طلاب يمنيون يغادرون بوابة جامعة صنعاء/إرفع صوتك
طلاب يمنيون يغادرون بوابة جامعة صنعاء/إرفع صوتك

صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

يخصّص نصيب سعيد، وهو تربوي يعمل في مدرسة بمنطقة ريفية تابعة لمحافظة تعز (جنوبي غرب اليمن)، جزءاً من راتبه الشهري الزهيد لمساعدة أقاربه، في واحدة من صور التكافل الاجتماعي بين اليمنيين، بعد أن قذفت الحرب الدائرة هناك منذ نحو عامين، بملايين السكان إلى دائرة الفقر المدقع.

وتذهب تقديرات الأمم المتحدة، إلى أن هناك أكثر من 17 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان (أكثر من 27 مليون نسمة)، يواجهون صعوبات في الحصول على الغذاء، بينهم 7.3 مليون شخص بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية طارئة.

والأربعاء، 8 شباط/فبراير 2017، أطلقت الأمم المتحدة نداء عاجلاً للمجتمع الدولي من أجل تأمين 2.1 مليار دولار لتوفير الغذاء ومساعدات ضرورية أخرى يحتاجها ملايين السكان في اليمن الذي يواجه مجاعة وشكية في العام 2017.

كافل اليتيم

“أقدم مبلغ مالي بسيط شهرياً لإحدى الأسر، لكن أثره كبير على هؤلاء الأطفال الذين توفي والدهم قبل سنوات”، يقول نصيب سعيد، 47 عاما، لموقع (إرفع صوتك).

ويؤكد سعيد، وهو أب لخمسة أطفال، إن “الإسلام يحثنا على مساعدة هؤلاء، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وأشار بالسبابة والوسطى..”.

أدوية مجانية

من جانبه يشعر عدنان علي، 40 عاما، بقدر كبير من الرضى عندما يقوم بمساعدة الآخرين في محيطه الاجتماعي. 

يقول عدنان، وهو أب لطفلين، يعمل حالياً مندوباً علمياً في شركة أدوية بصنعاء إن “مساعدتي للآخرين كان سبباً رئيساً في حصولي على فرصة عمل أفضل، أجني من خلالها عائداً لا بأس به”.

أضاف عدنان الذي يقيم في العاصمة صنعاء “مررت بعدها بظروف سيئة للغاية ولم أحصل على أي مساعدة من أحد، لكني لم أندم.. حالياً لدينا صيدلية، نساعد من خلالها كثير من المرضى بأدوية مجانية”.

قصة إنسانية

وسرد عدنان قصة إنسانية لشاب يمني، جسّد أسمى قيم التكافل الاجتماعي التي يحض عليها الدين الإسلامي، حسب تعبيره، قائلاً إنه شهد منذ أيام عرساً في صنعاء لشابين تكفل أحدهما بدفع جميع تكاليف عرس الشاب الآخر، عندما علم بعدم قدرته على تحمل نفقات عرسه.

ولم يتسن لمراسل (إرفع صوتك) التحدث مع الشاب الأول (فاعل الخير)، حيث قال عدنان إنه “يرفض الحديث عن أعمال الخير، لكي لا يضيع أجره عند الله”، على حد تعبيره.

شهري

من جانبها، تقول أم رأفت، 50 عاماً، وهي إحدى النساء اليمنيات الأرامل، لموقع (إرفع صوتك) إن “رجل خير من قريتي وفر لي منذ أكثر من عامين مبلغ مالي شهري ساعدني في الإنفاق على أسرتي”.

وتضيف الأم لثلاثة أطفال، التي تقطن في أحد أرياف محافظة تعز، “إلى جانب ذلك يقدم لنا غالباً مواد غذائية وخضروات وفواكه”.

تعليم جامعي

ولا يخفي عبد الرحمن علي، وهو شاب يمني في منتصف العقد الثالث من العمر، سعادته كونه أكمل دراسته الجامعية على نفقة أحد أقاربه.

“أشعر بارتياح كبير، لكن الأهم هو استمرار مثل هذه المساعدات للشباب والمعوزين. في اليمن الفقر يجبر الكثير من الطلاب على عدم مواصلة تعليمهم، وهذا ما كان سيحدث معي”، يقول عبد الرحمن، الذي تخرج من قسم المحاسبة بجامعة صنعاء قبل سنوات ويعمل حاليا في شركة خاصة بصنعاء.

ويوضح لموقع (إرفع صوتك) أنه لولا ذلك “لكان مستقبلي مجهولاً، حصولي على المساعدة دفعني لمساعدة الآخرين”.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".