حديث عفوي.. بعد 10 سنوات من الثورة السورية
سوريا, تطرف - "في الوقت الحالي وفي الظروف الواقعة حالياً أرى أن سوريا انتهت بالنسبة لي ولعائلتي"، يعلق حميد الشيخ وهو لاجئ سوري هاجر إلى تركيا.
يعتبر الشيخ مجرد الرغبة بالعودة إلى سوريا بمثابة "السباحة عكس التيار"، موضحا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "لماذا أعود إلى بلد بدائية ولا يوجد فيها تطور، أنا الآن في بلد متطور تكنولوجياً وسياسياً وصناعياً، رغم لجوئي فيه إلا أنني أعيش حياة مستقرة".
ويتابع "كيف أعود إلى سوريا وفيها ناس يعيشون خارج الدنيا والكوكب منذ عشر سنوات!".
تغيرت أحلام الشاب السوري من شخص كان "هدفه إسقاط النظام وأن يكون شخص فاعل في المجتمع، إلى شخص باحث عن مصدر العيش وتأمين دخله له ولعائلته"، كملايين السوريين اللاجئين حول العالم.
ويقول "في العام الأول للثورة كانت الهمم مشحوذة ومثلي مثل سوريين كثر كانت هممهم مرتفعة ويرغبون بالحصول على الكرامة والعمل الكريم لبناء سورية المستقبل التي تتسع للجميع بغض النظر عن الدين والطائفة".
وعندما اقترب نظام الأسد من السقوط مطلع عام 2013، حيث كان الثوار يسيطرون على أكثر من 80% من الأرض السورية، كان الشيخ يشعر بقربه من تحقيق حلمه في بناء سورية الحديثة بعيداً عن التمايز الطبقي والطائفي، إلا أن فشل المعارضة السياسية في إثبات وجودها على الأرض رغم سيطرتها الكبيرة كان له عامل كبير في إعادة السيطرة للنظام عام 2015، وهذا كله على حساب الشعب السوري في رأيه.
وفي رده على سؤال هل انهارت الثورة السورية أو انتهت؟، يجيب حميد: "المتسلقون على الثورة أكلوا الثورة، يعني سياسة الباب المفتوح في الثورة أدت لانهيارها، حيث أننا كنا نضم أي أحد يرغم في الانضمام للثورة، مما أدى إلى انهيارها".
ويضيف "على سبيل المثال، عندما سمحنا لبعض الجهات غير المتعلّمة بالدخول للثورة أضروا بها، مع احترامي الشديد لهم، إلا أن المثقفين بدأوا يتراجعون بعد ما رأوا من أخطاء الفئة غير المتعلمة في الثورة، وهي أخطاء لا تغتفر وكانت حجة مهمة عند النظام استخدمها في المحافل الدولية".
ويذكر حميد الشيخ أن السوريين كانت ثورتهم بالأصل شعبية، شاركت فيها جميع فئات الشعب والطوائف، "لكنها للأسف أخذت طابع ديني، ما أدى إلى إضعافها، أدى إلى عدم تلقيها قبولاً في المجتمع الدولي".
"وهذه الموجة التي ركبها الأسد في تسويقنا كأشخاص إرهابيين، بينما الواقع كان فكر الثورة مختلف تماماً، إلا أن قادتنا لم يستطيعوا استخدام فكر الثورة لصالح الشعب السوري"، بحسب الشيخ.
"حميد اليوم ليس حميد قبل عشر سنوات"، يصف اللاجئ السوري نفسه، ويقول "تغيرت أحلامي وتغيرت أهدافي".
فالأمور الثانوية في حياته قبل الهجرة إلى تركيا هي الأمور الأولوية اليوم.
"فتأمين المسكن ولقمة العيش أصبحت من الأولويات بعد أن كانت في سوريا من الأمور الثانوية"، يقول حميد، مضيفا أن طريقة التفكير هي الأخرى تغيرت لديه.
"كنا نعتقد أن النظام سيسقط بالقوة أو بالسلاح، الآن أرى أن النظام سيسقط بعملية سياسية كان يمكن أن تقوم قبل الثورة، وبرأيي لا تشرق شمس الثورات إلا من خلال العملية السياسية لا العسكرية".
ومع دخول الثورة السورية عامها العاشر، لم يعد حميد الشيخ يأمل بالعودة إلى بلده سوريا، "فآمال العودة تبخرت بشكل كبير لدي ولدى عائلتي، وأصبح تفكيري ينصب في استقراري في البلد الذي لجأت إليه، وفي استمرار حياتي مع أطفالي بشكل معيشي أفضل"، يصف الشيخ.
ويتابع أن المستقبل خارج سوريا هو "لأطفالي وليس لي، أنا لحد الآن لم أستطع أن أندمج في هذا المجتمع الغريب عني، ولم أستطع تحقيق أحلامي وأهدافي، أنا هنا عبارة عن جسر لأطفالي للوصول للمستقبل".
وفي رده على سؤالنا الأخير، لو عادت بك الدنيا عشر سنوات إلى الوراء، هل ستقوم بثورة؟
يقول حميد: "الثورة قصة عشق، ولا بد للقيد أن ينكسر، نعم سأثور في حال عادت بي الدنيا إلى الخلف، ولكن بعقلية جديدة وبرؤية وتطلعات وأهداف مختلفة تماماً عن الأهداف التي خرجت من أجلها سابقاً، الأهداف نفسها ولكن طريقة ثورتي ستكون مختلفة".