بقلم علي قيس:

قد تبدو لنا حجارة "جبل صافون" السوري، حجارة عادية. لكن النحات نزار علي بدر، أو "النحات السوري الأوغاريتي" كما يحب أن يطلق على نفسه، جعل منها صورا تروي المأساة التي يعيشها الشعب السوري اليوم في ظل الأزمة الإنسانية التي يعيشها بسبب الحرب والهجرة والجوع.

جبل صافون، المعروف باسم "الجبل الأقرع"، يبعد عن اللاذقية نحو 50 كيلومترا. وكلمة صافون تعني آلهة العواصف في سورية القديمة. وسمي الجبل بهذا الاسم لكثرة العواصف التي يشهدها، والتي تسببت بخلوّه تماما من الأشجار.

%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%ad%d8%a7%d8%aa-%d9%86%d8%b2%d8%a7%d8%b1-%d8%b9%d9%84%d9%8a-%d8%a8%d8%af%d8%b1

يقول بدر، وهو من قرية بسنادا (ثلاثة كيلومترات عن محافظة اللاذقية)، "اخترت حجارة صافون لأنها غسلت دهورا تحت أقدام صافون، بألوانها الطبيعية وتشكيلاتها بهرتني وشكلت منها أروع الإبداعات".

اقرأ أيضاً:

القوات العراقية تقترب من أحياء الموصل الشرقية

نازحون في بغداد يحلمون بالعودة إلى مناطقهم… ولكن؟

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن أحجار الصافون لامست ضمير كل إنسان لم يخلع ثوب إنسانيته. "رسالتي المحبة، التي هي أعظم قاعدة وضعت للبشرية، وهي التي تستطيع أن تكسر صلابة الحجر".

%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85-%d9%88%d8%a7%d8%a8%d9%86%d9%87%d8%a7

رسالة عبر الحجارة

يصور النحات نزار علي بدر مآسي الشعب السوري الذي يعاني ويلات الحرب منذ ست سنوات مستخدما الحصى، فيرسم معاناة الهجرة الجماعية للسوريين إلى أوروبا، وما تحمله من صور الموت والضياع.

"من خلال حجار جبل الصافون، نقلت رسالة إلى العالم، حاولت تصوير معاناة الفقراء والمحتاجين والمهجرين والمظلومين بسبب الإرهاب الذي ضرب سورية وشرد أطفالها وشيوخها وعوائلها"، يقول بدر، مضيفا أنه "خلال سنوات الحرب الستة على بلدي، شكلت حوالي 25 ألف عمل".

%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%b2%d8%ad%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%88%d9%8a%d9%84%d8%a9

ويشيرالأوغاريتي إلى أنّه في الأصل نحات ولديه الآلاف من القطع النحتية. وقد أنهى مؤخرا، في 26 تشرين الأول/أكتوبر، معرضه في محافظة اللاذقية (غرب سورية). وحملت اللوحات المصنوعة من الحجر طابع الحزن والصرخة، في تصوير معاناة السوريين بسبب الإرهاب والدمار.

ويوضح النحات السوري أنّه بسبب حظر السفر على السوريين، فإن أصدقاءه أقاموا معرضا صوريا لنتاجاته النحتية في الدنمارك. وكان الإقبال على المعرض كبيرا جدا وخصص ريعه للمهجرين السوريين.

%d9%8a%d8%a7-%d9%85%d9%87%d8%a7%d8%ac%d8%b1%d9%8a%d9%86-%d8%a3%d8%b1%d8%ac%d8%b9%d9%88%d8%a7

نحت الفرح؟

ويحمل بدر أمنية، توجزها كلماته "أتمنى أن أصل مرحلة أنحت فيها الضحكة والفرحة، والحمائم تطير في سماء سورية بدل الصواريخ والقتل"، مضيفا "من حق أي إنسان أن يعيش بكرامة، والشعب السوري تعب من التهجير والتشرد والإرهاب. نريد عودة السوريين إلى بلدهم وأن يتوقف القتل، فالحرب في سورية راح ضحيتها الكثير من الناس الأبرياء. القتل والذبح والثأر لا يأتي بنتيجة".

"الإرهاب والفساد إلى زوال"، يؤكد النحات، مضيفا "ليس بقتل الإنسان الذي خلق ليعيش وقطع رأسه تؤخذ المطالب. سورية تعرضت لأكبر عملية تطرف في التاريخ".

%d9%85%d8%b4%d9%87%d8%af-%d8%aa%d8%b4%d9%8a%d9%8a%d8%b9

ويؤكد النحات بدر أنّه ضد تدخل الدين في السياسة أو في إدارة الدولة، وأنّه يحترم الإنسان أيا كانت ديانته لإنسانيته وبعده عن القتل وإيذاء الآخرين.

"هذه هي القيم التي يجب أن تقوم عليها مجتمعاتنا. وهذا ما أحاول قوله عبر لوحاتي التشكيلية".

