مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:
شهدت الأعوام الماضية في مصر تحولات كبيرة كان من ضمنها تزايد ظاهرة العنف الأسري وكان الأكثر عرضة له هم النساء. فقد أكدت آخر الإحصائيات في هذا المجال والتي أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، في ديسمبر/كانون الأول 2014، أن 92 في المئة من الجرائم الأسرية تندرج تحت ما يسمى بجرائم الشرف ارتكب الأزواج 70 في المئة منها ضد زوجاتهم، وارتكب الأشقاء 20 في المئة منها ضد شقيقاتهم والآباء سبعة في المئة ضد بناتهم، وثلاثة في المئة ارتكبها الأبناء ضد أمهاتهم.
ويحدد الدكتور أحمد مصيلحي رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال بنقابة المحامين في حواره لموقع (إرفع صوتك) خمسة أسباب رئيسة للعنف الأسري:
الأول: الفقر باعتباره السبب الرئيسي لكل المشكلات الاجتماعية، فعدم قدرة الزوج على تدبير مصاريف أسرته يدفعه في كثير من الأحيان إلى الاعتداء على الزوجة.
الثاني: الإعلام، فمعظم البرامج الحوارية (التوك شو) تساعد على نشر العنف وكذلك المسلسلات والأفلام التي أصبح معظمها يتحدث عن المخدرات والبلطجة.
الثالث: الموروثات الثقافية وأبرز أمثلتها العنف ضد الأطفال حيث يسود مفهوم أن تأديب الأبناء لا يتم إلا بالعنف وهذا النوع ينطبق على المنزل والمدرسة.
ويضرب مصيلحي مثالاً لذلك بحالة تعامل هو شخصيا معها لتلميذ في الصف الخامس الابتدائي تعدى عليه والده بالضرب المبرح لأنه قطع بنطلون الجينز الجديد. وحين ذهب إلى المدرسة وشاهدت المشرفة آثار العنف الذي تعرض له التلميذ والذي تسبّب له بتورمات في وجهه وجسده، وعلمت بالقصة، قامت برفع شكوى للمجلس القومي للأمومة والطفولة الذي اتخذ الإجراءات القانونية إلى أن أخذ الأب جزاءه.
الرابع: انتشار المخدرات، وهو ما يجعل متعاطيها يمارس العنف ضد أسرته من دون وعي.
الخامس: انتشار ظاهرة أطفال الشوارع وعمالة الأطفال، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الأسرة المصرية.
العنف ضد المرأة
من جهتها، تشير الدكتورة إيمان ببيرس، رئيسة مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة، لموقع (إرفع صوتك) إلى أن العنف الأسري موجود منذ زمن طويل، لكن بأنواع مختلفة.
وترجع أسبابه إلى الضغوط الاقتصادية وطبيعة المجتمع الذكوري الذي يعتبر ضرب النساء نوعاً من أنواع التنفيس عن الرجل. وتقسم بيبرس التي تعمل في قضايا المرأة منذ 30 عاماً العنف الأسري إلى نوعين: بدني ومعنوي.
"كلاهما لهما تأثيرات سلبية على الأسرة والمجتمع تظهر واضحة في خروج أجيال جديدة غير سوية ومعقدة باعتبار أن الأطفال هم أول الضحايا، كذلك فإنها تخلق مجتمعاً غير منتج، فالأسرة العنيفة يُقدِم أفرادها على الإدمان وأبناؤها يتسربون من التعليم في الغالب".
جهود المجتمع المدني
وتتابع أنّ منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال تقوم بجهود كبيرة، لكنها غير كافية نظرا لقلة الموارد والتمويل التي يجعلها غير قادرة على القيام بواجبها كما ينبغي تجاه المحافظة على الوضع الاقتصادي لهذه النوعية من الأسر التي غالباً ما تحتاج إلى إعادة تأهيل وهو ما يتكلف أموالاً كثيرة، كذلك فإن التغيير الأخلاقي والسلوكي يحتاج لوقت طويل حتى يأتي بالنتائج المرجوة.
ويتفق مصيلحي مع هذا الرأي ويؤكد أن الجهود التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني هي أقرب للجهود الشخصية ولن تكون ملموسة في المجتمع إلا بوجود استراتيجية واضحة للقضاء على ظاهرة العنف الأسري تتبناها الأجهزة الحكومية بمشاركة المجتمع المدني مطالباً بتفعيل دور المجلس القومي للأمومة وللطفولة.
ويشير إلى وجود القوانين التي تعاقب من يرتكبون جرائم العنف الأسري سواء في قانون العقوبات أو في قانون الطفل المصري وهي كافية.
ويتابع أن "الوهم الأكبر للشعوب أنها تتصور أن وجود القانون والتشريعات يحل المشكلات فالقانون بمفرده لن يكون كافياً لحل مشكلة كالعنف الأسري، لكن الأمر يحتاج إلى خطط وإستراتيجيات وتغيير ثقافات حتى يتمكن المجتمع المصري من التخلص نهائياً من ظاهرة العنف الأسري".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659