أربيل - بقلم متين أمين:

بات الخوف من المستقبل، وما يحمله لمنطقة الشرق الأوسط من صراعات وتداعيات، الهاجس الوحيد لدى المواطن الكردي في إقليم كردستان العراق. وتعددت أشكال الخوف هذه ما بين الخوف من الأزمات الإقتصادية إلى الخوف من الإرهاب والحروب والصراعات الدولية.

أخشى من القادم

وتؤكد سروة محمد، 26 عاماً وهي موظفة، أن إقليم كردستان مستقر من الناحية الأمنية، والمواطنون لا يخشون من هذا الجانب بل لديهم مخاوف أخرى.

"خلال العيد قَدم الآلاف من مواطني محافظات ومناطق العراق الأخرى إلى إقليم كردستان للاستمتاع بالعطلة في ظل المناخ المعتدل للإقليم وجمال المصايف، ولم نشهد أي خروقات أمنية. على العكس، الوضع الأمني وبجهود الأجهزة الأمنية والمواطنين في أفضل حالاته"، تقول سروة لموقع (إرفع صوتك).

موضوعات متعلقة:

عراقيون مهاجرون: “البلدان المُسالمة الجميلة”… لم تعد آمنة

“الجزائر لا تنام”.. حياة أجهضها الإرهاب

التخوف، بحسب الشابة، هو من المستقبل القادم، "خاصة أن منطقتنا تشهد تغييرات سريعة وصراعات بين الدول الإقليمية، ونحن لا نعلم ماذا سيحمل لنا الغد".

وتردف سروة بالقول "أنا لا أخشى على نفسي، بل أخشى على أطفالي الثلاثة من القادم، بكل حال أتمنى أن يكون القادم أفضل للجميع".

لا استقرار في وجود داعش

لؤي عطا، 35 عاماً وهو عامل بناء، يختلف في الرأي عن سروة، ويرى أن الوضع خطير رغم كافة التدابير الأمنية المتخذة من قبل الجهات الأمنية.

ويوضح لموقع (إرفع صوتك) "قد يقول البعض عني إنني متشائم، لكن الحقيقة ما دام هناك وجود لداعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى في المنطقة، لا نستطيع أن نقول إن الوضع الأمني مستقر".

ويشير إلى أنّه لم يخرج هذا العيد خشيةً من الانفجارات والعمليات الإرهابية الأخرى "التي تضرب كل مكان في العالم اليوم. أتمنى أن ينتهي داعش ويُقضى عليه حتى العيد القادم كي نخرج دون خوف".

الأزمات الاقتصادية

بدوره يُشير جميل رحيم، 38 عاماً وهو مدرس، إلى نوع آخر من التخوف، موضحا في حديث الى موقع (إرفع صوتك) "ما أتخوف منه أنا هو في الغالب التخوف الأبرز لدى غالبية العراقيين، هو التخوف من الأزمات الإقتصادية كالتي نعاني منها نحن منذ أكثر من عامين. أنا أخشى أن تستمر هذه الأزمة وتمتد للسنوات القادمة وينهار السوق بالكامل، وتتعمق هذه الأزمة فلا نجد ما نأكله ونطعم به أولادنا".

ويردف جميل "الحرب مستمرة وهناك انهيار في أسعار النفط والبلد يتدمر.. إذن كيف لا نخشى من كل هذا، حقيقة هذه المخاوف أنستنا الأعياد والأفراح".

رؤية الموصل مجدداً

أما ما يخشاه المواطن عماد الكُردي، 40 عاماً وهو كاسب، هو ألّا يرى الموصل مرة أخرى بعد أن نزح منها منذ نحو عامين بسبب داعش.

ويقول لموقع (إرفع صوتك) "منذ خروجي من الموصل لم أفرح بالعيد، لأن عوائلنا أصبحت كل واحدة منها في منطقة ومنهم من هاجر إلى خارج العراق".

"أنا أخشى ألا أرى الموصل مرّة ثانية، فمنذ أكثر من عامين ونحن ننتظر العودة إليها لكن البُعد عنها طال. أتمنى أن أرى اليوم الذي يُقضى على داعش فيه قريباً".

*الصورة: "أنا أخشى ألا أرى الموصل مرّة ثانية"/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".