بقلم إلسي مِلكونيان:
"إننا نشهد الآن أكبر موجة للنزوح في التاريخ". هذا ما تصف به المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على موقعها الإلكتروني موجة اللجوء والنزوح في أعقاب الحروب والإرهاب العالمي في الأعوام القليلة الماضية. فقد وصل عدد الناس الذين أجبروا على مغادرة منازلهم 65 مليون شخص.
لكن تشييد المخيمات لا يتم بشكل عشوائي، بل إنه يخضع إلى شروط وضوابط نصت عليها مفوضية اللاجئين من أجل تشييد مخيمات على أسس سليمة وصحية يعيش فيها اللاجئون والنازحون بسلام على أمل العودة إلى ديارهم فور انتهاء الأزمة الأمنية فيها. ونذكر هنا أبرز هذه الشروط وأبرز ما عايشه اللاجئون العرب في المخيمات:
1-اختيار موقع المخيم: يتم اختيار موقع المخيم بالتشاور مع جهات مختصة بشبكات المياه والصرف الصحي ومهندسين ومصممين وخبراء بيئيين. ويمثل الاختيار الصحيح لموقع المخيم أهمية كبرى لتلافي أي مشاكل مستقبلية تتعلق بسلامة وصحة اللاجئين القاطنين فيه، قد تدفعهم إلى نزوح جديد.
ويعتبر مخيم كيليس الذي استقبل اللاجئين السوريين في تركيا من "أفضل المخيمات وأكثرها نظافة" حسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، إذ أنه شيّد على مساحة كافية ويتضمن شوارع منظمة جديدة تصل بين خيم اللاجئين. كما أنه زُوّد بإنارة كافية بين الشوارع وملاعب عدة لأطفال اللاجئين وتوجد فيه يد عاملة لإصلاح أعطال الإنارة ومجاري الصرف.
2-مساحة المخيم: يتوجب أن يتمتع كل فرد في المخيم بمساحة كافية تمكنه من الحياة داخل وخارج المخيم. وتقدر متوسط المساحة المطلوبة للفرد الواحد بـ45 متر مربع، والحد الأدنى المقبول لها هو 35 متر مربع، كما يجب تخصيص مساحة كافية لتشييد طرق المركبات والمشاة والمرافق التعليمية والخدمية الأخرى.
ويعتبر نقص المساحات الكافية من الأراضي تحدياً كبيراً أمام احتواء أزمة اللاجئين، تماماً كما يحدث في العراق الآن. فقد أعلنت مفوضية اللاجئين أن التحدي الأبرز أمامها يتمثل في عدم توفر مساحات كافية لاستيعاب النازحين المتوقعين عقب معركة الموصل في المخيمات التي تحوي حالياً نازحو المدن التي حررت من قبضة داعش في وقت سابق.
3-طبيعة التربة: يجب بناء المخيم على أرض ذات طبيعة شبه رملية بحيث تمتص هطول الأمطار والفضلات التي يتم طرحها من قبل المراحيض التي سيتم تجهيزها مع المخيم. كما ينصح بأن تكون التربة صالحة لزراعات بسيطة وأن يكون موقع المخيم قريباً من موارد للمياه العذبة.
ولا ينصح ببناء المخيم على أرض ذات طبيعة صخرية ويجب تجنب الوديان والمنحدرات الشاهقة والأراضي التي يمكن أن تتحول إلى مستنقعات عقب هطول الأمطار.
وتشير التجارب إلى ضرورة إقامة الخيم بما يتناسب مع طبيعة البيئة المحيطة بالمخيم. في مخيم الأزرق في الأردن مثلاً، أقامت مفوضية اللاجئين أبنية مؤلفة من غرفة واحدة ومزودة بأعمدة معدنية وأسقف مدببة وذلك لمقاومة الرياح والعواصف الرملية لتتناسب مع مناخ المنطقة الصحراوي. وتصف صحيفة الشرق الأوسط المخيم على أنه "صمم مستفيداً من تجارب سابقة لمعسكرات مخصصة لطالبي اللجوء".
4-ملكية الأرض: لا تمتلك مفوضية اللاجئين الأرض التي تبنى عليها المخيمات. فالأراضي هي ملك لحكومة الدولة المضيفة أو لجهات خاصة، تخصص للمخيم بعد موافقة الحكومة بشكل رسمي.
وتقع مسؤولية إدارة المخيم على حكومات الدولة المضيفة كما الحال في مخيمات اللاجئين في كل من الأردن ولبنان وتركيا وغيرها، ومخيمات النازحين داخلياً مثل حالة العراق. وفي حال افتقار الحكومة المضيفة للموارد الكافية لشؤون الإغاثة يتم الاستعانة بمنظمات الأمم المتحدة وأبرزهم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تتعاون مع منظمات دولية ومحلية أخرى لتأمين حاجات اللاجئين.
أما النسبة لمخيمات الفلسطينيين تقوم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بالإشراف العام على التعليم والصحة وبرامج الخدمات المجتمعية.
5-أمن اللاجئين: يجب أن يتمتع اللاجئون بالأمان أثناء وجودهم في المخيم. لذا لا يجب على المخيم أن يبنى في منطقة شديدة القرب من الحدود الدولية أو مناطق النزاع.
وعلى الرغم من أن مخيمات اللجوء تبنى بالأصل لمعالجة أزمة اللاجئين أو النازحين لوقت محدد، تحول بعضها إلى مناطق سكن شبه دائمة مثل يحدث في مخيمات اللاجئين الفلسطينين، حيث أصبحت مخيماتهم مناطق سكنية فيها أبنية مكونة من عدة طوابق وتصل بينها شوارع ضيقة. وباتت من أبرز مميزاتها الكثافة السكانية والفقر الشديد. وتحاول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) تحسين وضع المخيمات منذ عدة سنوات.
*الصورة: شاحنة تفرغ حمولتها من حجارة الطوب في قرية حسن شام 45كم شرق الموصل-تبنى بإشراف الحكومة العراقية ومفوضية اللاجئين لإيواء المدنيين المتوقع نزوحهم من الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659