نازحون ولاجئون

حديث عفوي.. بعد 10 سنوات من الثورة السورية

محمد ناموس
24 مارس 2020

سوريا, تطرف - "في الوقت الحالي وفي الظروف الواقعة حالياً أرى أن سوريا انتهت بالنسبة لي ولعائلتي"، يعلق حميد الشيخ وهو لاجئ سوري هاجر إلى تركيا.

يعتبر الشيخ مجرد الرغبة بالعودة إلى سوريا بمثابة "السباحة عكس التيار"، موضحا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "لماذا أعود إلى بلد بدائية ولا يوجد فيها تطور، أنا الآن في بلد متطور تكنولوجياً وسياسياً وصناعياً، رغم لجوئي فيه إلا أنني أعيش حياة مستقرة".

ويتابع "كيف أعود إلى سوريا وفيها ناس يعيشون خارج الدنيا والكوكب منذ عشر سنوات!".

تغيرت أحلام الشاب السوري من شخص كان "هدفه إسقاط النظام وأن يكون شخص فاعل في المجتمع، إلى شخص باحث عن مصدر العيش وتأمين دخله له ولعائلته"، كملايين السوريين اللاجئين حول العالم.

ويقول "في العام الأول للثورة كانت الهمم مشحوذة ومثلي مثل سوريين كثر كانت هممهم مرتفعة ويرغبون بالحصول على الكرامة والعمل الكريم لبناء سورية المستقبل التي تتسع للجميع بغض النظر عن الدين والطائفة".

وعندما اقترب نظام الأسد من السقوط مطلع عام 2013، حيث كان الثوار يسيطرون على أكثر من 80% من الأرض السورية، كان الشيخ يشعر بقربه من تحقيق حلمه في بناء سورية الحديثة بعيداً عن التمايز الطبقي والطائفي، إلا أن فشل المعارضة السياسية في إثبات وجودها على الأرض رغم سيطرتها الكبيرة كان له عامل كبير في إعادة السيطرة للنظام عام 2015، وهذا كله على حساب الشعب السوري في رأيه.

وفي رده على سؤال هل انهارت الثورة السورية أو انتهت؟، يجيب حميد: "المتسلقون على الثورة أكلوا الثورة، يعني سياسة الباب المفتوح في الثورة أدت لانهيارها، حيث أننا كنا نضم أي أحد يرغم في الانضمام للثورة، مما أدى إلى انهيارها".

ويضيف "على سبيل المثال، عندما سمحنا لبعض الجهات غير المتعلّمة بالدخول للثورة أضروا بها، مع احترامي الشديد لهم، إلا أن المثقفين بدأوا يتراجعون بعد ما رأوا من أخطاء الفئة غير المتعلمة في الثورة، وهي أخطاء لا تغتفر وكانت حجة مهمة عند النظام استخدمها في المحافل الدولية".

ويذكر حميد الشيخ أن السوريين كانت ثورتهم بالأصل شعبية، شاركت فيها جميع فئات الشعب والطوائف، "لكنها للأسف أخذت طابع ديني، ما أدى إلى إضعافها، أدى إلى عدم تلقيها قبولاً في المجتمع الدولي".

"وهذه الموجة التي ركبها الأسد في تسويقنا كأشخاص إرهابيين، بينما الواقع كان فكر الثورة مختلف تماماً، إلا أن قادتنا لم يستطيعوا استخدام فكر الثورة لصالح الشعب السوري"، بحسب الشيخ.

"حميد اليوم ليس حميد قبل عشر سنوات"، يصف اللاجئ السوري نفسه، ويقول "تغيرت أحلامي وتغيرت أهدافي".

فالأمور الثانوية في حياته قبل الهجرة إلى تركيا هي الأمور الأولوية اليوم.

"فتأمين المسكن ولقمة العيش أصبحت من الأولويات بعد أن كانت في سوريا من الأمور الثانوية"، يقول حميد، مضيفا أن طريقة التفكير هي الأخرى تغيرت لديه.

"كنا نعتقد أن النظام سيسقط بالقوة أو بالسلاح، الآن أرى أن النظام سيسقط بعملية سياسية كان يمكن أن تقوم قبل الثورة، وبرأيي لا تشرق شمس الثورات إلا من خلال العملية السياسية لا العسكرية".

ومع دخول الثورة السورية عامها العاشر، لم يعد حميد الشيخ يأمل بالعودة إلى بلده سوريا، "فآمال العودة تبخرت بشكل كبير لدي ولدى عائلتي، وأصبح تفكيري ينصب في استقراري في البلد الذي لجأت إليه، وفي استمرار حياتي مع أطفالي بشكل معيشي أفضل"، يصف الشيخ.

ويتابع أن المستقبل خارج سوريا هو "لأطفالي وليس لي، أنا لحد الآن لم أستطع أن أندمج في هذا المجتمع الغريب عني، ولم أستطع تحقيق أحلامي وأهدافي، أنا هنا عبارة عن جسر لأطفالي للوصول للمستقبل".

وفي رده على سؤالنا الأخير، لو عادت بك الدنيا عشر سنوات إلى الوراء، هل ستقوم بثورة؟

يقول حميد: "الثورة قصة عشق، ولا بد للقيد أن ينكسر، نعم سأثور في حال عادت بي الدنيا إلى الخلف، ولكن بعقلية جديدة وبرؤية وتطلعات وأهداف مختلفة تماماً عن الأهداف التي خرجت من أجلها سابقاً، الأهداف نفسها ولكن طريقة ثورتي ستكون مختلفة".

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".