بغداد – بقلم دعاء يوسف:
"محنتنا في النزوح لا تمثل شيئاً بالمقارنة مع محاولة العودة إلى مدننا التي تحررت من سيطرة داعش"، يقول عثمان عزيز، 34 عاماً، وهو يعمل في محل بقالة ببغداد، في حديث لموقع (إرفع صوتك).
استهدافنا من جديد
عثمان الذي نزح مع 12 شخصا من أفراد عائلته من بينهم خمسة أطفال من محافظة الأنبار في العام 2015، يرى أنّ داعش تسبّب بموجة نزوح كبيرة من الذين رفضوا وجوده.
وتساءل الرجل "هل انتهى وجوده حتى نستطيع العودة؟"، مجيباً بنفسه على تساؤله "للأسف لم يتم القضاء على الذين كانوا يؤيدون وجود داعش حتى الآن. الأمر الذي يثير مخاوفنا من أن يتم استهدافنا من جديد".
اقرأ أيضاً:
برلماني عراقي: قصف حسينية كركوك تمّ بطائرة عراقية
قرب الموصل: هل ستعود الأقليات النازحة وتتعايش مع الأغلبية؟
ويضيف أن بعض الذين يعرفهم من الذين عادوا إلى مدينة الفلوجة يعيشون بوضع قلق، خوفا من بعض العوائل التي يشاع أنها كانت حواضن للإرهاب أو قد تورطت مع داعش.
بيتي قد تدمر بالكامل
أما عماد ماجد، 37 عاماً، فيقول إنّ معاناة النازحين لا تتوقف عند قضية الأوضاع الأمنية ومخاوفهم من الاستهداف أو القتل، بل تعدّتها إلى أسباب تعود للدمار والخراب الذي لحق بمدنهم وبيوتهم، فضلا عن انعدام توفر خدمات الكهرباء ومياه الشرب وغيرهما.
ويضيف عماد الذي فر من تكريت في العام 2014 في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "أعرف الكثير من أقاربي الذين تركوا تكريت من جديد بعد أن عادوا إليها بعد تحريرها".
ويشير إلى أنّ المدن التي قد تحرّرت من داعش غير صالحة للعيش نهائياً. "بعضهم لم يستطع البقاء أكثر من شهر في المدينة. لا يمكن العيش في مكان لا خدمات فيه"، حسب عماد.
ويتابع الرجل "أخبروني أنّ بيتي قد تدمّر بالكامل. وهذا يعني أنه لم يعد يربطني شيء بتلك المدينة. لذا لا أفكّر بالعودة الآن".
كيف سنعيش ونوفّر قوت يومنا؟
"الذين عادوا للمناطق التي استعادها الجيش العراقي من داعش يعانون الآن من البطالة"، يقول جبار سعدون، 53 عاماً.
ويتساءل متأثراً في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "لماذا نعود لمناطق أو مدن قد توقفت الأعمال فيها تماماً، كيف سنعيش ونوفر قوت يومنا؟".
ويرفض جبار الذي يعيش في بغداد الآن بعد نزوحه هو وعائلته من مدينة الرمادي في نهاية العام 2014 ، فكرة العودة، ويصر على ضرورة توفير فرص عمل مناسبة لهم أولا. "أغلب الذين نزحوا فقدوا أعمالهم ولا يمكنهم العيش تحت رحمة المساعدات والمعونات التي يتبرع بها البعض"، على حد قوله.
لن نعود الآن
عندما غادر محمد نذير مدينة الشرقاط في العام 2014 ، لم يأخذ معه أي شيء، على أمل العودة هو وإخوته الأربعة وعوائلهم. احتضنتهم بغداد، والتحق طفله العام الماضي هو وأبناء وبنات إخوته في المدارس. بعد أن فاتهم عاماً كاملاً من الدراسة بسبب النزوح ومشاكل الاستقرار في بغداد.
يردّد محمد، 29 عاماً، وهو يقف حزيناً أمام واجهة البيت الذي استأجره مع أشقائه وعوائلهم بالعاصمة بغداد عبارة "لن نعود الآن. الوقت غير مناسب والأوضاع ما زالت غير مستقرة".
ويضيف لموقع (إرفع صوتك) "لست أدري متى سنعود تحديدا. لكن حتما ليس الآن، بسبب أوضاعنا المتأزمة اقتصادياً".
وتحدث محمد عن محنتهم في النزوح والاستقرار ببغداد والتحديات التي واجهتهم خلال رحلة البحث عن فرص عمل مناسبة لهم. "الآن فقط بدأنا نشعر بالاستقرار. واستطعنا شراء سيارة أجرة للعمل عليها بالتناوب أنا وإخوتي"، يقول محمد، متابعاً "حتماً نحن نحلم بالعودة. لكن كيف سنعود بعد كل هذا؟".
*الصورة: "حتماً نحن نحلم بالعودة. لكن كيف سنعود بعد كل هذا؟"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659