المغرب - الرباط - لجوء

المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

أجبرت الصراعات الطائفية والحروب في العراق ملايين العراقيين على الهروب إلى الخارج بحثا عن موطن آمن، فمنهم من هاجر إلى أوروبا وأميركا، ومنهم من فضل أقطارا عربية واتخذ منها موطنه الثاني، ضمنها المغرب الذي يتواجد به مئات اللاجئين العراقيين.

هروب من الطائفية

تختلف أسباب لجوء المواطنين العراقيين إلى المغرب، فمنهم من كان معارضا لنظام صدام حسين، ولجأ هربا من بطشه، ومنهم من لم يستطع العيش في ظل انعدام الأمن والاستقرار، وتنامي الصراع الطائفي الذي ما زال يعصف بالبلاد إلى اليوم.

اقرأ أيضاً:

لاجئون بفرنسا: نجونا من موت محقق

نازحو الموصل.. هل الاستعدادات كافية لتفادي الكارثة؟

سعد الحسن، 48 عاماً، لاجئ عراقي اتخذ من المغرب موطنا ثانيا بعدما نجح في الهروب من مدينة بغداد قبل تسع سنوات، حيث كانت الحروب الطائفية  بين السنة والشيعة في أوج قمتها عام 2007، ليقرر ترك العراق ويعيش وحيدا في المغرب.

"هربت من بلدي (العراق) بسبب القتال الطائفي لأنني غير منتمي لأي حزب أو طائفة او مذهب، فأنا علماني أومن بفصل الدين عن الدولة"، يقول سعد الحسن في حديثه لموقع (إرفع صوتك).

تعايش وأمل مفقود

ويرى سعد الحسن أن سبب اختياره للمغرب كبلد للجوء بدل أوروبا بأن المغرب بلد متسامح ولا توجد فيه طائفية، ومواطنوه يقبلون الآخر ويرحبون به كواحد منهم. "كل أصدقائي من المغاربة وهم يعاملوني بمنتهى الاحترام".

يعيش سعد الحسن وحيدا في بيت يكتريه منذ سنوات، ويتابع دراسته في كلية الحقوق بالمحمدية قرب العاصمة الرباط، ويكتب في النقد الرياضي، وأمله في أن يجد عملا يعينه على تحمل مصاريف الحياة.

"كنت أعيش في العراق وأعمل في المجال السياحي، لكن انعدام الأمن والاستقرار أثرا بشكل سلبي على القطاع السياحي بالعراق.. لكني الآن عاطل عن العمل ولا توجد فرصة عمل للاجئ في المغرب"، يضيف المتحدث.

وتوقع سعد الحسن أن أوضاع العراق سيئة للغاية ولا أمل في تحسنها في ظل استمرار التشتت والصراع الطائفي، حيث تبقى فرص التحسن شبه معدومة، كما أن تنظيم داعش باتت أيامه معدودة إذا ما تضاعفت جهود القضاء عليه.

 شتات يصعب جمعه

لا يوجد رقم محدد لعدد اللاجئين العراقيين بالمغرب، إذ يفضل أغلبهم عدم الظهور والإفصاح عن صفته كلاجئ، وهو ما يصعب من إمكانية جمع شتات العراقيين بالمغرب، يقول ناصر أبو السدي، وهو لاجئ عراقي مقيم بالمغرب منذ  ثلاث سنوات.

ويصف أبو السدي الذي فر من أتون الحرب الطائفية التي يعيشها العراق منذ سنوات في حديثه لموقع (إرفع صوتك) رحلة لجوئه من العراق مرورا بالأردن ثم المغرب في رحلة عذاب استمرت لشهور، قبل أن يحط رحاله رفقة عائلته بمدينة الرباط لتبدأ رحلته نحو البحث عن الاستقرار المفقود.

 تضم عائلة السدي خمسة أفراد، يكترون شقة في أحد الأحياء الشعبية بالرباط، معيلهم الوحيد هو ناصر الذي يعمل مياوما، حيث يشتغل يوما ويتعطل أسبوعا، في ظل نقص فرص العمل بالمغرب.

وبنبرة حزينة، يطالب السدي الأمم المتحدة والسلطات المغربية والعراقية بجمع شتات اللاجئين العراقيين، وضمان حقوقهم في العيش الكريم، فلا يعقل أن يعيش الإنسان مغتربا بدون مستقبل، حسب تعبيره.

*الصورة: من شوارع المغرب/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".