بقلم خالد الغالي:
"كارثة إنسانية" هو الوصف الذي اختارته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لما يمكن أن يحدث من موجة نزوح هائلة لسكان الموصل (شمال) بالتزامن مع تقدم العملية العسكرية لاستعادة المدينة من تنظيم داعش. وتمنّي المفوضية النفس بأن يحدث النزوح بشكل تدريجي حتى تتمكن هيئات الإغاثة من احتواء الوضع، في ظل توقعات بنزوح ما لا يقل عن مليون شخص من المدينة.
لكن الاستعدادات لمواجهة "الكارثة" تواجه مشاكل جمة، في مقدمتها صعوبة الحصول على أراض صالحة لإنشاء مخيمات وضعف الاعتمادات المالية اللازمة لتوفير استجابة فعالة لعملية النزوح.
البحث عن الأراضي
يقول ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق برونو جيدو إن التحدي الرئيسي الذي يواجه المفوضية الآن يتمثل في عدم توفر مساحات كافية من الأرض لاستيعاب النازحين المتوقعين.
اقرأ أيضاً:
نازحات عراقيات يتحدثن عن تعامل الناس معهن
قوات سوريا الديمقراطية: سنقود عملية تحرير الرقة
ويضيف برونو، في حديث مع إذاعة الأمم المتحدة، "لدينا الآن خيام تكفي 150 ألف نازح، لكن الأرض المتاحة تكفي لإيواء 60 ألفا. من الصعب العثور على الأرض المناسبة".
صعوبة الحصول على الأرض يوضحها مساعد الإعلام والاتصال العام في مكتب المفوضية في العراق نصر الدين طوايبية لـ(إرفع صوتك)، قائلا "فيما يتعلق بالأرض هناك مسألتان: أحيانا، تعطى لنا أراض غير صالحة جغرافيا لإيواء مخيمات، كأن تكون غير مستوية. وأحيانا تعطى لنا أراض في مناطق غير آمنة. معايير المفوضية تفرض أن تكون المخيمات بعيدة عن الخطوط الأمامية للقتال بمسافة تتراوح بين 30 إلى 50 كيلومترا، ونرفض الأراضي التي تقدم لنا دون أن تحترم الحد الأدنى لمسافة الأمان".
وما يزيد من صعوبة الحصول على الأرض المناسبة هو الخوف من أن "تكون ملوثة بالمتفجرات"، يضيف جيدو موضحا أن مالكي الأراضي لا يرغبون في تأجير أراضيهم في بعض الحالات.
ويقول جيدو إنّ المفوضية بدأت بإحضار الخيام (7000 خيمة) من مخازنها في دبي وعمان، مؤكدا أنها قادرة على بناء 50 ألف خيمة تكفي لإيواء 300 ألف شخص، لكن المشكلة تكمن في أن الأراضي المتاحة لا تضاهي ذلك. ويشدّد جيدو "نواصل الدعوة لتخصيص المزيد من الأرض".
أموال غير كافية
بنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لحد الساعة خمسة مخيمات تحسبا لمعركة الموصل (ديبكة، زيليكان، أمالا، حسن شام، العلم)، وتستعد لبناء ستة مخيمات جديدة، لكن المهمة ليست سهلة.
فإضافة إلى مشكل الأراضي، تشتكي المفوضية أيضا من ضعف التمويل. وهو ما أكده المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، في زيارته الأخيرة للعراق، لأربعة أيام بين 16 و20 تشرين الأول/أكتوبر.
وقال غراندي في زيارته إن المفوضية أعلنت أنها في حاجة إلى 196.2 مليون دولار أميركي لتمويل كامل استجابتها للنزوح من الموصل.
لكن مساعد الإعلام والاتصال في المفوضية نصر الدين طوايبية، أكد لـ(إرفع صوتك) أنّ المفوضية لم تستطع لحد الساعة الحصول سوى على 95 مليون دولار، أي 48 في المئة فقط من المبلغ المطلوب.
في ضوء هذا الوضع، لا تملك المفوضية سوى أن تتمنى عدم حدوث موجة نزوح كبيرة خلال الأيام المقبلة. يقول ممثلها في العراق برونو جيدو "أية زيادة عن 150 ألف شخص ينزح خلال عدة أيام، ستمثل عبئا على الخطط الحالية.. إذا حدث النزوح دفعة واحدة، بمعنى أن ينزح 150 ألفا أو 200 ألف شخص معا، فستحدث كارثة إنسانية".
وسجّلت المفوضية لحد الساعة 10,550 نازحا منذ بداية العملية العسكرية. برونو جيدو، في حواره مع إذاعة الأمم المتحدة، كشف أن بعض النازحين عادوا إلى ديارهم، ولا يستبعد أن يكون ذلك نتيجة "عدم توفر المساعدات الكافية" بسب غياب مخيمات في المناطق التي نزحوا إليها.
على كل حال، فإن بقاء السكان في منازلهم يمثل في حد ذاته أحد خيارات المفوضية لتفادي موجات نزوح كبيرة تفوق طاقة المخيمات. يقول جيدو "لقد ناقشنا كيف أن للاستراتيجية العسكرية بُعدين، أولا تجنب الحاجة لنزوح المدنيين، إذا توفر لهم خيار البقاء في ديارهم مع توفر الحماية لهم. ثانيا السماح بعودة المدنيين إلى منازلهم". ويتابع ممثل المفوضية "من خلال حوارنا مع الجيش العراقي، هناك تفاهم واضح على أن الراغبين في البقاء في منازلهم، سيُسمح لهم بذلك مع توفير الحماية لهم بأفضل شكل ممكن".
*الصورة: قامت مفوضية اللاجئين ببناء خمسة مخيمات استعدادا لمعركة الموصل/ UNHCR/Rasheed Hussein Rasheed
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659