بقلم إلسي مِلكونيان:

يترقب العراقيون بكافة طوائفهم تطورات معارك الموصل على أمل تحريرها من تنظيم داعش الذي يسيطر على المدينة منذ صيف 2014.

لكن هذ المعارك أجبرت عددا كبيرا من المواطنين على مغادرة منازلهم باتجاه مخيمات اللجوء العراقية، والتي تحوي أصلاً على آخرين نزحوا خلال الشهور الماضية أثناء تحرير مدنهم من داعش، إلى أن بات عددهم يفوق ثلاثة ملايين نازح، في شهر أيلول/سبتمبر 2016، حسب الإحصائية الأخيرة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.

اقرأ أيضاً:

للاجئين حقوق… تعرّف عليها

نازحات عراقيات يتحدثن عن تعامل الناس معهن

وعلى الرغم من قيام منظمات الإغاثة بمساعدة عدد كبير من النازحين، ثمة ورطة أخرى تتربص بمستقبل هذا البلد، إذ يخشى من حدوث موجة نزوح سكان الموصل بشكل جماعي مما يهدد بـ"كارثة إنسانية"، حسب وصف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

كيف تعمل منظمات الإغاثة؟

وتقوم منظمات محلية ودولية بإغاثة النازحين من المدن التي سيطر عليها داعش. ومن أبرز المنظمات المحلية، "منظمة غوث"، التي تعنى بتقديم مساعدات غذائية وطبية فورية للنازحين في المناطق الساخنة. وتعمل المنظمة، التي أسّست عام 2012، بصفة مستقلة بالاعتماد على التمويل من ميسوري الحال والتجار العراقيين، وبالتنسيق مع الجهات الحكومية.

يقول أحمد آغا، رئيس المنظمة، لموقع (إرفع صوتك) "نتواصل مع القوات الأمنية والإعلاميين لنتأكد من وجود النازحين وعددهم وأوضاعهم في المخيمات. وبناء على هذه المعلومات نقوم بالتنسيق مع هذه الجهات لنتمكن من الوصول إليهم".

ويوضح آغا أن المنظمة تقدم نوعين من الإغاثة: إغاثة سريعة تركز على تقديم الأغذية والمعلبات للنازحين الجدد، ومواد تموينية لأولئك الذين يمكثون فترة أطول في المخيم.

وتقوم المنظمات الدولية، والتي تملك إمكانيات أكبر من حيث التمويل، بإغاثة النازحين أيضاً، لكنّها تعمل بمبدأ مختلف. فاللجنة الدولية للصليب الأحمر مثلاً، والتي لديها 900 موظف منتشرين في أنحاء العراق، تساعد النازحين حسب الأولوية.

يقول رالف الحاج، المتحدث الرسمي الإقليمي باسم الصليب الأحمر في العراق لموقع (إرفع صوتك) "نسعى إلى مساعدة من هم في أسوأ أوضاع النزوح في المخيمات، إذ أنهم لا يملكون القدرة على التأقلم السريع مع ظروفهم الجديدة".

كما يقوم الصليب الأحمر بإصلاح شبكات المياه داخل المدن أيضاً والتي تعرضت للتخريب من خلال برامج إعادة تأهيل شبكات المياه. وينتقل بعد ذلك إلى مساعدة العائدين إلى منازلهم التي تعرض كثير منها للقصف.

 العدالة في تقديم المعونة 

ولتلافي الغش وسرقة المعونات، تعمل منظمات الإغاثة على إيجاد صيغة معينة لتضمن وصول المعونات لمن هم بحاجة ماسة إليها وبشكل عادل يطال الجميع.

يقول أحمد آغا "يملك أغلب النازحين بطاقة تموينية أو بطاقة صادرة عن مفوضية اللاجئين. ونقوم نحن بختم البطاقة أو ثقبها فور استلام الشخص للمعونة، ويمنعه ذلك من طلب حصة تموينية أخرى لمرة ثانية".

ويضيف أحمد "وهناك طريقة ثانية لضمان العدالة في تقديم المعونة التموينية وذلك عبر البطاقة الخاصة بمنظمة غوث، إذ يستلم النازح بموجبها المعونة المخصصة له ولعائلته مرة واحدة فقط خلال الحملة الواحدة".

أما أولئك العائدون إلى منازلهم، فهم يحصلون على الإعانة من المنظمات الدولية وفق لوائح يملكها مختارو الأحياء فيها أسماء العائلات وعناوينها.

يقول رالف "نقوم بالتواصل مع مختاري الأحياء ونحصل منهم على قائمة بأسماء العائلات ليستلموا المعونات بموجبها فتحصل بذلك كل عائلة على المعونة ولمرة واحدة من منظمات الإغاثة".

وينصح رالف الأهالي الذين يحتاجون لمساعدة المنظمات الدولية إلى التواصل مع مختاري الأحياء لكي يتم إدراج أسمائهم في اللوائح التي يتم تقديمها إلى منظمات الإغاثة.

ومع الجهد الذي تبذله منظمات الإغاثة لاحتواء المشكلة، تبرز تحديات إضافية، منها حلول فصل الشتاء القارس في العراق الذي يتطلب تأمين متطلبات جديدة للنازحين كالملابس مثلاً، والتمويل الموجود حالياً الذي قد لا يطال الجميع النازحين في العراق وبشكل عادل ومتساوٍ.

*الصورة: فارون من الحرب في الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".