الأردن – بقلم صالح قشطة:

ينظر الخبراء إلى الهجمات الإرهابية والحروب والنزاعات التي تمر بها المنطقة بعين قلقة تترقب المجهول، نظراً لما تخلفه تلك الأعمال الإرهابية من تبعات وآثار سلبية، تسببت بهز قطاع السياحة في بعض البلدان، وهو الرافد الهام لاقتصادها الوطني، وفي كثير من الأحيان الأخرى بتصدعه بل وانهياره كلياً.

ويستغل العديد من الأردنيين عطلاتهم الموسمية لكسر الروتين بالسفر خارج بلادهم بحثاً عن الجديد، ومؤخراً أصبحت تركيا وجهة مفضلة لعدد كبير منهم، خصوصاً بعد الأزمة السورية التي أثرت على سفر الأردنيين إلى سورية ولبنان بأقل التكاليف براً، بالإضافة إلى قرب موقع تركيا الجغرافي، وتأثيرها الثقافي والفني بالمجتمعات العربية مؤخراً، ولعروضها التشجيعية المنافسة مقارنة بأسعار عروض السياحة الداخلية الباهظة.

السفر إلى تركيا

ومع ما شهدته تركيا مؤخراً من هجمات إرهابية، اضطر عدد كبير من السائحين الأردنيين للتراجع عن سفرهم إليها في آخر لحظة، وتغيير وجهاتهم إلى بلاد أخرى، بل والتنازل عن المبالغ التي دفعوها والتي لا يمكن استردادها في بعض الحالات.

موضوعات متعلقة:

في الجزائر… “الأمن لا يرتبط بتصريحات المسؤولين”

هكذا يبرّر الإرهابيون قتل المدنيين

وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، يؤكد السيد سمير الدربي، الرئيس السابق لجمعية وكلاء السياحة والسفر الأردنية، والمالك لأحد مكاتب السياحة والسفر، أن الأمن والتوقعات الأمنية هما العامل الأساسي الذي يؤثر على السياحة في أي مكان في العالم.

ويقول الدربي إن توقع الخطر في أماكن معينة من العالم ينعكس بشكل مرعب على المؤشرات السياحية، ويدفع السائحين لصرف النظر فوراً عن المنطقة التي من المتوقع أن تشهد أحداثاً غير اعتيادية، موضحاً أن التأثير لا يقتصر على تلك المناطق بالدرجة الأولى، بل إنه يمتد إلى المناطق المحيطة بها، وبالتالي يقل الإقبال عليها. "عادة ما تتكون ردة الفعل هذه بعد وقوع أي عمل إرهابي أو إجرامي في منطقة معينة".

وبحسب الدربي فقد تم إلغاء نسبة تتجاوز 30 في المئة من الحجوزات من قبل أشخاص كانوا يخططون للذهاب لقضاء عطلتهم الحالية في الخارج. "معظم تلك الرحلات الملغاة كانت إلى تركيا، نظراً للاعتداءات التي شهدتها مؤخراً، كما شهد هذا الموسم انخفاضاً في الإقبال على الرحلات السياحية بنسبة تصل إلى 40 في المئة مقارنةً بالموسم الماضي بتقديري الشخصي".

وجهة أكثر أماناً

ويوضح المواطن محمد القدومي لموقع (إرفع صوتك) أن شقيقته وعائلتها كانوا يخططون للذهاب إلى إسطنبول في تركيا، لكن الأحداث الأخيرة التي شهدها مطارها دفعتهم إلى التراجع عن تلك الزيارة، وأنهم فضلوا البحث عن الذهاب إلى وجهة أخرى أكثر أماناً.

وهذا هو الحال أيضاً بالنسبة للمواطن محمد الهباهبة، الذي كان متوجهاً إلى تركيا لقضاء عطلة عيد الفطر مع عائلته، إلّا أن الإرهاب حال دون إتمام تلك الرحلة. وفي حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) يقول الهباهبة "وقع تفجير مطار أتاتورك في نفس الليلة التي قمت فيها بتأكيد حجزي، ما دفعني إلى غض النظر عن تلك الرحلة تماماً، نحن بغنى عن هذه المغامرة!".

من جهته يشير المواطن راكان بيبرس إلى أنه تردد في إلغاء حجزه نظراً للتكلفة المادية التي كان قد دفعها مسبقاً لتغطية الرحلة التي كان يخطط للقيام بها، إلّا أنه اضطر في النهاية إلى التنازل عن المبلغ الذي دفعه لحجز تذكرة الطائرة وإقامته في الفندق والذي يعتبر غير قابل للإرجاع، إرضاءً لرغبة والدته التي عبرت له عن قلقها الشديد من سفره إلى تركيا في هذه الفترة بالذات.

فرصة ذهبية؟

وعلى الرغم من مخاوف الكثيرين من السفر إلى الدول التي تشهد عمليات إرهابية، إلا أن المواطن محمد عادل يرى في ذلك فرصة ذهبية للتوجه إلى تلك الدول بأسعار أقل من سعرها الأصلي قبل وقوع الهجمات الإرهابية، والتي يصفها بأنها كانت مرتفعة نوعاً ما. ويقول لموقع (إرفع صوتك) "كنت أخطط للسفر، وبعد وقوع الأحداث الأخيرة لا تزال فكرة السفر قائمة، خصوصاً أن أسعار الحجوزات انخفضت مقارنة بالأسعار السابقة وأصبحت مشجعة أكثر".

أما لينا ضاهر فعبرت عن عدم اكتراثها بما يجري من عمليات إرهابية، وأنها لن تلغي رحلتها إلى وجهتها حتى لو كانت مهددة، موضحة في حديثها لموقع (إرفع صوتك) "لن ألغي سفري حتى لو كان إلى إسطنبول أو أي مكان آخر، الله سيكون معي دائماً، سواءً في وطني أو في أي دولةٍ أخرى".

*الصورة: والدة أحد ضحايا تفجير إسطنبول/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".