أربيل - بقلم متين أمين:

"لا أحد يرضى أن أعمل معه خاصة مع العوق الذي أصابني، ولم أحصل على أي مساندة من الدولة أو أي منظمة خيرية"، يقول يونس الجبوري لموقع (إرفع صوتك)، مضيفاً "أعيش الآن مع بيت أهلي وإخواني يعملون وينفقون على عائلتي، أوضاعي المادية والنفسية صعبة جداً".

فقد يونس، ابن مدينة الموصل، إحدى عينيه ويديه في انفجار تعرض له قبل سنوات في مدينته، وهو الآن نازح إلى مدينة أربيل. الإصابة التي تعرّض لها منعته من مزاولة أي عمل وإعالة عائلته المكونة من ستة أفراد.

يتوقف يونس عن الحديث لبرهة، قبل أن يقول بنبرة حزينة "أتمنى أن يتوقف هذا النزيف وألا يصاب بعد اليوم أي شخص في هذا البلد بأي جرح وألا تترمل أي امرأة وأن لا يُيتم أي طفل، فقد سئمنا من هذا الوضع".

ظروف النزوح الصعبة

خلّفت العمليات الإرهابية المتمثلة بالتفجيرات والاغتيالات والعمليات الإنتحارية التي شهدها العراق منذ عام 2003 وحتى الآن الآلاف من الضحايا. وإلى جانب مقتل الكثيرين بسببها، هناك مئات الآلاف من المواطنين الذين أصيبوا وأسفرت هذه الإصابات عن فقدانهم لأعضاء من جسدهم أو إصابتهم بحالات نفسية، بالإضافة إلى معاناة الآخرين بسبب الخسائر المادية والتشرد والحرمان من الدراسة إثر النزوح والإرهاب.

موضوعات متعلقة:

شقيق جندي يمني مقتول: أمي تلعن وتبكي بأعلى صوتها

هل يخاف النازحون العودة إلى مناطقهم بعد تحريرها؟

الشاب ياسر طه أصبح معيلاً لعائلته بعد أن قُتل والده عام 2012 في الموصل، وكان حينها طالباً جامعياً وفي الوقت ذاته كان إمام وخطيب جامع. "اغتيل أبي من قبل مجهولين في آخر يوم 17 حزيران/يونيو 2012“.

يقول طه لموقع (إرفع صوتك) "عائلتنا مكونة من عشرة أفراد، وكان أبي عماد البيت ومصدر قوتنا ومعيل عائلتنا، فبعد أن فقدناه ساءت أوضاعنا يوم بعد يوم إلى أن تخرجت من الكلية وحصلت على الوظيفة والآن أعيل العائلة".

ويضيف الشاب العشريني "أصبحت أوضاعنا أفضل رغم أننا نعاني حاليا من ظروف النزوح الصعبة".

الخوف ينتج الأمراض

أما أم سعد، فتعاني من عدة أمراض بسبب الخوف الذي تعرضت له إثر سيطرة داعش على منطقتها في سنجار عام 2014. تقول لموقع (إرفع صوتك) "أُصبت بضغط الدم المزمن ومرض السكري وعلة في عيني إثر الخوف الذي شعرت به لدى هجوم داعش علينا في سنجار، وهروبنا من المدينة".

وتشير إلى أنّها تعاني كذلك من المرض ونوبات الغضب والهم والحزن "ولا نستطيع العودة إلى سنجار رغم تحريرها لأن داعش فجّر منزلنا".

معاناة المرأة لا تتوقف هنا، فهي لا تعرف شيئاً عن ابنتها وأطفالها الثلاث المفقودين والمحتجزين في الموصل منذ أكثر من عامين. "أنا لا أريد أي من أموالنا أو ممتلكاتنا  التي نهبها إرهابيو داعش، فقط أريد أن تعود ابنتي التي حاولنا كثيرا العثور عليها لكن دون جدوى".

الحرمان من الدراسة

بدوره، يؤكد الشاب أحمد سعود أن سيطرة إرهابيي داعش على مناطقهم خلال العامين الماضيين حرمت الكثيرين من إكمال دراستهم الجامعية ومدارسهم.

ويوضح سعود لموقع (إرفع صوتك) "نعاني منذ أكثر من عامين من النزوح الذي دمّر طموحات أغلبية طلبة الجامعات والمعاهد من طلبة الدكتوراه والهندسة والإدارة والاقتصاد وغيرهم الكثيريين، فمنهم من كان في  سنة الآخيرة للدراسة".

ويضيف بحسرة "خلال هذين العامين توقفت حياتنا، لا توجد دراسة ولا فرص عمل وخسرنا الكثير من أحبائنا وأقاربنا فأنا خسرت خالي في انفجار وأصدقائي لم ألتقي بهم منذ أكثر من سنتين ولا أعرف عنهم أي شيء. الأعياد تمر علينا بحزن ولا نشعر بها".

*الصورة: "أتمنى أن يتوقف هذا النزيف"/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".