امرأة يمنية نازحة تقف خلف أطفال في مخيم للنازحين شمالي صنعاء/إرفع صوتك
امرأة يمنية نازحة تقف خلف أطفال في مخيم للنازحين شمالي صنعاء/إرفع صوتك

صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

لم تستسلم أم نبيل، 35 عاماً، لظروف النزوح الصعبة التي عايشتها منذ أن أجبرت على مغادرة منزلها في مدينة تعز جنوبي غرب اليمن مطلع العام الماضي، قبل أن تتوفق في تأمين مصدر رزق لها ولأسرتها الصغيرة المكونة من ستة أفراد.

واضطرت السيدة المنفصلة عن زوجها، والتي تتكفل برعاية ابنها الوحيد وثلاث من أخواتها (إحداهن أم لطفلة)، للنزوح إلى العاصمة صنعاء بعد أن دمر قصف مدفعي منزل شقيقها المجاور لمنزلها شرقي مدينة تعز المضطربة منذ أكثر من عامين.

بيع وشراء

“في البداية بعت كل ذهبي وأنفقت عائداته لإطعام أسرتي، وسداد إيجار المنزل في صنعاء البالغ 20 ألف ريال (64.5 دولار)”، تقول المرأة التي فضلت مناداتها بكنيتها أم نبيل.

وتذكر أنها بحثت جاهدة عن فرصة عمل لدى محلات الكوافير في صنعاء بحكم خبرتها في المكياج والصبغات، لكنها لم تفلح في الحصول على عمل بسبب حالة الكساد جراء الحرب الدائرة في البلاد منذ اجتياح الحوثيين للعاصمة اليمنية، في أيلول/سبتمبر 2014.

وأشارت إلى أنه عملاً بنصيحة مالكة محل كوافير، بدأت منذ نحو خمسة أشهر مزاولة مهنة بيع وشراء الإكسسوارات وأدوات التجميل.

“الحمد لله أكسب ما بين 200 ريال (0.6 دولار) و2000 ريال (6.45 دولاراً) في اليوم”، أضافت أم نبيل، التي تشتري أدوات التجميل من السوق القديم في مدينة صنعاء التاريخية وتبيعها في محلات الكوافير النسائية.

 

أرقام

وإذا كان الحظ حالف أم نبيل في تأمين مصدر رزق يفي بالكاد بأبسط احتياجات أسرتها المعيشية، فإن عشرات الآلاف من الأسر النازحة تعيش أوضاعاً معيشة قاسية، على وقع استمرار تصاعد النزاع الدامي الذي خلف واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم من حيث عدد السكان المحتاجين للمساعدات العاجلة، حسب تصنيف الأمم المتحدة.

وأجبر أكثر من ثلاثة ملايين يمني على ترك ديارهم منذ اندلاع الجولة الأخيرة من الحرب الدائرة في البلاد أواخر آذار/مارس 2015.

ويقطن معظم النازحين في مناطق ريفية أو لدى أقارب أو مساكن بالإيجار في المدن الرئيسية خاصة العاصمة صنعاء، بينما لجأ آخرون إلى مخيمات إيواء، في محيط العاصمة ومحافظات عمران ومأرب وإب، شمالي وشرق ووسط البلاد.

وتقدر إحصائيات لمنظمات مجتمع مدني أن أكثر من 13 في المئة من الأسر النازحة تعولها نساء.

“قاتلة للنساء”

وتصف بشرى فاضل، وهي باحثة وناشطة يمنية في مجال الإغاثة الإنسانية، ظروف النزوح بأنها “قاتلة للنساء”.

وكانت بشرى، 26 عاما، قد نزحت مع عائلتها من محافظة صعدة المعقل الرئيس لجماعة الحوثيين شمالي اليمن عند بداية اندلاع الحرب مطلع العام 2015، حيث تقطن حالياً مسكناً بالإيجار في شمالي مدينة صنعاء.

قصور

وبحكم عملها في مجال الإغاثة الإنسانية تسرد بشرى قصص مأسوية لأسر نازحة لا تكاد تجد ما يسد رمقها، فضلاً عن نساء “استطعن التغلب على أوضاعهن الصعبة بأعمال بسيطة”، على حد قولها.

“هناك مثلاً أم صدام، 40 عاما، وهي سيدة مهمشة (من ذوي البشرة السوداء) لديها ثمانية أطفال، إحدى بناتها مصابة بتكسر صفيحات الدم، وزوجها مختفي منذ أربع سنوات. هذه الأم تضطر للعمل (كلما توفر) في مزرعة طماطم لتوفير قيمة الطعام لأطفالها”، تقول بشرى فاضل، لموقع (إرفع صوتك).

وترى بشرى أن هناك قصوراً كبيراً من قبل المنظمات المحلية والدولية حيال تدريب وتأهيل النساء النازحات وتمكينهن من القيام بأعمال مدرة للدخل.

صحتي تدهورت

إلى ذلك تقول فاطمة الزبيدي، 50 عاما، إن “كل شيء تغير، ولم يعد للحياة أي قيمة”.

“نعيش أياماً صعبة منذ استشهاد زوجي”، تضيف الزبيدي التي كانت تتحدث عن حال أسرتها بعد نحو عام على مقتل زوجها بغارة جوية استهدفت صالة أفراح مجاورة لمنزلهم جنوبي العاصمة صنعاء، يوم 25 شباط/فبراير 2016.

أضافت فاطمة، وهي أم لخمس فتيات وولد، لموقع (إرفع صوتك) “لا أستطيع وصف خسارتي والرعب الذي عشناه ذلك اليوم، صحتي تدهورت، ويتم نقلي أسبوعياً إلى المستشفى”.

“زوجي كان يعمل في بيع الخضروات والفواكه، رحمه الله، الآن أصبحتُ وأبنائي مشردين في منزل بالإيجار، ووضعنا المعيشي سيء”، تابعت فاطمة ثم أجهشت بالبكاء.

​يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".