بقلم إلسي مِلكونيان:
تقوم السلطات التونسية بجهود مكثفة لمحاربة الإرهاب والفساد إلى جانب محاولتها دعم الاقتصاد والمشاريع التنموية. وترجمت هذه الجهود في وثيقة "اتفاق قرطاج"، التي تم الاتفاق على صيغتها النهائية، في 13 تموز/يوليو، من قبل الأحزاب والمنظمات المشاركة في مشاورات حكومة الوحدة الوطنية وسلمت إلى الرئيس باجي قائد السبسي.
لكن سبق هذه الوثيقة حملات أمنية مكثفة لضبط الحدود مع دول الجوار وتفكيك خلايا إرهابية واعتقال مشتبه فيهم، فكيف يتعايش المواطنون التونسيون مع خطر الإرهاب في حياتهم اليومية؟
ما الذي قامت به السلطات لمكافحة الإرهاب؟
انضم عدد من الشباب التونسي إلى القتال في صفوف داعش في العراق وليبيا وسورية، يقدر أن عددهم يفوق 6000 شخص، حسب إحصائيات أصدرها مركز (سوفان غروب) للدراسات الاستراتيجية.
لكن مصادر في الأمن التونسي تقول إن المتطرفين التونسيين بدأوا بالعودة، إذ أن منفذي الهجمات الأخيرة على "متحف باردو" و"منتجع سوسة" السياحي هم تونسيون تلقوا تدريباً في ليبيا.
موضوعات متعلقة:
هل يخاف النازحون العودة إلى مناطقهم بعد تحريرها؟
ضحايا الإرهاب: خسرنا أعمالنا ودراستنا ومن نحب
في المقابل، سعت السلطات خلال الأشهر الأخيرة إلى ضبط الحالة الأمنية. ففي أيار/مايو الماضي، قتلت واحداً من أخطر قيادي الجماعات الإرهابية بتونس المدعو سيف الدين الجمالي والمكنى بأبي القعقاع في جبل المغيلة، وسط البلاد.
وخلال الشهر نفسه قامت بتمشيط المناطق الجبلية قرب مدينة الحمامات، على خلفية وجود تهديدات إرهابية. وكانت نتيجتها منع 1877 تونسياً، تتراوح أعمارهم بين 20-30 عاماً، من المغادرة "للالتحاق ببؤر التوتر".
وخلال الربع الأول من العام الحالي، تم تفكيك حوالي 33 خلية إرهابية، ومداهمة 1733 منطقة يشتبه وجود فيها وجود عناصر إرهابية، كما اعتقل 140 شخصاً بسبب علاقاتهم بشبان توجهوا إلى مناطق نزاع.
المواطنون التونسيون: بين الحذر والوعي
تغيرت أمور كثيرة في تونس منذ ثورة 2011 والإطاحة بحكم الرئيس زين الدين بن علي. وكان لانضمام الشبان التونسيين إلى داعش وقع آخر على مواطني العاصمة من رجال ونساء. وكشف بعضهم لموقع (إرفع صوتك) بعض التفاصيل من حياتهم اليومية.
فقد أصبح بعض الشبان، وخاصة من طلبة الجامعات، يتخوفون من الحملات الإرهابية خاصة بعد انتشار قصص انضمام بعضهم إلى داعش.
يقول أيمن صفر طالب بكلية الحقوق والعلوم السياسية "لقد ازداد الخوف في تونس ليس فقط بعد العملية الإرهابية التي شهدها متحف باردو لكن أيضا بعد استهداف حافلة الأمن على بعد تقريبا 200 متر على وزارة الداخلية، وأصبحت تونس تعيش حالة طوارئ، وكان لذلك تأثيرا سلبيا على الحياة اليومية".
ويضيف أن استقطاب الشبان للقتال في صفوف الفصائل الإرهابية يكون بمعظمه من الأحياء الشعبية "نظراً لطبيعة الظروف الاجتماعية التي يمر بها أغلب الشباب (في تلك المناطق)".
ويحكي صفر قصة شقيقين توجها للقتال في صفوف الإرهابيين في سورية، "أحدهم ترك ابنه ذو الأربع سنوات وقد لقيا حتفهما في المعارك. وكان لذلك صدمة لدى أقربائهما باعتبارهما المعيلين الوحيدين".
وأثرت هذه الأحداث على العاملين في قطاع السياحة أيضاً، كالمطاعم مثلاً. يقول عماد السعيدي وهو نادل بمقهى في منطقة باردو "المقهى الذي أعمل به كان أبوابه مفتوحة إلى حدود الساعات الأولى من الصباح لكن المواطن أصبح خائفاً، حيث نضطر بذلك الى غلق الأبواب قبل منتصف الليل".
وتتأثر المرأة كغيرها من فئات المجتمع في كل عملية إرهابية تستهدف العاصمة أو مدن أخرى. تقول كافية حمدي أستاذة اللغة الفرنسية في مدرسة إعدادية لموقع (إرفع صوتك) إنّ "الجماعات الإرهابية تسعى إلى استغلال مشاعر المرأة الناتجة عن التهميش والتمييز وعدم المساواة بين الجنسين". لكنها تقول إنه بالرغم من وجود الخوف من الإرهابيين تصدت "أغلب النساء إلى هذه الظواهر وتتفاعل إيجابياً مع النجاحات التي تحققها المؤسستين الأمنية والعسكرية".
أما أولئك الذين يعيشون قرب الحدود الليبية، فهم يرون أن عدد المنضمين للجهاديين آخذ بالانخفاض. يعلل صالح عبد الكبير، وهو من عائلة أحد قتلى المؤسسة الأمنية في بن قردان، في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن السبب في ذلك هو ازدياد درجة الوعي والدور المهم الذي يلعبه المجتمع المدني فضلا عن المؤسسة الحكومية في العمل بين أوساط الشباب والاستماع إلى مشاغلهم وتحسسيهم بأهمية حماية هذا الوطن.
ساهم في إعداد هذا التقرير الزميل رشيد مبروك، مراسل راديو سوا في تونس
*الصورة: تقوم السلطات التونسية بجهود مكثفة لمحاربة الإرهاب/ Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659