نازحون ولاجئون

لاجئ سوري: كان ينقصنا الكورونا لتكتمل مشاكلنا

محمد ناموس
24 مارس 2020

"اللاجئون بشكل عام أينما حلوا، مصائبهم أكثر من مصائب غيرهم، لا يملكون بيتاً، لا يعملون بشكل دائم، والآن وكأنهم كان ينقصهم هذا المرض حتى تكتمل مشاكلهم".

هكذا يبدأ راتب مناوي وهو لاجئ سوري ثلاثيني في تركيا حديثه عن تأثير وباء كورونا على اللاجئين السوريين في تركيا.

 

كيف سأعيش؟

يعمل راتب في أعمال البناء بنظام "الأجر اليومي"، أي يقبض مرتبه بحسب عدد الساعات التي عمل بها خلال اليوم.

أخذ راتب موضوع الفيروس في بدايته باستهزاء واعتبر أن ما مر به طوال العشر سنوات الماضية كسوري "أقسى بكثير مما قد يحدث من فيروس صغير لا نراه بالعين المجردة"، حسب تعبيره.

إلا أنه وبعد إعلان تسجيل الإصابات في تركيا بدأ راتب يشعر بالخوف على نفسه وعلى عائلته من الإصابة بهذا المرض، حيث بدأت الأمور تتضح بشكل جدي بالنسبة له ولمحيطه من الأشخاص الذين يخالطهم.

يقول الشاب راتب "همّي الأكبر حالياً هو البقاء مع عائلتي بصحة سليمة، الناس كلها هنا تتجه لتموين المواد الغذائية وكأن الحرب على الأبواب"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "أعمالنا في ورشات البناء توقفت حالياً وبيتي يعتمد على الأجرة التي أدفعها شهرياً، وقطاع الأعمال كله تأثر من هذا الوباء، وأنا بالأساس كان عملي غير يومي، كيف سأعيش، لا أعلم؟!".

 

احصائيات رسمية

وفي 11 آذار الجاري، أعلن وزير الصحة التركي عن تسجيل أول إصابة لشخص وافد من خارج تركيا وتم وضعه في الحجر الصحي، وبدأت تتضاعف أعداد المصابين يومياً وخاصة مع الأشخاص المخالطين لهذا الشخص.

وتظهر الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة التركية تصاعدا سريعا في أعداد مصابي فيروس كورونا بحسب التسلسل الزمني التالي:

11 آذار: إصابة واحدة.

13 آذار: 5 إصابات.

14 آذار: 6 إصابات.

15 آذار: 18 إصابة.

16 آذار: 47 إصابة.

17 آذار: 98 إصابة وحالة وفاة.

18 آذار: 191 إصابة   و2 وفاة.

19 آذار: 359 إصابة   و4 وفاة.

20 آذار: 670 إصابة   و9 وفاة.

21 آذار: 947 إصابة   و21 وفاة.

22 آذار: 1236 إصابة و30 وفاة.

 

فقدت عملي ودراستي

أوس مقيد، لاجئ سوري في مدينة غازي عنتاب، يعمل صباحاً ويذهب للجامعة مساءا.

يحاول الشاب أوس (مرحلة ثالثة/ إدارة أعمال) من جدوله هذا الجمع بين الاستمرار بالدراسة وتامين مصدر رزقه.

تأثر عمل أوس ودراسته كغيره من زملاء الدراسة في تركيا نتيجة انتشار المرض، حيث أعلنت وزارة التربية والتعليم إيقاف جميع الأنشطة الدراسية في المدارس والجامعات لمدة ثلاثة أسابيع قابلة للتمديد.

يوضح أوس أنه رغم أخبارهم بأن نظام التعليم سيصبح إلكترونياً "لكنه لم يبدأ لغاية الآن".

فقد الشاب أوس عمله أيضا "بسبب احتياجهم لي بشكل شخصي وأنا لا أستطيع العمل من المنزل، لذلك تم إشعاري بأنني متوقف عن العمل حتى إشعار آخر".

 

ضغط نفسي هائل

محمد حمدان ناشط حقوقي سوري مقيم في تركيا، رأى أن حياة السوريين تغيرت بشكل جذري إثر انتشار الفيروس، وأن الضغوط النفسية والأعباء المادية ستزداد بشكل كبير ويومي في تركيا.

"لحد الآن ما في حظر تجول لا جزئي ولا كلي ولكن في توصيات من الحكومة بالبقاء في البيت، ورغم انها مجرد توصية لكنها غيرت حياتي بشكل كامل".

ولم تعلن السلطات التركية لغاية الآن حظر التجول الكلي في البلاد، وإنما أعلنته فقط للمسنين (أكثر من 65 عاماً).

ووفقا للناشط السوري فأن الأكثر تأثرا بين اللاجئين هم فئة العمال، "هؤلاء إذا لم يخرجوا للعمل اليومي، ولا يملكون رصيداً ماليا احتياطياً في جعبتهم"، على حد قوله.

ويتابع "السوريون الذين يعملون بمصانع ومعامل في 81 ولاية كثيرون جداً ويحصلون على الحد الأدنى من الأجور، وبسبب تقييد الحركة سيقعدون الآن في بيوتهم، سؤالي، هدول كيف رح يعيشوا هلأ؟".

ويضيف الناشط حمدان "أنا كسوري أشعر بضغط هائل، لا أعرف إلى أين نحن ذاهبون؟، الإجراءات الوقائية متعبة وخاصة إذا كان عندك عائلة".

وكان وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة قد أعلن في تغريدة أعداد المصابين والوفيات جراء انتشار الفيروس، مساء أمس الأحد، عن وفاة 30 شخصاً وإصابة 1236 شخص.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".