*الصور: من الصفحة للنحات نزار علي بدر على فيسبوك/تنشر بإذن منه

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

صورة من مقطع الفيديو المتداول للاعتداء على كويتي في تركيا
صورة من مقطع الفيديو المتداول للاعتداء على كويتي في تركيا | Source: social media

أعلن وزير الداخلية التركي، على يرلي كايا، اعتقال 27 شخصا في عمليات متزامنة، استهدفت مديري حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي "يحرضون على الكراهية والعداء".

وقال يرلي كايا، في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، الأربعاء، إن الاعتقالات تمت "نتيجة للعمليات التي نفذتها أقسام الشرطة الإقليمية الـ 14".

وأضاف أنها جاءت "بتنسيق من إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالمديرية العامة للأمن، وبدعم من مديرية المخابرات وإدارة الأمن"، مشيرا إلى أن الأشخاص الـ27 "تبين أنهم ينشرون معلومات مضللة علنا لمواطنينا".

وتأتي هذه الخطوة الرسمية بعد أيام من حادثة الاعتداء على كويتي في ولاية طرابزون التركية، وما تبعها من حملات كراهية كان مسرحها وسائل التواصل الاجتماعي.

وأحدث الفيديو الذي وثّق حادثة الاعتداء ضجة عربية وتركية، ودفع مسؤولين من الكويت وأنقرة للتحرك، وإبداء تعليقات ومواقف استنكرت ما حصل، في وقت أعلنت "ولاية طرابزون" إلقاء القبض على المعتدي، وبدء "اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه".

وأوضحت وسائل إعلام مقربة من الحكومة، الأربعاء، أنه "تجري عملية تلو الأخرى على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تزيد جرعة المنشورات التحريضية وتجر الجمهور إلى الكراهية والعداء قبل وبعد انتخابات 14 و28 مايو".

وأشار موقع "trhaber"، إلى أن الحملة التي نفذتها السلطات، استهدفت "مدراء عدة حسابات كانت تنشر معلومات مضللة وتحض على الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

وأضاف الموقع: "الحسابات كانت من بين جيوش المتصيدين التابعة لرئيس حزب النصر أوميت أوزداغ، والذي جلب لغة سياسية قذرة إلى تركيا، وأراد إثارة الفوضى في الشوارع بمنشوراته العنصرية".

ونقل الموقع المقرب من الحكومة عن مكتب المدعي العام في أنقرة، قوله: "خلال بحث مفتوح المصدر، تم تحديد أن خطابات الكراهية المستخدمة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، تمت مشاركتها بشكل يحرض الجمهور علنا على الكراهية والعداء".

وتم فتح تحقيق ضد المشتبه بهم بشأن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي المذكورة، بتهمتي "تحريض الجمهور علنا على الكراهية والعداء" و"نشر معلومات مضللة علنا"، والتي ينظمها قانون العقوبات التركي رقم 5237. 

وأفيد أن مكتب المدعي العام أصدر أمرا باعتقال 27 شخصًا في أنقرة وهاتاي وأنطاليا وسكاريا وإزمير وسيرت وسامسون وكهرمان مرعش وشانلي أورفا وتوكات وأدرنة وبورصة وإسطنبول بسبب أعمال، قيل إنها ضمن إطار "الجريمة الجماعية" من حيث طريقة ارتكاب الجرائم وخصائص الواقعة.

ومنذ قرابة العامين، لعب سياسيون معارضون في تركيا على وتر اللاجئين والأجانب في البلاد، حتى أن الكثير منهم أقحم هذه القضية على رأس الحملات الانتخابية الأخيرة، التي شهدها السباق الرئاسي، من بينهم زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، كمال كليتشدار أوغلو.

وفي مقابل ذلك، اتخذ سياسيون آخرون منحى تصعيديا، على رأسهم زعيم "حزب النصر"، أوميت أوزدغ، إذ قاد حملات تدعو إلى طرد اللاجئين من البلاد، زاعما أنهم "سبب المشاكل الاقتصادية".

ولم يكتف بذلك فحسب، بل واصل نشر معلومات وأخبار ساهمت في تأجيج الشارع على نحو أكبر ضد وجود اللاجئين.

وفي حين بقي المسار المذكور سابقا ضمن إطار التحريض وبث الكراهية، سرعان ما تنامى ليصل إلى حوادث الاعتداء، التي لم تعد تستهدف اللاجئين السوريين فقط، بل توسعت دائرتها لتشمل سياحا عرب، كان آخر ضحاياها السائح الكويتي.

وفي موقف لافت من جانبه، كان زعيم "حزب الحركة القومية"، دولت باهشتلي، قد أعلن، الثلاثاء، أن "أولئك الذين يستخدمون مشكلة اللاجئين لإثارة الاضطرابات المدنية، تجاوزوا حدودهم".

وقبل أسبوع أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن حكومته "لن تسمح بتفشي العنصرية وكراهية الأجانب، وستتخذ الإجراءات اللازمة لحل مشكلة الهجرة غير النظامية".

كما أشار إردوغان قبل عام، إلى أن "التضليل عبر وسائل التواصل لم يعد مسألة أمن قومي فحسب، بل تعدى ذلك وأصبح مشكلة أمن عالمية".