“أبنائي الآن لا ينقصهم شيء، ومع ذلك لا يعلم غالبيتهم بالظروف السيئة التي مررت بها”، الكلام للسيدة ذهب عبده فارع، وهي لاجئة صومالية في اليمن منذ العام 1990.
تقول ذهب، 47 عاما، وهي أم لسبعة أبناء، لموقع (إرفع صوتك) “بداية لجوئي إلى اليمن عشتُ ظروفاً سيئة جداً، لم أكن أعرف أحداً هنا ولم أمتلك منزلا أسكن فيه. وعندما التحق أول أطفالي بالمدرسة لم أكن أمتلك ريالاً لأعطيها له كمصروف أو أشتري له ملابس للمدرسة... بعت حينها جزءاً من ذهبي”.
وتتابع المرأة، التي تعمل منذ ثلاثة سنوات رئيسةً لمركز خاص بتنمية مجتمع اللاجئين الصوماليين في العاصمة صنعاء، تدعمه منظمة إغاثية دولية “بدأت مشروعي الخاص بتصنيع وبيع الآيس كريم (مثلجات) أمام إحدى المدارس بصنعاء، وكافحت من الصفر، حتى وصلت إلى ما أنا عليه الأن”.
إلى أميركا
وذكرت ذهب فارع، أنها تعمل منذ سنوات في صناعة الملابس والبخور بصنعاء، ما ساعدها على إعالة أسرتها وتدريس أبنائها الذين أكمل إثنان منهم دراستهما الجامعية في صنعاء، حيث يواصلان حالياً دراساتهما العليا في الولايات المتحدة الأميركية.
أضافت “أشعر بسعادة لا توصف”.
وتؤكد ذهب أنها لم تحصل على أي مساعدة من المنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين منذ دخولها إلى اليمن “اعتمدت على نفسي وزوجي الذي كان مغترباً في السعودية”.
تتابع أنصح اللاجئين أن يتحلوا بالصبر، و "الأهم أن يبحثوا عن قدراتهم التي تمكنهم من الاستثمار، فمهما كان العائد قليلاً سيكون أثره كبيراً على الأسرة”.
مصدر رزقه
كذلك هو الحال، بالنسبة للإرتيري إدريس محمد حيو، وهو أب لثلاثة أطفال، يعمل منذ عام ونصف ضمن فريق طبي تابع لمنظمة دولية، مكلف باستقبال ومعالجة الحالات الطارئة من اللاجئين في جميع المستشفيات الحكومية في العاصمة صنعاء.
يقول حيو، وهو شاب في الثلاثينات من العمر، إنه عانى كثيراً عقب لجوئه إلى اليمن في العام 2008، قبل حصوله على فرصة لاستكمال تعليمه الجامعي في مجال الطب (دبلوم عالي تخصص مختبرات)، ما أهله للعمل بوظيفة باتت مصدر رزقه وأسرته المكونة من خمسة أفراد.
“عقب تخرجي من الدراسة بصنعاء (2013 – 2014) افتتحت مختبراً صغيراً جوار مخيم اللاجئين في منطقة الخوخة بمحافظة الحديدة (غربي اليمن)، كنت أجني منه يومياً ما بين أربعة إلى ستة آلاف ريال (حوالي 12.90 إلى 19.35 دولار أمريكي)”، يضيف إدريس حيو، الذي ينحدر إلى بلدة عصب الإرتيرية الواقعة على ساحل البحر الأحمر، لموقع (إرفع صوتك).
إسعاد أطفالي
لاحقاً، أجبرت الحرب المستمرة في اليمن منذ أيلول/سبتمبر 2014، إدريس حيو، بمغادرة الخوخة، للانتقال إلى العاصمة صنعاء مجدداً، بعد أن تراجع مستوى دخله من المختبر، حيث نجح بالالتحاق في العمل مع فريق تابع للهيئة الطبية الدولية مقابل راتب قدره 500 دولار شهرياً.
يقول “استطعت إسعاد زوجتي وأطفالي، أكبرهم ستّ سنوات يتلقى تعليمه بالصف الأول الأساسي في مدرسة خاصة بصنعاء، وأسكن منزلاً بالإيجار مكوّن من ثلاث غرف بدلاً من غرفة واحدة كما كان الحال سابقا”.
