الأردن – بقلم صالح قشطة:

مع ارتفاع وتيرة العنف والإرهاب في الدول المجاورة وامتداده إلى قاراتٍ أخرى، ومع ما يشهده العراق وسورية من أحداث دموية تتصدر عناوين نشرات الأخبار العربية والعالمية، بات البعض في الأردن يعيشون حالة من الترقب، سرعان ما تحولت لديهم إلى مخاوف طالت نمط حياتهم بل وغيّرته، فأصبح الحذر رفيقهم في كل تفاصيل يومهم.

نخاف من القذائف

وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك) يصف المواطن معتصم الشقران الحياة في مدينة الرمثا الواقعة أقصى شمال الأردن والمحاذية للحدود السورية بأنها أصبحت تفتقد للراحة والهدوء، مع تزايد القصف والتفجيرات التي يشهدها الجانب الآخر من الحدود، والتي اعتادوا على سماع أصواتها ورؤية آثارها من بيوتهم.

ويوضح الشقران في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "هذا يحرمنا من النوم ليلاً، نعيش خوفاً من أن تسقط إحدى هذه القذائف على مدينتنا، وأنا شخصياً أعيش حالة من الخوف من أن تسقط إحداها على منزلي كلما سمعت قصفاً، وفي كثير من الأحيان يتحطم زجاج منازلنا بسبب قوة القصف والتفجيرات في الجانب السوري".

موضوعات متعلقة:

داعش يدمّر مقامات الأنبياء والأولياء

مسؤولون عراقيون: الفساد في المؤسسة الأمنية يقتل الناس كما يقتلهم داعش

وينوه الشقران إلى أن تلك الاضطرابات في الجانب السوري انعكست بشكل كبير على الأطفال في مدينتهم، فهم يعيشون حالة من الرعب الدائم والبكاء خوفاً من الأصوات التي يسمعونها باستمرار، مضيفاً "الكثير من الشبان في منطقتي عزفوا عن الزواج لخشيتهم من تكوين أسرة في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة"، كما يصف معاناة من يعيشون على مسافة أقرب إلى الخط الحدودي، الذين اضطروا إلى الرحيل عن بيوتهم بسبب الخوف من القصف والتفجيرات التي يشهدها الجانب السوري.

ويلفت الشقران إلى الأسواق في الرمثا التي أصبحت شبه خالية بسبب تخوف العديد من المواطنين من زيارتها، ما انعكس سلباً على التجارة فيها، مضيفاً "المعظم يخشون الذهاب إلى السوق التجاري، خصوصاً بعد سقوط قذيفة أودت بحياة أحد المواطنين فيه العام الماضي، وأمهاتنا يعشن حالة من القلق لدى توجهنا إليها ولا يردن أن نفقد حياتنا".

ويختم الشقران حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) قائلاً "ما يشعرنا بالاطمئنان هو وجود الجيش والأمن وحرصهم على سلامتنا، لكن ما يدور في الجانب الآخر من الحدود يبقى مقلقاً لنا، فالكثير من الفصائل والأطراف تتصارع هناك بطريقة عصابات لا نأمن لها".

أهرب من الملتحين

أما نايا حسن، وهي شابة تسكن في العاصمة الأردنية عمّان، تؤكد في حديثها إلى موقع (إرفع صوتك) أن ما تتابعه في نشرات الأخبار أثّر على حياتها وعلى حياة الكثير من الناس، وأن ما تشاهده صنع لديها اهتماماً أكبر بأن تعرف من يقوم بهذه الاعتداءات وما مبررهم في القيام بها، وهل هي من الفئة المستهدفة أم لا، موضحةً أنها حتى الآن لا تجد أي مبررٍ لأي جهة أن تنهي حياتها أو حياة غيرها بلمح البصر.

وتعبر الفتاة عن المخاوف التي تولدت لديها، وما تغير في نظرتها إلى بعض المظاهر "أصبحت أخشى رؤية الأشخاص الملتحين الذين يظهر عليهم التشدد في الأماكن العامة، وأنسحب من المكان فوراً، رغم إدراكي أن هذا لا يعني بالضرورة أن هذا شخص إرهابي، لكن هذه هي الصورة التي رسمتها التنظيمات الإرهابية في عقولنا".

كما توضح أنها أصبحت تتجنب الذهاب إلى الأماكن المكتظة والتي تشهد تجمعات كبيرة، خوفاً من أن تكون مستهدفة، مستنكرةً "حتى المساجد أصبحت هدفاً للجماعات الإرهابية!".

التغطية الإعلامية

وبالنسبة للصحافي أيمن الحمود، فرغم أنه يرى الحياة طبيعية في الأردن وأن الأجهزة الأمنية تبذل كافة إمكانياتها للحفاظ على حياة مواطنيها، إلّا أن الأحداث المحيطة التي تتداولها وسائل الإعلام يومياً صنعت لديه تخوفاً لا إرادياً في بعض الحالات، على حد قوله.

وفي حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) يوضح الحمود "كصحافي، أصبحت أخشى تغطية الأحداث التي تشهد اكتظاظاً كبيراً وحشوداً من الناس، وحتى المناسبات التي يتواجد بها شخصيات هامة أصبحت أشعر أنها قد تكون مستهدفة".

كما تتحدث المواطنة هالة الدرباشي إلى موقع (إرفع صوتك) معبرةً عن مخاوفها والتي تشارك فيها الكثير ممن كان للإرهاب الأثر على حياتهم رغم ابتعادهم النسبي عن مواقع تمركزه، حيث باتت تتجنب زيارة أي من المجمعات التجارية الكبيرة، والتواجد في أماكن التجمعات.

ورغم وصفها الوضع الأمني في الأردن بالممتاز وأنه أفضل من جيرانه، إلّا أنها تبرر تلك التخوفات بقولها "الإرهاب أصبح يتسلل إلى أماكن غير متوقعة، مما يزيد من تخوفي، وهذه التنظيمات لا تعرف الإنسانية ولا الدين. الإرهاب والتفجير والموت لا يجلبون سوى الخوف".

*الصورة: عناصر من الشرطة الأردنية أثناء مهاجمتها لمسلحين/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".