الجزائر – بقلم أميل عمراوي:
تجدها كل صباح تسير في طريقها إلى المدرسة بمدينة باب الزوار بالعاصمة، حيث تدرس في الصف الرابع ابتدائي، وكلها أمل بالعودة إلى سورية يوما ما حين يستتب الأمن و "تعود المياه إلى مجاريها"، على حد قول أمها التي ترافقها متى سنحت الفرصة.
اسمها إقبال، وعمرها تسع سنوات، عائلتها لاجئة بالجزائر منذ أربع سنوات، تحاول جهدها الحديث باللهجة الجزائرية لتداري بها المحنة التي أوصلتها هنا.
تتوجه بنظرها بعيدا متخفية وراء أمها وتقول "يسألونني كثيرا عن سورية وأنا أفضل عدم الخوض معهم حول ما جرى لي".
وإقبال، بالرغم من كونها تحب أصدقاءها، تفضل البقاء بعيدا عنهم. "لا أفهم بعض تصرفاتهم"، تبرر الطفلة موقفها.
مشكلة اللهجة.. والمستندات
وتقول أم إقبال إن ابنتها أضحت غير مسيطرة على مشاعرها، ما تسبّب لها بالكثير من المشاكل مع زملائها من الجزائريين.
"قلت لمعلمتها (كرمال الله) اصبروا عليها، وهي فعلا تساعدها كثيرا خصوصا معلمة الفرنسي التي تهتم كثيرا بها".
وتلفت الأم إلى أنها ذاقت المر حتى تمكنت من تسجيل ابنتها بسبب عدم امتلاكها لوثائق تثبت مزاولتها الدراسة في سورية.
"هناك مشكلة المستندات كذلك وبسببها ضيّعت إقبال فصلا كاملا".
رغم الجهود التي تبذلها إطارات المدارس لإدماج الأطفال السوريين إلا أن أغلبيتهم يعانون "العزلة" على غرار ما يجري لإقبال، تقول جميلة ميهوبي معلّمة اللغة الفرنسية بالابتدائي.
"درّست طفلين سوريين وعملت كل ما بوسعي حتى أحقق لهما الإدماج لكن اتضح أنه ليس بالأمر السهل".
وتدرج المعلمة بمدرسة حمّودي لعروسي غربي العاصمة جملة من الأسباب من بينها الظروف المعيشية والأحداث التي عايشوها واللهجة الجزائرية الصعبة الفهم على المشرقيين، بالإضافة إلى "اللغة الفرنسية التي ليس من السهل تعلمها"، تختم السيدة ميهوبي حديثها لموقع (إرفع صوتك).
لا أفهم معلّمة الفرنسي
ظريف بدران هو الآخر سوري مقيم بالجزائر، لكنه على خلاف إقبال جد متحمس للتعلم ولا يولي لاختلاف لهجته اهتماما. ويقول لموقع (إرفع صوتك) "لا أجد صعوبة في التعلم ولهجتي يفهمها الجميع. كما أنني أتحدث اللهجة الجزائرية بسهولة".
أما عن ظروف دراسته بالجزائر، فيقول الطفل صاحب العشر سنوات أنه يتعلم بطريقة جيدة وأنه لا يشعر بأي اختلاف عن ظروف الدراسة بسورية حيث قضى صفه الأول والثاني هناك.
"أحب مدرستي ومعلمتي وأحب سماع النشيد الجزائري لأنه يذكرني بالنشيد السوري حماة الديار".
وبما أنه في الصف الخامس، سألناه إن كان يجد صعوبة في تعلم اللغة الفرنسية وكان جوابه "هذه نقطة ضعفي. لا أتقن الفرنسية ومعلمتي تشرح كل شيء بها.. لا أفهم كثيرا ما تقول".
عدم الاستقرار
و كشفت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت في تصريحات سابقة أن عدد الطلاب السوريين بالجزائري يضاهي الــ 2000 تلميذ يزاولون الدراسة مثلهم مثل الجزائريين تماما.
إلا أن الأمين الوطني للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، هواري قدور أكد في حديث سابق مع مراسل موقع (إرفع صوتك) أن قرابة نصف الأطفال السوريين المتواجدين بالجزائر لا يزاولون الدراسة بسبب التنقل الدائم لأسرهم عبر مختلف ولايات الوطن.
وهو إذ يقر بجهود الوزارة الوصية التي تحتم على الأولياء من اللاجئين تسجيل أبنائهم إلا أنه يعتبر السماح لهم بالتسول عبر الطرقات برفقة آبائهم "مشاركة تلك الأسر الجريمة في حق أبنائهم".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659