صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
تكافح أروى الشميري، وهي ناشطة حقوقية يمنية منذ اندلاع الجولة الأخيرة من الصراع المسلح في اليمن مطلع العام 2015، جاهدة من أجل تخفيف التداعيات المدمرة للنزاع على الأطفال الذين يدفعون ثمناً باهظاً لهذه الحرب التي ليس لهم فيها “ناقة ولا جمل”.
واطلقت أروى الشميري، 39 عاما، في تشرين أول/أكتوبر 2014، مبادرة ذاتية في محافظة تعز جنوبي غرب البلاد، لتقديم الدعم النفسي للأطفال المتضررين من الصراع حملت اسم مبادرة “رأف للتنمية وحقوق الطفل”.
ويتكون فريق مبادرة “رأف” من 20 فتاة، وأربع شبان، يعملون “طوعياً”، حسب ما قالت أروى الشميري، لموقع (إرفع صوتك).
وأكدت أروى، وهي أم لثلاثة أطفال، أن مبادرتها تمكنت خلال عامين من إنجاز “40 مشروعاً استفاد منها مئات الأطفال والأسر المتضررة من الحرب”.
وأضافت العضوة في الرابطة العالمية للإرشاد الأسري “الأهم هي أنشطة الدعم النفسي للأطفال التي نفذناها في أماكن كثيرة، بدءا بإقامة مركز صيفي مجاني لعدد 30 طفلة تم تدريسهن الحروف الهجائية الإنجليزية عن طريق الرسم والألعاب التي تعتبر تفريغ ودعم نفسي في ذات الوقت”.
نبذ الإرهاب
ومنذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تنفذ المبادرة من خلال روضة تحمل نفس الاسم “رأف” دعماً نفسياً موسعاً يستهدف 20 طفلاً ما قبل المدرسة تتراوح أعمارهم ما بين أربع وست سنوات.
تقول أروى “هذا النشاط سيستمر مبدئياً حتى نيسان/أبريل القادم، يليه مركز صيفي”.
ووفقاً لأروى فإن “غرس القيم الإسلامية المعتدلة، والتسامح ونبذ العنف والتطرف والإرهاب، من أهم ما يتعلمه هؤلاء الأطفال، لكن بأسلوب مبسط، عن طريق القصص الهادفة باعتبارهم لا يدركون بعد معنى تطرف أو إرهاب”.
عدوانيون
وذكرت أروى قائمة من المشاكل التي يعانيها الأطفال في مدينة تعز، قائلة إن “كثيرين منهم باتوا مصابين بالرهاب النفسي بسبب مشاهد العنف، وتجول المسلحين والآليات العسكرية، هذا جعل أغلبهم عدوانيين”.
“لكن من خلال أنشطة الدعم النفسي اكتشفنا نتائج ايجابية كرغبة الأطفال في الدراسة بعد أن كانوا ينفرون منها، وعدم خوف بعضهم من المظاهر العسكرية”، على حد قولها.
وأضافت أروى، وهي أيضاً موظفة حكومية في قسم التوجيه التربوي بمكتب التربية في مديرية المظفر بتعز، “إحدى الأمهات أكدت لي أن ابنها توقف عن التبول الليلي بعد شهر واحد من التحاقه بالروضة وتلقيه دعماً نفسياً.. كذلك أسيل سمير (خمسة أعوام)، طفلة يتيمة قتل والدها برصاص عشوائي وسط المدينة قبل حوالي عام، وبسبب ذلك كانت تعاني من الانطواء، لكن بعد عدة جلسات دعم نفسي بدأت تندمج مع الأطفال”.
تحب التعليم
جنات عدنان، خمس سنوات، واحدة من مئات الأطفال الذين استفادوا من مشروع الدعم النفسي الذي تقدمه مبادرة “رأف” تقول، لموقع (إرفع صوتك)، “تعلمتُ أ ب ت ث... أنا أحب المدرسة وصديقاتي فيها، أخاف من الرصاص. إن شاء الله تتوقف الحرب”.
ليبيا عبد الجليل، وهي أم لثلاثة أطفال أحدهم جنات، قالت “ابنتي جنات استفادة الكثير منذ التحقت بروضة رأف، باتت تحب التعليم وتتحدث عن طموحاتها”.
وأضافت ليبيا، لموقع (إرفع صوتك) عبر الهاتف من مدينة تعز، “الحرب حطمتنا. فقدت عملي، وكالمثل زوجي، نعيش على البركة والحمدلله”.
كانت ليبيا تعمل منسقة دورات لصالح الصندوق الاجتماعي للتنمية، وكان زوجها عامل بناء مياوم.
أرقام
ويفتقر آلاف الأطفال في تعز للتعليم والرعاية الصحية ومياه الشرب النظيفة، في ظل توقف إرسال المساعدات الإغاثية للمدينة، التي حذر ائتلاف الإغاثة الإنسانية (تكتل لمنظمات مجتمع مدني محلية)، من مجاعة قد تؤدي إلى كارثة إنسانية وشيكة.
وقال الائتلاف في أحدث تقاريره، إن 91 شخصاً قتلوا (بينهم 13 طفلاً وسبع نساء)، خلال كانون الأول/ديسمبر الماضي فقط، جراء عمليات القنص والقصف العشوائي على الأحياء السكنية.
وتقول الأمم المتحدة إنها “منذ بداية النزاع في آذار/مارس 2015، وثّقت مقتل 1400 طفل وإصابة أكثر من 2140 بجروح”.
وأضافت منظمة اليونيسف أن “2.2 مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية الحاد. وهناك أكثر من 2 مليون طفل باتوا خارج المدارس، مقارنة بمليون و600 ألف طفل قبل الحرب الأخيرة، وأن قرابة 2000 مدرسة خارج الخدمة بسبب تعرضها للدمار والضرر أو لأنها تأوي عائلات نازحين أو تستخدم لأغراض عسكرية”.
قنابل موقوته
وأكدت المنظمة الدولية المعنية بالطفولة، أنها وثقت 1200 حالة لتجنيد الأطفال، تورطت فيها كافة القوى المتصارعة.
وتقول أروى الشميري، “التواصل مع الأطفال المنخرطين ضمن الجماعات المتحاربة محظور، رغم أننا نشاهدهم أمام أعيننا بعضهم بعمر 12 سنة، يحملون السلاح ويقومون بأعمال لوجستية في تلك المعسكرات القريبة منا، لكن من يحاول مجرد الكلام معهم يتم مراقبته ومضايقته. هؤلاء يحتاجون لدعم نفسي مكثف، حقيقة هؤلاء قنابل موقوته على اليمن، جيش من الإرهابيين”.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659