واختتم قائلاً “ثقتي بالله أولاً وإصراري على مواصلة التعليم وعدم اليأس كانت أهم أسباب نجاحي وتغلبي على ظروفي الصعبة”.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659
28 سبتمبر يوم الملاحة البحرية العالمي. وعلى الرغم من أن هذا اليوم يحتفي بالروابط والشراكات بين الدول، ارتبطت رمزيته في الآونة الأخيرة في ظل النزاعات والفقر المدقع، بمحاولات العبور أو الهجرة التي لا تحمل دائما نهايات سعيدة. وللدلالة إلى حجم المآسي الناتجة عن الهجرة في البحر، ذهب البعض حد وصف البحر الأبيض المتوسط، تلك الساحة الكبيرة للعبور، بـ"مقبرة" المهاجرين وقد بلغت أعداد من خاضوا البحر حتى يوليو 2023 69,599 مهاجراً، لم يكتب للكثير منهم النجاة، حسبما أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
انعكس ذلك على الأدب العالمي الذي نقل قصص المهاجرين عبر أخطر الطرق في العالم وحملها من بلدان الفقر والحروب إلى العالمية لعلها تلقى آذانا صاغية. في ما يلي بعض الكتب التي تناولت الزاوية المظلمة للهجرة عبر البحر.
"حائط الأبيض المتوسط"
في روايته التي تحمل عنوان "حائط الأبيض المتوسط" (Mur Méditerranée)، يصور لويس فيليب دالمبرت رحلة عبور لأشخاص من جنسيات مختلفة مع التركيز على المسارات المتقاطعة لثلاث نساء تختصر قصصهن الهجرة والمنفى. ويظهر عنوان الرواية كيف أن البحر الأبيض المتوسط تحول إلى جدار يعيق التواصل بين الشعوب ونجدتها لبعضها البعض. هذا الجدار مبني، بحسب دالمبرت، من الكراهية والعنصرية والعبودية.
الكاتب المغربي الشهير الطاهر بن جلون نشر قراءته للرواية واصفا إياها بـ"العظيمة"، وهي التي تتناول وحشية المهرِّبين والمتاجرين بالبشر من ناحية وإصرار المهاجرين على السفر وصولا إلى أبواب أوروبا على الرغم من خطر الموت. وتبرع الرواية من حيث التوثيق ومن حيث اختيار الشخصيات: ثلاث نساء، يهوديتان من نيجيريا وإريترية ومسلمة من حلب. ثلاثية تحكي ثلاثية الأقدار التي تظهر درجة العنف والتعقيد في العالم حيث تفر كل من النساء الثلاث من أزمة بلادها، أما الوجهة فجزيرة لامبيدوزا التي تمثل أقصى امتداد لإيطاليا إلى الجنوب. السيدة النيجيرية تهرب من جماعة "بوكو حرام" ومن ضعف الدولة والفساد فيها. والإريترية، تفر من الحرب في بلادها إثيوبيا ومن الفقر الذي يتآكلها. والسيدة الثالثة هاربة مع طفلتيها من سوريا حيث "يقوم بشار الأسد بمساعدة حاسمة من روسيا وإيران بالقضاء على شعب بأكمله". الرواية تظهر كيف يستمر الرعب حتى بعد الخروج من الوطن، حيث تتعرض النساء للإستغلال من قبل المافيا التي تمارس الإتجار بالبشر أو بيع و تأجير النساء للعمل المنزلي أو للخدمات الجنسية. وتظهر الرواية العلاقات التي تنشأ بين المهاجرين ومحاولتهم وضع اليد باليد على أمل أن تنتهي المأساة، قوة النساء بعيدا عن تصويرهن كمجرد ضحايا، لأن الحقيقة المرة وفقا للرواية تدعونا للتفكر بأن كل منا معرض لأن يعيش هذه التجربة.
تحكي الرواية الفرنسية التي تحمل عنوان "قانون البحر" (La loi de la mer) عن تجربة المهاجرين وعن تغير أحوالهم في جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، "محطة الوصول في محاولة العبور لأوروبا، حيث يقفون بوجه الضوء وبوجه الأشواك والرياح غير محميين، على تلك الجزيرة التي تزعزع الإستقرار وترسخ الشعور بالعزلة". بالنسبة للمهاجرين، لا قانون يعلو على قانون البحر، ذلك القانون الذي يجبرهم على عيش تجربة الألم الجماعي.
نشأت فكرة الكتاب بعد لقاء الكاتب مع أحد المنقذين الذي شاركه الألم الذي يعاني منه وهو يجبر أحيانا على أن يتخذ قراراً رهيباً: "ماذا تفعل حين تجد نفسك قريباً من ثلاثة أشخاص يغرقون أمامك، ثم على مسافة خمسة أمتار منك.. أم وطفلها؟ ماذا تفعل؟ من تنقذ أولاً؟ الثلاثة الذين أمامك، أم الأم ومولودها هناك؟". وفي الرواية، جانب آخر لا يكتفي فيه الكاتب بسرد القصص الحزينة وهو الذي يعترف بأنه لا يفقه لغة المهاجرين، بل يسلّط الضوء على الناس الذين يدخلون في احتكاك مباشر معهم من خفر السواحل والأطباء، والصيادين الذين يعيشون أيضًا في حياتهم اليومية دراما حطام السفن ويفهمون صمت الرحيل. وربما الأكثر إيلاما في هذا الكتاب هي تجربة "حفار القبور" فينسينزو، العامل في مقبرة لامبيدوزا. يقوم هذا الحفار عند كل حادثة غرق، بالاعتناء بالجثث وتجهيزها الواحدة تلو الأخرى. يحمل هذا الرجل الذي لم يذهب إلى المدرسة قط كل الآلام في قلبه بطريقته الخاصة. ومنذ تقاعده، لم يعتن أحد بمقبرة "المجهولين" هذه.
