نازحون ولاجئون

بسبب كورونا.. "مخيم الموت" في عزلة تامة

محمد ناموس
30 مارس 2020

يعيش مخيم الركبان الواقع في الجنوب الشرقي لسورية على الحدود الأردنية أوضاعاً مأساوية صعبة جداً، في ظل حصار مطبق عليه، وكذلك إغلاق كافة المعابر والحدود المحيطة به بعد انتشار فيروس كورونا في الأردن وسوريا.

ولم يتم تسجيل أي حالة إصابة بالفيروس لحد الآن داخل المخيم، وفي نفس الوقت لا يمكن التأكد من وجود الحالات أساساً لعدم وجود أي أجهزة طبية ومعدات يمكن أن تساعد على اكتشاف وجود الفيروس داخل الجسم.

ومع اتساع رقعة انتشار فيروس كورونا حول العالم، غابت المواد الصحية والطبية من معقمات وكمامات وكل ما يتعلق بالتنظيف عن الأسواق، تزامن هذه الشحة مع إطباق النظام السوري في شباط الماضي حصاره التام للمخيم ومنع المهربين من الوصول إليه مما عجّل بنفاذ جميع المواد الأساسية عن الأسواق.

مناشدة عاجلة

هيئة العلاقات العامة والسياسية في البادية السورية بمخيم الركبان نشرت نداء استغاثة ووجهته إلى منظمة الصحة العالمية، وناشدت فيه بتقديم المساعدات الطبية العاجلة لأكثر من 12000 نازح داخل المخيم وإمداده بوسائل التعقيم والكشف المبكر للإصابة بفيروس كورونا المستجد.

كما توجهت الهيئة بنداء آخر إلى المملكة الأردنية الهاشمية طالبت من خلاله المملكة بفتح الحدود فقط لأربع نساء سوريات يحتجن لعمليات قيصرية وهن في حالة حرجة جداً.

وجاء في البيان الذي نشرته الهيئة "نعلم الظروف التي يمر بها العالم أجمع ومنها المملكة وسبل الوقاية والحجر وحظر التجوال للوقاية من فيروس كورونا، وأن حدود ومطارات المملكة أغلقت حتى بوجه الأخوة من المملكة الاردنية ولكننا نعيش بمخيم الركبان ظروفا أصعب ومهددة لحياة أنبل المخلوقات وهي الأمهات".

وأضاف البيان "نرجو من جلالتكم السماح لتلك الأمهات بعبور الحدود من أجل إجراء عمليات القيصرية ضمن الإجراءات والطرق المتبعة بالمملكة وسبل الوقاية".

نأكل علف الأبقار

يشرح أبو أحمد الهيان أبو نشوان رئيس مجلس عشائر تدمر والبادية الوضع المأساوي الحالي الذي يعيشه المخيم، بقوله "بالنسبة لمخيم الركبان الوضع الصحي تعبان جداً جداً، ليست لدينا أدوية ولا معقمات ولا حتى كمامة واحدة"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "نناشد ونتحدث لتأمين الأدوية لتخفيف انتشار المرض، ولدينا خمس نساء حالتهم حرجة تحتاج لعمليات قيصرية وكنا نرغب أن ندخلهم للأردن ولكن كل الحدود مغلقة الآن".

ويطلق أبو نشوان على الركبان اسم "مخيم الموت"، لأنه منسي ولا توجد أي جهة في العالم تسعى لحل مأساة المخيم، بحسب تعبيره.

ويتابع "هذا المخيم ليس مخيم الركبان، أنه مخيم الموت لأنه منسي، وليست هناك جهة تتطلع للمخيم، الفرن متوقف منذ أربعة أيام لقلة الطحين (الدقيق)، الناس فيه جائعة وهلكانة، نخبز من نخالة البقر (قشور الحنطة بعد طحنها) ونعمل منها خبزا ونأكله".

خوف من القادم

ويذكر الصحفي السوري عماد غالي، المقيم في المخيم، ذكر عبر صفحته على الفيسبوك أنه " لأول مرة بتاريخ مخيم الركبان طابور من اللاجئين بالمخيم على رغيف الخبز، يأتي ذلك بعد حصار المخيم ومنع إدخال مادة الطحين إليه، وأيضا احتكار تجار المخيم للطحين والسكر، الوضع في المخيم مأساوي جداً والأيام القادمة أصعب على أهالي المخيم".

وبادر الصحفي عماد مع عدد من شباب المخيم لإطلاق حملة توعية تعريفية بالفيروس في النقاط الطبية والمراكز الحيوية المتواجدة داخل المخيم، وحضرها العشرات من قاطنيه.

من جانيه، يناشد الممرض شكري شهاب، مدير نقطة تدمر الطبية، اليونيسف بإعادة افتتاح نقطتها الطبية التي أغلقتها مؤخراً قرب الحدود الأردنية.

هذه النقطة كانت المركز الوحيد الذي يقدم الخدمات الطبية من قبل أطباء متخصصين ويعمل على توجيه الحالات الحرجة إلى الأردن بشكل رسمي، تم إغلاقها بالتزامن مع الإجراءات التي تتخذها الحكومة الأردنية لمواجهة الفيروس.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".