لاجئون سوريون في الجزائر/وكالة الصحافة الفرنسية
لاجئون سوريون في الجزائر/وكالة الصحافة الفرنسية

الجزائر – بقلم أميل عمراوي:

"لعل أول شيء تفكّر فيه كلما التقيت بطفل لاجئ سوري هو كيف سيكون مستقبله، فالواقع الذي فرض عليه فرضا لا بد أن لا يؤثر على حياته"، تقول عبلة محرز أستاذة علم النفس بجامعة الجزائر ومهتمة بنفسية الطفل ضحية الإرهاب.

وترى الدكتورة عبلة، أن أطفال سورية يعانون اليوم البعد عن الوطن. وهو في حد ذاته واقع فرض عليهم. "لو سألتهم رأيهم لأجابوا جميعا: نريد العودة لبيوتنا".

وعن سبل التكفل بهم لدرء خطر تأثرهم مستقبلا بما شاهدوه وبما هو المفروض عليهم، تقول الدكتورة إن العمل على محو الذكريات الأليمة ليس بالعمل السهل "فالواحد منا ما زال يتذكر إساءات بسيطة أيام الصبا ناهيك عن صور الدم التي شاهدوها وهم أطفال لا يعرفون عن الحياة إلا الجميل".

لكن رانيا بركات العضوة في الجمعية المحلية "أمل" والتي تنشط بمدينة البليدة غربي العاصمة الجزائر، فترى أن التكفل بأطفال سورية أتى بالنفع رغم الصعوبات التي تواجهها هي والمتطوعات في طريق التكفل بالأطفال ضحايا الحروب من اللاجئين إلى الجزائر.

يبعثون فيك الأمل

وتؤدي الجمعية دور الوسيط بين المحسنين واللاجئين. وتوظف دوريا أطباء نفسانيين للحديث للضحايا من الاطفال فقط وتقوم بمبادرات لتوفير الألعاب وأجواء الفرح للنازحين.

وتزور سيدات جمعية "أمل" بالبليدة مخيمات اللاجئين بالعاصمة ووهران على وجه الخصوص في محاولة لاستيعاب المثقلين من الأطفال بذكريات القتل و الإرهاب. "تجدهم يضحكون ويبعثون فيك الأمل إذا أنت أردت مساعدتهم".

"يحاولون التأقلم مع جو اللعب الذي نوفره لهم، لكن أي إشارة عنيفة تجعلهم يقفزون خوفا"، تقول السيدة بركات في حديث لموقع (إرفع صوتك).

ثم تضيف "في النهاية، سيرسمون غدا أفضل من دون شك".

عائلات سورية

أما العائلات السورية التي تمكنّا من التواصل معها فترى أن أطفالها باتوا يتمتعون بيومياتهم متناسين ما حدث لهم بسورية.

فأم توفيق ترى بأن ابنها بالرغم أنه لم ينس بأنه سوري إلا أنه أضحى أكثر حيوية وحبا للعب والخروج من الأيام الأولى التي أعقبت هروبهم من دمشق.

"كان يخاف الخروج و يهاب الأغراب لكنه اليوم لا يكاد يدخل للمخيم من كثرة أصدقائه"، تقولها أم توفيق مبتسمة واثقة من أن ابنها سيتجاوز المرحلة الماضية بكل قوة.

"أرجع لحلب وأشتغل بالمصحة"

ومن جانبه، يرى قاسم السيد وهو لاجئ سوري وأب لثلاثة أطفال أن صغاره تمكنوا من تجاوز ما حدث لهم عندما كانت العائلة تقطن ريف حلب، لأنهم تعودوا على الجزائر.

"لا وجود لداعش مثلا في مشاريعهم المستقبلية"، يقولها قاسم ممسكا بيد إحدى بنتيه سائلا إياها "بتخافي منهن؟". "لا"، تجيب سهى بكل جرأة.

وعند سؤالنا لها عمّا إذا كانت تريد العودة إلى سورية قالت سهى "أكيد لما تخلص الحرب رح أرجع لحلب و أشتغل بالمصحة".

من جانبها، تؤكد أم شهد أن ابنتها ذات الست سنوات كانت جد مذعورة مما شاهدته من صور القصف والدم والدمار. ولمّا جاءت إلى الجزائر في سن الثالثة كانت تهرع للفراش خوفا من أي صوت مرعب وتقول "قنابل قنابل".

و تتذكر أم شهد كيف كانت تنتفض الطفلة لسماع مفرقعات أيام المولد النبوي هنا بالجزائر معتقدة أنها أصوات الرصاص.

"اليوم أرى أنها نسيت كل ما يتعلق بما جرى لنا هناك"، قبل أن تكمل "الحمد لله، بدأت أطمئن على مستقبلها".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

صورة من مقطع الفيديو المتداول للاعتداء على كويتي في تركيا
صورة من مقطع الفيديو المتداول للاعتداء على كويتي في تركيا | Source: social media

أعلن وزير الداخلية التركي، على يرلي كايا، اعتقال 27 شخصا في عمليات متزامنة، استهدفت مديري حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي "يحرضون على الكراهية والعداء".

