علم النفس.
"لا بد من التأكيد على أمر مهم وهو أن الانتحاري في العموم شخص لا يثق كثيراَ في نفسه وهو ما يجعله عرضة للتضليل من طرف منظري الفكر المتطرف، المستثمرين في مآسي الشباب وقلة فرص العمل والأفق المسدود أمامهم سواء في البلدان العربية أم الأوروبية".
أما بخصوص المشروع المجتمعي الذي يدافع عنه أولئك باستحلال دماء الأبرياء من العرب والغرب، فيقول ذات المتحدث "لا يحمل الإرهابي أي مشروع للمجتمع والدليل هي الطرق التي ينتهجها. فلو كانوا حقاً كذلك، لماذا لا يطرحون أفكارهم و يتركون للناس حرية الاختيار؟ هذا لأنهم لا يحملون أي فكر وبالتالي متأكدون من كره الناس لهم".
وعرف الجزائريون خلال العشرية السوداء (1992-2002)، عمليات إرهابية واسعة النطاق بعيد توقيف المسار الانتخابي من طرف النظام الجزائري إذ ذاك، إثر فوز حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالانتخابات التشريعية. كما شهدت المدن الكبرى العديد من العمليات الانتحارية التي راح ضحيتها الكثير من الجزائريين ولم يسلم منها حتى الأطفال بل الأجنة في أرحام أمهاتهم.
*الصورة: "لا أفهم من أين يأتي هؤلاء بهذا القدر من الكراهية"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659