نازحون ولاجئون

"خردوات الموت" في الأردن تقتل 5 أطفال لاجئين

راشد العساف
05 مايو 2020

لم يعلم ذوو الاطفال اللاجئين السوريين الخمسة الذي قتلوا بانفجار قنبلة قديمة في مدينة المفرق شمال شرق الأردن، أن الموت الذي فروا منه من درعا السورية سيجدونه أمامهم على شكل "مخلفات خطرة".

أبناء أعمام من عائلة الحمصي فروا من الاضطرابات المندلعة في مدينة درعا جنوب سورية، بعد أن اشتدت المعارك والقصف هناك خوفا على أطفالهم، فلجأوا إلى الأردن مع بداية الأزمة السورية في عام 2011. 

استقروا في "منطقة الفدين" بمدينة المفرق، وأنجبوا أربعة أطفال خلال فترة تواجدهم في الأردن.

الفقر والعوز منع الأطفال من الذهاب إلى المدارس والانتظام في الصفوف، وكانوا يعملون مع ذويهم في جمع الخردة رغم أن أكبر الأطفال الخمسة لا يتجاوز عمره الـ9 سنوات.

خرداوت الموت

الأطفال، محمد عيسى وربيع ومحمد عبد الله وعطا الله ويوسف، وهم أطفال لاجئون سوريون، اعتادوا على جمع كل شيء صلب من أماكن تجمع النفايات.

وفي نهاية نيسان/ أبريل الماضي، عثر الأطفال الخمسة على قنبلتين قديمتين أثناء جمعهم للخرداوت من مكان قريب لمنزلهم، فاحضروها إلى البيت وقاموا بتنظيف القنبلتين وهم يظنون أنهم سيحصلون على مبلغ أكبر إذا باعوها، فوزنها الثقيل بالنسبة لهم يعني مزيد من المال.

حمل الطفل الأكبر بين أقرانه، الذي كان يرتدي ثوبا أسودا، القنبلة وعبث بمسمار الأمان وسحبه، لتنفجر القنبلة به ويقتلوا جميعا في نفس اللحظة.

فيما قام سلاح الهندسة العسكرية بتفجير القنبلة الثانية، بعد حضورهم وإخلائهم لمكان الحادث.

مخلفات الأمن الداخلي

الأطفال اللاجئون نجوا من قنابل الحرب المندلعة في بلادهم، ولكنهم لم ينجوا من قنبلة قديمة في منطقة الفدين بالمفرق أدت إلى مصرعهم جميعا. 

ورجح مسؤول أمني كبير في الأمن العام في حديثه لموقع (ارفع صوتك)، أن يكون سيل مياه الجاري بجانب منطقة الحادثة قد جرفت القنابل القديمة التي عثر عليها الأطفال.

وفي بعض مناطق إقليم الشمال في الأردن يوجد "مخلفات خطرة" للأمن الداخلي في مناطق كانت معسكرات للجيش أو مناطق نشطة في الحروب التي مرت على البلاد في القرن الماضي. 
الأمن عرّف "المخلفات الخطرة" بأنها قذائف قديمة وقنابل، حيث قام سلاح الهندسة التابع للجيش الأردني بحملة تمشيط لتلك المناطق في الصيف الماضي.

الرواية الرسمية

وقت وقوع الحادثة تضاربت الأنباء حول هوية المتوفين لأن ملامح بعض جثث الأطفال كانت مشوهة تماما بحسب المصدر الأمني.

لكن بيان الأمن العام أفاد بأن الحادثة التي وقعت راح ضحيتها خمسة أطفال وأمهم.

لكن بعد الفحص الطبي تبين أن جميعهم أطفال ولا سيدة بينهم، اثنان منهم أخوة. 
 

راشد العساف

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".