بغداد – بقلم دعاء يوسف:

"أخذوا اللي كان يدارينا ويصرف علينا وتركوني مع 25 نفر وما نعرف وين نروح"، هكذا يبدأ خميس ابراهيم الحديث عن تفاصيل اعتقال شقيقه في إحدى نقاط التفتيش التابعة للقوات الأمنية العراقية أثناء رحلة النزوح من مدينة الفلوجة.

سلامة موقفنا الأمني

ويضيف خميس، 57 عاماً، أنّ حالته الصحية سيئة، "فأنا رجل مصاب بالجلطة ولا أستطيع السير أو تحمل مسؤولية أطفال شقيقي السبعة وزوجته".

غادر خميس وعائلة شقيقه الفلوجة باتجاه العامرية وفي الطريق اجتازوا النقاط التفتيشية الأمنية بصعوبة"،حسب ما يروي.

اقرأ أيضاً:

بالأرقام… علاقات دول العالم باللاجئين

كرونولوجيا الموصل.. ماذا حدث منذ احتلها داعش إلى اليوم؟

"كان الأمر مخيفا"، يقول خميس وهو يصف الوقوف أمام كل سيطرة أمنية بالساعات في انتظار أن يتأكدوا من ثلاث جهات وهي القوات الأمنية والشرطة والحشد الشعبي "من سلامة موقفنا الأمني وأننا لسنا من جماعة داعش أو المساندين لهم، بينما الناس تنهار من شدة الخوف على أبنائهم الأبرياء الذين تم القاء القبض عليهم".

ويتابع "إلى أين نهرب، الكل يتهمنا ويستهدفنا! فاذا نجونا من داعش حتما سنقع بقبضة القوات الأمنية أو الشرطة أو الحشد الشعبي".

البلاد مقبرة كبيرة لا تشبع

 "أخذوه ولم يعد حتى الآن"، بهذه العبارة بدأت أم أحمد، وهي أم لثلاثة أطفال حديثها لموقع (إرفع صوتك) عن زوجها الذي تم إلقاء القبض عليه من قبل القوات الأمنية أثناء رحلة نزوحهم من الأنبار.

وتضيف أم أحمد التي قتل زوجها الأول قبل ستة أعوام ومن ثم تزوجت أخاه. "قتل زوجي بسبب الأحداث الأمنية غير المستقرة والإرهاب بعد أن ترك لي طفلتين. والآن أخذت القوات الأمنية زوجي الثاني"، بعد الاشتباه به.

وتتذكر حياتها السابقة وتقول "هذه البلاد مثل مقبرة كبيرة لا تشبع من جثث مواطنيها التي لا تريدهم إلا قتلى حرب أو إرهاب".

وتتابع "حياتي بعد النزوح أصبحت صعبة جدا. أنا وحيدة مع أطفالي بلا معيل ولم تعد لي قدرة على التحمل".

خالة أريد حذاء

 قصص المعاناة بسبب النزوح وعيش الظروف الصعبة  لا تنتهي. "خالة أريد حذاء حتى لو مستعمل وقديم"، قالتها أمل لمراسلة موقع (إرفع صوتك) بصوت لا يكاد يُسمع وبملامح باكية في مخيم الغزالية لاستقبال النازحين ببغداد، في إشارة إلى أن الحذاء الذي كانت ترتديه منذ نزوحها من مدينة الأنبار حتى وصولها لهذا المخيم قد تمزق وهي الآن تسير حافية القدمين.

أمل وغيرها من الفتيات يركضن نحو كل زائر لهذا المخيم لغرض الحصول على ما يمكن الحصول عليه من معونات ومواد غذائية وغير ذلك، أو طلب المساعدة لتوفير ما يحتجن إليه. وتضيف أمل، 18 عاماً، "لم نستطع أن نحمل معنا أي من حاجاتنا. كنا نفكر فقط في الفرار بحياتنا".

اجراءاتهم الأمنية المخيفة

 أما الحاجة أم طارق فتقول لموقع (إرفع صوتك) "لم نتوقع الخلاص من تنظيم  داعش وعبور السيطرات التفتيشية وتحمل إجراءاتهم الأمنية المخيفة والمتعبة للتأكد من سلامة موقفنا الأمني، ليتم إلقاء القبض على ابني".

وتضيف الحاجة التي نزحت مع ابنها وزوجته وأطفالهم من مدينة الفلوجة "توسلت إلى رجل الأمن وطلبت منه إطلاق سراح ولدي، وقلت له إنّه لم يفعل شيئاً، لكنّه رفض وأخذوه بعيداً عنا".

تورطهم بأعمال إرهابية

 وتخشى القوات الأمنية من أن يكون من بين النازحين أشخاص يشتبه في قيامهم بأعمال أو جرائم إرهابية لصالح تنظيم داعش.

وتتوقع عضوة اللجنة القانونية في البرلمان العراقي النائبة حمدية الحسني في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن يستمر حجز الكثير من الشباب والرجال من النازحين والفارين من المدن التي كانت تحت سيطرة داعش حتى يتسنى جمع المعلومات عنهم والتأكد من سلامة موقفهم الأمني وعدم تورطهم بجرائم أو أعمال إرهابية.

*الصورة: "خالة أريد حذاء حتى لو مستعمل وقديم"/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".