النازحون واللاجئون الحلقة الأضعف أمام كورونا
في مخيم عين شمس غرب بغداد، تجلس أم ضياء، وهي امرأة في العقد السادس من عمرها، تحت أشعة الشمس وهي تروي لمراسل (ارفع صوتك)، قصتها وأحلامها لما تبقى من سنين عمرها.
تقول المرأة المسنة إنها هربت من داعش بعد أن قتل زوجها، ولا تستطيع العودة بسبب دمار منازلهم أثناء عمليات التحرير.
أما حلمها، فهو العودة إلى مناطقهم، "لكنها مدمرة بشكل كامل".
وفي كرفانات المخيم تعيش العديد من الأرامل مع أطفالهن، وعوائل أخرى من النازحين، في ظروف غير صحية، ولا يستطيعون إخفاء خوفهم من وباء فيروس كورونا.
تكتفي أم ضياء حاليا بالجلوس في الشمس لتعقيم نفسها وأحفادها، لأنها "لا تمتلك مواد وقائية من الفيروس"، على حد قولها.
بيئة مناسبة للفيروس
وفي مخيمات النازحين بشمال العراق، لا يختلف حال النازحين في إقليم كردستان عن باقي المخيمات.
في مخيم الخازر بأربيل، عاصمة الإقليم، تخشى أم يونس وأطفالها السبعة من إصابتهم بفيروس كورونا.
لا تغادر أم يونس المخيم إلى أي مكان آخر، وحتى أبناؤها توقفوا عن الذهاب إلى مكان اللعب داخل المخيم.
تقول ام يونس "أسمع أن المرض معدي، وأنا أخشى على أطفالي أن يمرضوا".
تكتفي أم يونس بغسل أجسام أبنائها يوميا، وكذلك غسل أيديهم باستمرار، لأنها كغيرها من المقيمين في المخيم لا تمتلك أي مواد معقمة، كما لا توجد أي اجراءات وقائية.
يقول مدير مخيمات الخازر رشيد درويش "خاطبنا الجهات الرسمية أكثر من مرة، أنه في حال الاشتباه أو ظهور إصابة بمرض كورونا أين ننقل المريض؟، لكن لم نحصل على إجابة".
فيما يشير الطبيب المقيم في المخيم عبد الرحمن عطو، إلى إمكانية انتشار المرض بشكل سريع في المخيم في حال ظهوره، "بسبب كثافة الموجودين في المكان المغلق (المخيم)".
ويكتفي الفريق الطبي في مخيم الخازر بحث المقيمين "على اتباع إجراءات الوقاية ونشر التوعية بين الأهالي بعد الاختلاط وعدم التجمع وتعقيم اليدين بشكل مستمر، ومراجعة المستوصف بشكل سريع في حال ظهور أي أعراض لدى الشخص"، بحسب الطبيب عطو.
ملايين العوائل في خطر
من جانبها، حذرت منظمة اليونيسف من أن جائحة "كوفيد-19" قد تؤدي "إلى تدمير المجموعات السكانية من اللاجئين والمهاجرين والنازحين، إن لم تُتَّخذ إجراءات دولية عاجلة".
وتقول المديرة التنفيذية لليونيسف، هنرييتا فور في تصريح صحفي "يكاد يكون مؤكداً أن يجد "كوفيد-19" موطئ قدم في مخيمات اللاجئين أو في مراكز استقبال اللاجئين المزدحمة أو مرافق احتجاز العائلات مهاجرة، وبالنظر إلى مدى سرعة انتشار الفيروس، فإن هذا السيناريو يبدو وشيكا".
وتشير فور إلى أن "عوائق عوائق هائلة تحول دون حصولهم (النازحون واللاجئون) على الرعاية الصحية والخدمات الوقائية، مثل غسل اليدين ومرافق الصرف الصحي المناسبة. لذا، تتفاقم المخاطر عندما يستفحل مرض معدي".
وتوضح المديرة التنفيذية لليونيسف "لا نتحدث هنا عن عدد قليل من الناس. اقتُلِعَ 31 مليون طفل من ديارهم، بما في ذلك أكثر من 17 مليون نازح و12,7 مليون لاجئ و1,1 مليون طالب لجوء، وكلهم بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة".
وتضيف "لا يتمتع معظمهم برفاهية الاتصال بالطبيب عند المرض، أو غسل أيديهم كلما احتاجوا إلى ذلك، أو ممارسة التباعد الجسدي لوقف انتقال الأمراض".
ودعت فور دول العالم إلى الاستجابة سريعا لسد حاجة النازحين واللاجئين من اجراءات مواجهة المرض الوقائية والعلاجية.
"لكن لا يمكننا القيام بذلك وحدنا. الآن، وأكثر من أي وقت مضى، ينبغي على الحكومات والمجتمع الدولي أن يتكاتفوا لحماية الفئات الأكثر هشاشة في هذه الأوقات غير المسبوقة"، تقول فور.
وتتابع "يجب ضمان حصولهم وبشكل عادل على الاختبار والعلاج، وخدمات المياه والصرف الصحي، ووضع وتنفيذ خطط رعاية ودعم آمنة ومبنية على أساس العائلة، وذلك لدعم الأطفال المنفصلين عن أولياء أمورهم أو الذين توفي أولياء أمورهم".
ودعت المدير التنفيذي ليونيسف الحكومات إلى عدم إغلاق الحدود ووضع القيود المفروضة على الحركة، "فالأطفال من حقهم التماس اللجوء وإعادة لمّ شمل العائلة".
وأضافت "كما ينبغي ألّا تعيق جهود وكالات الإغاثة لتقديم المساعدة الإنسانية. بالإضافة إلى أنه يجب وبسرعة نقل الأطفال والعائلات التي اقتلعت من أماكنها، بعيداً عن الأذى".