« Ici on sauve des vies. En mer, toutes les vies sont sacrées. Si quelqu'un a besoin d'aide, on lui porte secours. Il n'y a ni couleur de peau, ni ethnie, ni religion. C'est la loi de la mer. » pic.twitter.com/daxb7oKp1x
"العراة لا يخشون الماء" (2023): رحلة مع اللاجئين الأفغان بقلم ماثيو أيكينز
يسافر ماثيو أيكينز، الحائز على جائزة "أوزبورن إليوت" للتميز في الصحافة في آسيا لعام 2022، في كتابه "العراة لا يخشون الماء" (The Naked Don’t Fear the Water) متخفياً كلاجئ أفغاني يُدعى حبيب لمرافقة صديقه عمر الهارب من أفغانستان الممزقة بالحرب والمترجم السابق للقوات الأميركية في أفغانستان، في رحلة عبر البر وعبر البحر لطلب اللجوء إلى أوروبا. تدور أحداث الكتاب المستوحى من الواقع، بالتوازي مع تشديد الخناق على تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط إلى أوروبا. ويظهر الإمتيازات التي قد يحظى بها بعض الصحفيين على مستوى التنقل عبر الحدود مقارنة بسواهم.
ويسطّر الكتاب التعاطف العابر للحدود، ليس فقط الجغرافية، وإنما حدود الإمكانيات. ويعطي نظرة ثاقبة على الحياة المفجعة للأشخاص العاديين الذين يخوضون مخاطر رهيبة لإنقاذ أنفسهم، في ظل عدم المساواة في التعاطي مع اللاجئين والتي تعكس المعاناة بفعل القرارات السياسية. في الكتاب، ربما أكثر ما يلفت للنظر هو الرابط الاستثنائي الذي ينشأ بين الأشخاص الذين يختبرون المعاناة نفسها: تقاسم الطعام واحتضان طفل صغير وسط الأمواج المتلاطمة.. هل من تعبير أصدق عن الحب؟
My book, 'At Europe's Edge' is finally out in paperback! 🎉
— Cetta Mainwaring (@CettaMainwaring) May 17, 2023
"على حافة أوروبا" (At Europe's Edge)
في هذا الكتاب، تشارك سيتا ماينوارينغ قصة عن الهجرة عبر البحر الأبيض الذي يعدّ المنطقة الأكثر دموية في العالم بالنسبة للمهاجرين والذي يمثل انعكاساً للسياسات الأوروبية. ويصور الكتاب الأزمة غير المسبوقة مع الغوص في الأسباب التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى تحصين حدوده الخارجية؛ بالتوازي مع مواصلة المهاجرين عبور البحر الأبيض المتوسط حيث يلاقون حتفهم. ويطرح أسئلة عن كيفية استجابة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لدورهم الجديد كحراس "بوابة الهجرة". يحاول الكتاب دراسة العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ومالطا، وهي دولة صغيرة تلعب دوراً كبيراً في سياسات الهجرة حيث تضعها سياسات الاتحاد الأوروبي في مرمى تدفقات الهجرة وضوابطها.
تؤكد الكاتبة على دور البحر الأبيض المتوسط في بناء أوروبا المتنازع عليه، مع نظرة عميقة على دور مالطا والمهاجرين ورحلات التهريب في صياغة سياسات الهجرة والعلاقات الدولية والسياسة العالمية للهجرة واللجوء وأمن الحدود.
"Mediterranao" رواية إيطالية مصورة عن رحلات الأمل التي تصطدم بنهاية مأسوية، وهو يجمع ما بين نص سيرجيو نازارو ورسومات لوكا فيرارا. تعيد الرواية إحياء حرب طويلة وصامتة أودت بحياة الآلاف على مدى السنوات العشرين الماضية وقصة بحر تتكشف المآسي بداخله فتنحسر أمواجه لتتكشف أكبر مقبرة جماعية في أوروبا حيث أكوام الجثث والأشباح المتجولة والأعماق القاحلة بكل قسوتها. ومن هذا الألم، تخرج أماليا التي فقدت عائلتها بأسرتها إثر مجزرة، وتخوض رحلة العبور على الرغم من كل الصعاب والخوف، متجهة إلى إيطاليا بحثاً عن الملاذ الآمن. الكتاب الصادر عن الصليب الأحمر الإيطالي، لا يشيطن البحر الأبيض المتوسط وإنما يلوم السياسات التي حولت المياه المالحة بلا قصد، إلى جدار كبير بين الناس وجسر لمهربي البشر في واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في العالم.