صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
تتذكر رأف عبد الحكيم سيف (10 سنوات) بتحسّر شديد، تلك اللحظات الغامرة بالسعادة عندما كان يأخذها والدها مع إخوانها في نزهة ترفيهية لإحدى الحدائق العامة في مدينة تعز جنوبي غربي اليمن، قبل أن تعصف الحرب الدائرة منذ نحو عامين بكل ما هو جميل في هذا البلد العربي الفقير.
تقول رأف التي تقطن مع أسرتها في حيٍّ سكني وسط مدينة تعز، تسيطر عليه فصائل مسلحة موالية لحكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، “أصبحت الآن حبيسة البيت طوال الوقت”.
“أذهب إلى المدرسة وأنا خائفة، أصوات الرصاص لا تتوقف”، أضافت الطفلة التي تدرس في الصف السادس الأساسي، لموقع (إرفع صوتك).
إحباط ويأس
من جانبه يقول أحمد سعيد، 18 عاما، الذي يقطن أيضاً وأسرته المكونة من سبعة أفراد مدينة تعز، بعد أن تقطعت بهم سبل النزوح إلى مناطق آمنة “شاهدت أطفال وشباب يقاتلون بشراسة ولا يخشون الموت، كل ما يدور حولنا مخيف ولا يبشر بخير مستقبلاً”.
وأضاف سعيد، وهو طالب في الصف الثالث الثانوي، لموقع (إرفع صوتك)، “لم أتلق أي تأهيل نفسي أو غيره من المنظمات المدنية، نحن فعلاً بحاجة إلى ذلك”.
وأكّد أنّه يشعر بإحباط شديد وهو يشاهد ما تخلفه الحرب يومياً. "ربما لن أنسى بعض المواقف المؤلمة طوال عمري”.
تجميد الأنشطة
ولا يخفي أحمد القرشي، وهو رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة، القصور الواضح لمنظمات المجتمع المدني حيال قضايا الأطفال في ظل الحرب.
يؤكد القرشي “كثير من المنظمات الفاعلة جمدت أنشطتها وتعرضت لشلل متعمد بسبب الحرب، من ضمنها منظمتنا (سياج) منذ عام لم نعد قادرين على تقديم خدمات للأطفال كما كنا سابقاً”.
ومع ذلك تحدث عن نجاح منظمته في تنفيذ بعض الأنشطة بجهود ذاتية حول التوعية بأهمية التعليم والأمن الغذائي للأطفال والأسر، في عديد محافظات يمنية منها تعز وصنعاء والحديدة.
أضاف “ندرس حالياً استئناف أنشطتنا من مدينة عدن (جنوبي غرب اليمن)”.
استقطاب سياسي
واتهم القرشي، 45 عاماً، في حديثه لموقع (إرفع صوتك)، أطراف النزاع في اليمن باحتواء التمويلات والمساعدات الدولية، والعمل على استقطاب منظمات المجتمع المدني للعمل في صفها.
وقال إن عملية الاستقطاب السياسي والخوف الأمني وعدم التنسيق بين المنظمات والجانب الحكومي سواء في عدن أو صنعاء أهم الصعوبات التي تواجه النشاط المدني حالياً في اليمن.
"للأسف هناك منظمات تصرف أموالاً كثيرة على أنشطة مكررة كالتوعية والتدريب في مناطق محددة، بينما مناطق أخرى مهملة، والمعاناة تتركز في جوانب أخرى كتأهيل وتعليم الأطفال والشباب ضحايا الصراع”.
مستقبل مخيف
وحسب الناشط البارز في مجال حماية الطفولة، فإن الأطفال في اليمن دون سن الـ15 يمثلون قرابة 10 ملايين طفل، “وهم محتاجون لكل مقومات الحياة من غذاء وخدمات صحية وتعليمية وتأهيل نفسي”.
ويؤكد أحمد القرشي “في مناطق الصراع لجأت كثير من الأسر إلى بدائل اقتصادية سلبية ومدمرة للأطفال والشباب، كالقبول بتجنيدهم حتى في صفوف الجماعات الإرهابية أو تزويج الصغيرات أو الدفع بالأطفال إلى سوق العمل على حساب التعليم، هذه كارثة حقيقة”.
أثر ملموس
بدورها أشادت لمياء الارياني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة (منظمة حكومية)، بدور بعض منظمات المجتمع المدني التي قالت إن “كثير منها تقوم بدور ملموس وفاعل في إعادة تأهيل الأطفال ضحايا الحرب”.
واعترفت الارياني، في حديثها لموقع (إرفع صوتك)، بتراجع أنشطة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة نتيجة توقف الميزانية الحكومية والمساعدات الدولية، لكنها قالت إن المجلس نفذ أنشطة بجهود ذاتيه حققت أثرا إيجابيا.
“نفذنا أنشطة في مجال الدعم النفسي للأطفال النازحين في مراكز إيواء بالعاصمة صنعاء، رافقها ترفيه للأطفال وتوفير مساعدات غذائية وملابس”.
وأضافت “المجلس الأعلى وجه المنظمات المدنية لتنفيذ أنشطة تحقق المصلحة الفضلى للأطفال ضحايا الحرب، وحقق ذلك أثراً ملموساً على صعيد التوعية بمخاطر تجنيد الأطفال والزواج المبكر وعمالة الأطفال، وتلقينا تقارير نتائج (إيجابية) بهذا الشأن”.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659