لاجئون سوريون في المغرب/وكالة الصحافة الفرنسية
لاجئون سوريون في المغرب/وكالة الصحافة الفرنسية

المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

بعد أن اشتد عليهم الخناق بسبب الحرب والحصار، وتمكنهم من الفرار بأنفسهم باتجاه بلدان أخرى طلبا للأمان، وجد ملايين من السوريين أنفسهم أمام عقبات أخرى زادت من معاناتهم، أهمها فقدانهم لوطنهم الأم ولمستقبل أبنائهم الذي أضحى مجهولا.

الأطفال ضحايا السياسة

عددهم يفوق 2600 لاجئ بالمغرب حسب آخر الأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بالمغرب. أغلبهم أسر تتضمن أطفالا قاصرين في سن التعليم، لكنهم يواجهون ظروفا صعبة في بلدان اللجوء بسبب عدم تمكنهم من الاندماج من جديد.

"هربنا من جحيم الحرب فأصبحنا في مواجهة المجهول حيث لا وطن لنا ولا مستقبل لأبنائنا"، يقول عبد الله لموقع (إرفع صوتك)، وهو لاجئ سوري فرَّ إلى المغرب رفقة عائلته المكونة من أربعة أطفال أكبرهم لم يتجاوز سنّ الـ15.

ويضيف اللاجئ السوري عبد الله الذي يرابط قرب مسجد بمدينة سلا بينما يتوزع أبناؤه وزوجته في باقي شوارع ومساجد المدينة للتسول، أنه فقد الأمل في إيجاد بيئة مناسبة لتربية أبنائه وضمان حقوقهم ومستقبلهم، فما كان منه إلا إخراجهم لمساعدته في كسب قوتهم اليومي بأنفسهم عبر التسول.

"أطفالنا ضحية ما يقع اليوم بسورية ولا نعلم إلى متى سيستمر وضعنا مشردين في بلدان اللجوء، فيما يؤدي أطفالنا ثمن الصراعات السياسية التي لا دخل لنا فيها"، يضيف المتحدث بكلمات تعبر عن خيبة أمله في تحقيق أمنيات أطفاله الصغار الذين أصبحوا رجالا قبل الأوان.

تبخرت أحلام عبد الله في الوصول إلى أوروبا بعدما بقي عالقا قرب السواحل الليبية لشهرين في انتظار مهرّب وعده وكثير من اللاجئين بتوصيلهم إلى إيطاليا، ليكتشفوا أخيرا أنهم ذهبوا ضحية عملية نصب راحت معها أموالهم وأحلامهم، وفق حديث عبد الله لموقع (إرفع صوتك).

وطن مفقود

يعيش أطفال اللاجئين السوريين في المغرب أوضاعا مزرية، حيث ليس بمقدورهم استكمال دراستهم في المدارس، رغم توفر هذا الحق الذي ترعاه مفوضية اللاجئين، إلا أن أغلب الآباء يرفضون إدخال أبنائهم للمدارس ويفضلون استغلالهم في التسول.

هذا الكلام يبرره حديث الطفل مسعود أحمد، الطفل اللاجئ الذي ترغمه عائلته على التسول في الشارع لجلب المال. "يجبرني أبي على بيع المناشف الورقية وأن لا أعود إلى البيت إلا ومعي مبلغ 50 درهما على الأقل يوميا، وإلا فإني سأتعرض للضرب والحرمان من الأكل"، يخبر مسعود (إرفع صوتك) والدموع تغالبه.

يتركنا مسعود ليتوجه صوب موقف سيارات يستجدي أصحابها لإنقاذه مما ينتظره في البيت من وعيد، لكنه يعود بعدما حصل على بعض الدراهم ليحكي لنا كيف كان متفوقا في صفه حيث يدرس بالسنة الثانية الإعدادية بمدينة حلب، قبل أن يتحول نبوغه في الدراسة إلى ذكرى تراوده.

بحرقة يعبر مسعود عن خيبة أمله في ضياع مستقبله وتبخر أحلامه التي عاش لأجلها، "ما صرنا عايشين ولا ضامنين ما ينتظرنا في الغد. عائلتي مشتتة ووطني يتدمر، ولا سبيل لفعل شيء سوى الصبر وانتظار الفرج والعودة إلى بلادنا رغم كل شيء".

أمل في المستقبل

أما عمرو، وهو لاجئ سوري يعيش في المغرب رفقة عائلته بعدما تمكنوا من الحصول على أوراق الإقامة، فيرى أن المستقبل لا يزال أمام جميع أطفال اللاجئين، خاصة إذا ما نجحت المساعي الدولية لحل الأزمة السورية، وعودة السوريين المهجرين إلى وطنهم.

ويضيف عمرو (17 سنة) أنه رغم الظروف الصعبة التي يمر بها برفقة عائلته، إلا أنه لم يفرط في مستقبله، حيت ما زال يتابع دراسته عن بعد عن طريق الإنترنت، ويتمنى تحسن الأوضاع للعودة إلى سورية لاستكمالها وضمان مستقبله.

ولا يخفي عمرو أمله في أن يعود لسورية ويتمكن من متابعة دراسته التي قطع فيها أشواطا مهمة، رافضا فكرة الهجرة نحو أوروبا كما فعل رفاقه سابقا، حيث يفضل الشاب السوري العودة لبناء مستقبله من جديد فوق التراب السوري "الذي يبقى عزيزا حتى وإن جار عليه"، وفق تعبير المتحدث.​


يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".