صانع الحلويات الصغير/تنشر بإذن خاص لإرفع صوتك
صانع الحلويات الصغير/تنشر بإذن خاص لإرفع صوتك

مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

خرج من وطنه مجبراً تحت وطأة الحرب ليغادر مسقط رأسه مدينة حمص السورية وهو صبي لم يتجاوز الـ16 من عمره. لم يكن يدرك وقتها معنى كلمة وطن إدراكاً كاملاً. ولم يكن أيضاً يفكر في مصيره ومستقبله، فقد هاجر مع والديه وأخته وأخيه إلى مصر عبر رحلة مشابهة تماماً في المعاناة لتلك التي وقعت لكل السوريين الذين فروا من بلادهم كلاجئين لدول مختلفة من العالم.

رحلته مع العمل

بدأ الشاب السوري محمد رحلته مع العمل فور قدومه إلى مصر كبائع في محل سوري للحلويات يمتلكه أحد أبناء بلدته حمص بمدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة. وكان طموحه كبيراً. فلم يكن يعمل فقط بل أصر على أن يتعلم طريقة تصنيع الحلويات. وحين تحقق له مراده، قرّر العمل بمفرده، فترك المصنع وظلّ لفترة يعرض الحلويات أمام المصالح الحكومية. وحين علم أن ما يقوم به مخالف للقوانين المصرية، استأجر محلاً صغيراً مع أخيه الأكبر لعرض منتجاته. ثم زاد الطلب عليه فاستأجر محلا أكبر ليدر عليه دخلاً يكفيه لتدبر نفقاته ومصاريف أسرته. وعندما توسّع المحل وزاد الطلب على منتجاته، أصبح والده مسؤولا عن الحسابات.

يقول محمد لموقع (إرفع صوتك) "عملت بمهنة الحلويات لأنها أول عمل صادفني وكان عندي وقتها استعداد لأقبل العمل في أي شيء نظراً للظروف الصعبة التي واجهتها وأسرتي، والحمد لله الذي وفقني إلى هذا العمل لأكمل معه حياتي وأبني من خلاله مستقبلي".

الحرب الجارية في سورية حرمت محمد الذي كان في الصف الأول متوسط (المرحلة السابعة) حين خرج مع أسرته من بلاده من إكمال الدراسة. وبات قبل الأوان مسؤولاً ومعيلاً.

الحلويات

يقول محمد إن الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر حالياً وارتفاع الأسعار بخاصة سعر السكر جعلته يرفع أسعار الحلويات قليلاً، وهو ما أدى إلى ضعف الإقبال على صنف أو صنفين من منتجاته. لكن ذلك لم يؤثر كثيراً على دخله، فالمصريون يقبلون على شراء الحلويات الشامية ويحبون مذاقها كالنابلسية والكنافة المصنوعة على الفحم.

كذلك فإن من أسباب إقبال المصريين على الحلويات الشامية بسبب ندرتها في مصر وذلك على خلاف ما كان في سورية التي كانت تنتشر بها محلات الحلويات في كل محافظة. 

لم شمل الأسرة

يشير محمد إلى أنه وعائلته مرتاحون للعيش في مصر، فأمورهم ميسرة "والشعب المصري طيب"، حسب رأيه، ولديه مميزات غير موجودة في شعوب كثيرة أهمها أنه يتقبل السوريين ويتعايش معهم بسلام ويعاملهم بلطف لدرجة أن ضباط المباحث حين يستوقفوننا ويعرفون أننا سوريون يدعون لنا "ربنا يرجعكم لبلدكم"، بالإضافة إلى أن السوريين يستطيعون العمل هنا في مصر بخلاف دول عربية أخرى يعيشون فيها كلاجئين في مخيمات ولا يستطيعون العمل.

يتابع محمد أن ما ينقصه لتكتمل سعادته بالعيش في مصر أن تستطيع أسرته استقدام أخيه الأكبر الموجود الآن في ألمانيا إلى مصر ليكتمل شمل الأسرة، لكن الموافقات الأمنية تأخذ وقتاً طويلاً نظراً للظروف التي تمر بها مصر وللحالة الصعبة التي يعيشها الوطن العربي.

ويتمنى محمد في ختام حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن يعود إلى وطنه سورية وإلى دراسته التي لا يستطيع العودة لها بسبب انشغاله في العمل، إن استقرت الأوضاع ليساهم في تعميره من جديد ليعود أفضل مما كان، وأن يعيش في بلده عيشة مقبولة هنيئة كما كان يحلم ويحلم كل السوريين.

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

     

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".