نازحون ولاجئون

النقش بالمينا... هكذا يقضي عراقي صابئي في الأردن الحجر المنزلي

راشد العساف
04 مايو 2020

الحجر في المنزل بسبب جائحة كورونا وقت لا يعوض بالنسبة لحامد رويد، وهو نحات عراقي يعيش في عمان منذ 2014 وينقش على الفضة، لاستثماره في صناعة القطع الفنية.


النقش على المينا مهنة متوارثة في عائلة رويد والتي تنتمي الى الصابئة المندائية، "انا أستغل وقتي دوما في العمل، ولكن بعدما جاء فيروس كورونا وألزم الناس بالبقاء في بيوتهم أعطاني دافعا أكبر للعمل،" يقول رويد لموقع (ارفع صوتك).

وهناك تعاريف مختلفة لفن أعمال المينا، والمينا مادة من لعاب الزجاج شفافة يعمل بها على الكاشي والفلزات من أجل الحفاظ علأ الوانها ونقوشها ورسومها. ويصف البعض فن المينا بأنّه فن الحب والنار .

عمل مكثف

تستغرق بعض اللوحات المنحوتة على الفضة بحجم ورقة الطباعة العادية نحو شهر بالعادة، ولكن أثناء الحجر، تمكن رويد من تقليل المدة إلى النصف.

نحت رويد صورة للشريف الحسين بن علي، وهو الجد الأكبر للعائلة الهاشمية الحاكمة في الأردن وفي العراق سابقا، خلال أسبوعين من العمل. 


كما نحت رويد النشيد العراقي على لوحة تحمل شكل خارطة العراق وفي داخلها النشيد العراقي.
يقول النحات رويد، "نشيد موطني كتبه الشارع الفلسطيني إبراهيم طوقان، وأصبح اليوم نشيد للعراق، فقررت نقشه لتتوحد الكلمات مع الخارطة".


ويعمل رويد حاليا على لوحة أكبر لسيدة عراقية ترتدي الزي الريفي، لتوثيق شيء من التاريخ العراقي بنقشه على الفضة.

نحت متوارث

تعرف عائلة رويد الصابئية بفن الصياغة والنقش اليدوي على المينا في العراق، وبعد الفوضى التي خلقتها الميلشيات وتنظيم داعش، اضطرت العائلة إلى مغادرة محافظة ميسان (جنوب العراق) قاصدة الأردن ودول أخرى. 


يقول رويد "الصابئة المندائيون ورثوا عن أجدادهم الرافديين إرث فني نقلوه إلى أبنائهم وأحفادهم، وأنا تعلمت النقش من والدي عبد الرزاق رويد والذي يعد من أهم من نقش بيده على الذهب والفضة في العراق". 


وتبنى إخوان وأخوات حامد في المهجر، والذين يمارسون فن النقش أيضا، فكرة إنشاء متحف متخصص بالقطع النادرة للحفاظ على الإرث المندائي العراقي.

خوف من اندثار الارث 

ويخشى حامد أن يندثر هذا التراث بعد خروج العائلة من العراق وهجرتها إلى دول حول العالم، ما دفعه إلى طلب توثيق هذا التراث على لائحة التراث العالمي اللا مادي في منظمة اليونسكو كجزء من التراث العراقي. 


وإلى الآن لا يعلم رويد مصير هذا الطلب وهل "سيحافظ العالم على هذا الإرث، أم سيكون مصيره الاندثار؟". 


وأهدى رويد المتحف العراقي 24 قطعة أثرية ونموذجاً مصغراً لمسلة حمورابي بارتفاع 120 سم، ونسخة أخرى لتلك المسلة موجودة الآن في باحة مجلس النواب ببغداد، في محاولة لتذكير صناع القرار بالحفاظ على هذا الإرث.
 

راشد العساف

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".