لاجئ سوري: كان ينقصنا الكورونا لتكتمل مشاكلنا
"اللاجئون بشكل عام أينما حلوا، مصائبهم أكثر من مصائب غيرهم، لا يملكون بيتاً، لا يعملون بشكل دائم، والآن وكأنهم كان ينقصهم هذا المرض حتى تكتمل مشاكلهم".
هكذا يبدأ راتب مناوي وهو لاجئ سوري ثلاثيني في تركيا حديثه عن تأثير وباء كورونا على اللاجئين السوريين في تركيا.
كيف سأعيش؟
يعمل راتب في أعمال البناء بنظام "الأجر اليومي"، أي يقبض مرتبه بحسب عدد الساعات التي عمل بها خلال اليوم.
أخذ راتب موضوع الفيروس في بدايته باستهزاء واعتبر أن ما مر به طوال العشر سنوات الماضية كسوري "أقسى بكثير مما قد يحدث من فيروس صغير لا نراه بالعين المجردة"، حسب تعبيره.
إلا أنه وبعد إعلان تسجيل الإصابات في تركيا بدأ راتب يشعر بالخوف على نفسه وعلى عائلته من الإصابة بهذا المرض، حيث بدأت الأمور تتضح بشكل جدي بالنسبة له ولمحيطه من الأشخاص الذين يخالطهم.
يقول الشاب راتب "همّي الأكبر حالياً هو البقاء مع عائلتي بصحة سليمة، الناس كلها هنا تتجه لتموين المواد الغذائية وكأن الحرب على الأبواب"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "أعمالنا في ورشات البناء توقفت حالياً وبيتي يعتمد على الأجرة التي أدفعها شهرياً، وقطاع الأعمال كله تأثر من هذا الوباء، وأنا بالأساس كان عملي غير يومي، كيف سأعيش، لا أعلم؟!".
احصائيات رسمية
وفي 11 آذار الجاري، أعلن وزير الصحة التركي عن تسجيل أول إصابة لشخص وافد من خارج تركيا وتم وضعه في الحجر الصحي، وبدأت تتضاعف أعداد المصابين يومياً وخاصة مع الأشخاص المخالطين لهذا الشخص.
وتظهر الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة التركية تصاعدا سريعا في أعداد مصابي فيروس كورونا بحسب التسلسل الزمني التالي:
11 آذار: إصابة واحدة.
13 آذار: 5 إصابات.
14 آذار: 6 إصابات.
15 آذار: 18 إصابة.
16 آذار: 47 إصابة.
17 آذار: 98 إصابة وحالة وفاة.
18 آذار: 191 إصابة و2 وفاة.
19 آذار: 359 إصابة و4 وفاة.
20 آذار: 670 إصابة و9 وفاة.
21 آذار: 947 إصابة و21 وفاة.
22 آذار: 1236 إصابة و30 وفاة.
فقدت عملي ودراستي
أوس مقيد، لاجئ سوري في مدينة غازي عنتاب، يعمل صباحاً ويذهب للجامعة مساءا.
يحاول الشاب أوس (مرحلة ثالثة/ إدارة أعمال) من جدوله هذا الجمع بين الاستمرار بالدراسة وتامين مصدر رزقه.
تأثر عمل أوس ودراسته كغيره من زملاء الدراسة في تركيا نتيجة انتشار المرض، حيث أعلنت وزارة التربية والتعليم إيقاف جميع الأنشطة الدراسية في المدارس والجامعات لمدة ثلاثة أسابيع قابلة للتمديد.
يوضح أوس أنه رغم أخبارهم بأن نظام التعليم سيصبح إلكترونياً "لكنه لم يبدأ لغاية الآن".
فقد الشاب أوس عمله أيضا "بسبب احتياجهم لي بشكل شخصي وأنا لا أستطيع العمل من المنزل، لذلك تم إشعاري بأنني متوقف عن العمل حتى إشعار آخر".
ضغط نفسي هائل
محمد حمدان ناشط حقوقي سوري مقيم في تركيا، رأى أن حياة السوريين تغيرت بشكل جذري إثر انتشار الفيروس، وأن الضغوط النفسية والأعباء المادية ستزداد بشكل كبير ويومي في تركيا.
"لحد الآن ما في حظر تجول لا جزئي ولا كلي ولكن في توصيات من الحكومة بالبقاء في البيت، ورغم انها مجرد توصية لكنها غيرت حياتي بشكل كامل".
ولم تعلن السلطات التركية لغاية الآن حظر التجول الكلي في البلاد، وإنما أعلنته فقط للمسنين (أكثر من 65 عاماً).
ووفقا للناشط السوري فأن الأكثر تأثرا بين اللاجئين هم فئة العمال، "هؤلاء إذا لم يخرجوا للعمل اليومي، ولا يملكون رصيداً ماليا احتياطياً في جعبتهم"، على حد قوله.
ويتابع "السوريون الذين يعملون بمصانع ومعامل في 81 ولاية كثيرون جداً ويحصلون على الحد الأدنى من الأجور، وبسبب تقييد الحركة سيقعدون الآن في بيوتهم، سؤالي، هدول كيف رح يعيشوا هلأ؟".
ويضيف الناشط حمدان "أنا كسوري أشعر بضغط هائل، لا أعرف إلى أين نحن ذاهبون؟، الإجراءات الوقائية متعبة وخاصة إذا كان عندك عائلة".
وكان وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة قد أعلن في تغريدة أعداد المصابين والوفيات جراء انتشار الفيروس، مساء أمس الأحد، عن وفاة 30 شخصاً وإصابة 1236 شخص.