أطفال لاجئون في اليمن/وكالة الصحافة الفرنسية
أطفال لاجئون في اليمن/وكالة الصحافة الفرنسية

صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

يشعر محمد عبد الله، وهو طفل إرتيري في العاشرة من العمر، بحسرة شديدة بعدما اضطرته ظروف أسرته اللاجئة في اليمن إلى ترك التعليم، مع استمرار النزاع الدامي في هذا البلد الذي تمزّقه حرب أهلية منذ عامين.

“أحلم أن أكون طبيباً في المستقبل، عندما أحدث والدي بذلك يبتسم، أريد أن أعود إلى المدرسة”، يقول لموقع (إرفع صوتك) محمد الذي توقف عن الدراسة العام الجاري، بينما كان في الصف الثالث الأساسي في مركز تعليمي (وسط صنعاء) تابع لمنظمة أجنبية تقدم خدمات تعليمية للأطفال اللاجئين من أفريقيا.

ويعزو والد الطفل محمد، الذي اضطر لمغادرة بلاده إرتيريا لاجئاً إلى اليمن قبل أربعة أعوام، ترك أطفاله للتعليم إلى ظروفه المعيشية الصعبة.

“انتقلت وأسرتي للسكن في منزل شمالي صنعاء، والمدرسة التابعة للمنظمة بعيدة عن المكان، لا أستطيع توفير نفقات تنقلهم إلى هناك”، يقول الإرتيري عبد الله أحمد، وهو أب لثلاثة أطفال، لموقع (إرفع صوتك).

أضاف الرجل الأربعيني “قبل الحرب كنت أعمل منظف سيارات، وأجني ما يكفي لإعالة أسرتي. أما الآن فغالباً لا نجد قيمة الطعام، بالكاد أوفر قيمة إيجار المنزل 15 ألف ريال (حوالي 49 دولار)”.

أرقام

ودفعت الحرب بملايين اليمنيين إلى دائرة الفقر، ناهيك عن عشرات الآلاف من اللاجئين في البلاد من أفريقيا.

وتستضيف اليمن حوالي 278.005 لاجئ مسجل لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، 95 في المئة منهم صوماليون، لكن تقديرات الأمم المتحدة تذهب إلى أن هناك قرابة مليون و200 ألف ما بين لاجئ ومهاجر غير شرعي.

يقول عبد الله أحمد “لا أخفيك أن غالبية الأسر اللاجئة هنا باعت أثاث منازلها مقابل قليل من المال لإطعام أطفالها”.

وأشار إلى أن أكثر من عائلة باتت تقطن منزلا واحدا لعدم القدرة على دفع الإيجارات.

الهجرة

ويرى عبد الله أن هناك قصوراً كبيراً من قبل المنظمات الدولية حيال مساعدتهم ومعالجة مشاكل أطفالهم خاصة في مجال التعليم والصحة.

وقال “قبل أكثر من شهر حصلنا على مواد غذائية من جمعية قطرية، أما الأمم المتحدة لم تساعدنا بشيء”.

ويؤكد عبد الله أحمد أنّه يسعى لمغادرة اليمن واللجوء إلى السعودية أو بلد آخر، من أجل “البحث عن فرصة عمل تمكنه من تحسين ظروف أطفاله لكي يكون مستقبلهم أفضل”.

وأضاف “أتألم كثيراً وأنا أشاهد أطفالي يكبرون وهم يفتقرون لأبسط حقوقهم بينما مستقبلهم مجهول”.

عجز

في السياق ذاته، يذكر اليمني سالم الرازحي، الذي اضطرته الحرب للنزوح من دياره في محافظة صعدة قبل أكثر من عام ونصف، أنّ أطفاله حرموا من التعليم للعام الثاني على التوالي.

يقول “عجزت عن تحمل مصاريف دراستهم”.

وحسب منظمة اليونيسف، فإن هناك أكثر من 560 ألف طفل يمني حرموا من التعليم العام الماضي نتيجة تواجدهم في أماكن الصراع أو تعرض مدارسهم للقصف والتدمير، أو التمركز فيها من قبل جماعات مسلحة، أو استخدامها كمراكز لإيواء النازحين.

يتابع الرازحي، وهو أب لستة أطفال، بنبره متحسرة، لموقع (إرفع صوتك) “أعجز عن توفير أبسط متطلبات الحياة لأطفالي، والأسوأ أنني دفعت بإثنين منهم للعمل كباعة متجولين من أجل مساعدتي في نفقات المنزل”.

واستطرد الرجل الأربعيني “أنا تركت التعليم في الصف الثالث الثانوي، ولم أكن أرغب أن يحصل ذلك مع أطفالي، لكن ماذا نفعل لهذه الحرب الملعونة.. كنت سعيدا وأنا أتابع ابني (عبد الملك، 17 عاما) وهو يحتل مراكز متقدمة بين زملائه في مدرسته بصعدة”.

“الآن أبكي أحياناً لأن النزوح أثر عليهم، وأخشى أن يدمر مستقبلهم تماماً”، أضاف الرازحي، بصوت حزين.

أمنية طفل

من جانبه، يقول ابنه عبدالملك سالم “نعيش أياماً سيئة”.

ويتابع عبد الملك، الذي كان يفترض أن ينتقل في العام الدراسي الماضي إلى الصف السابع أساسي، قائلاً لموقع (إرفع صوتك) “أنا حزين لكوني فقدت عامين من عمري.. أتمنى أن تنتهي الحرب، لكي أتمكن من العودة للمدرسة”.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".