وقال يرلي كايا، في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، الأربعاء، إن الاعتقالات تمت "نتيجة للعمليات التي نفذتها أقسام الشرطة الإقليمية الـ 14".

وأضاف أنها جاءت "بتنسيق من إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالمديرية العامة للأمن، وبدعم من مديرية المخابرات وإدارة الأمن"، مشيرا إلى أن الأشخاص الـ27 "تبين أنهم ينشرون معلومات مضللة علنا لمواطنينا".

وتأتي هذه الخطوة الرسمية بعد أيام من حادثة الاعتداء على كويتي في ولاية طرابزون التركية، وما تبعها من حملات كراهية كان مسرحها وسائل التواصل الاجتماعي.

وأحدث الفيديو الذي وثّق حادثة الاعتداء ضجة عربية وتركية، ودفع مسؤولين من الكويت وأنقرة للتحرك، وإبداء تعليقات ومواقف استنكرت ما حصل، في وقت أعلنت "ولاية طرابزون" إلقاء القبض على المعتدي، وبدء "اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه".

وأوضحت وسائل إعلام مقربة من الحكومة، الأربعاء، أنه "تجري عملية تلو الأخرى على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تزيد جرعة المنشورات التحريضية وتجر الجمهور إلى الكراهية والعداء قبل وبعد انتخابات 14 و28 مايو".

وأشار موقع "trhaber"، إلى أن الحملة التي نفذتها السلطات، استهدفت "مدراء عدة حسابات كانت تنشر معلومات مضللة وتحض على الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

وأضاف الموقع: "الحسابات كانت من بين جيوش المتصيدين التابعة لرئيس حزب النصر أوميت أوزداغ، والذي جلب لغة سياسية قذرة إلى تركيا، وأراد إثارة الفوضى في الشوارع بمنشوراته العنصرية".

ونقل الموقع المقرب من الحكومة عن مكتب المدعي العام في أنقرة، قوله: "خلال بحث مفتوح المصدر، تم تحديد أن خطابات الكراهية المستخدمة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، تمت مشاركتها بشكل يحرض الجمهور علنا على الكراهية والعداء".

وتم فتح تحقيق ضد المشتبه بهم بشأن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي المذكورة، بتهمتي "تحريض الجمهور علنا على الكراهية والعداء" و"نشر معلومات مضللة علنا"، والتي ينظمها قانون العقوبات التركي رقم 5237. 

وأفيد أن مكتب المدعي العام أصدر أمرا باعتقال 27 شخصًا في أنقرة وهاتاي وأنطاليا وسكاريا وإزمير وسيرت وسامسون وكهرمان مرعش وشانلي أورفا وتوكات وأدرنة وبورصة وإسطنبول بسبب أعمال، قيل إنها ضمن إطار "الجريمة الجماعية" من حيث طريقة ارتكاب الجرائم وخصائص الواقعة.

ومنذ قرابة العامين، لعب سياسيون معارضون في تركيا على وتر اللاجئين والأجانب في البلاد، حتى أن الكثير منهم أقحم هذه القضية على رأس الحملات الانتخابية الأخيرة، التي شهدها السباق الرئاسي، من بينهم زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، كمال كليتشدار أوغلو.

وفي مقابل ذلك، اتخذ سياسيون آخرون منحى تصعيديا، على رأسهم زعيم "حزب النصر"، أوميت أوزدغ، إذ قاد حملات تدعو إلى طرد اللاجئين من البلاد، زاعما أنهم "سبب المشاكل الاقتصادية".

ولم يكتف بذلك فحسب، بل واصل نشر معلومات وأخبار ساهمت في تأجيج الشارع على نحو أكبر ضد وجود اللاجئين.

وفي حين بقي المسار المذكور سابقا ضمن إطار التحريض وبث الكراهية، سرعان ما تنامى ليصل إلى حوادث الاعتداء، التي لم تعد تستهدف اللاجئين السوريين فقط، بل توسعت دائرتها لتشمل سياحا عرب، كان آخر ضحاياها السائح الكويتي.

وفي موقف لافت من جانبه، كان زعيم "حزب الحركة القومية"، دولت باهشتلي، قد أعلن، الثلاثاء، أن "أولئك الذين يستخدمون مشكلة اللاجئين لإثارة الاضطرابات المدنية، تجاوزوا حدودهم".

وقبل أسبوع أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن حكومته "لن تسمح بتفشي العنصرية وكراهية الأجانب، وستتخذ الإجراءات اللازمة لحل مشكلة الهجرة غير النظامية".

كما أشار إردوغان قبل عام، إلى أن "التضليل عبر وسائل التواصل لم يعد مسألة أمن قومي فحسب، بل تعدى ذلك وأصبح مشكلة أمن عالمية".