رمضان في مخيمات النزوح باليمن
يعيش النازحون في اليمن ظروفا صعبة في مخيمات النزوح خلال شهر رمضان.
وللسنة السادسة على التوالي يقضي مئات الآلاف من اليمنيين النازحين رمضان بعيدا عن ديارهم، ويحرمون من ممارسة طقوس هذا الشهر الفضيل.
واعتاد اليمنيون استقبال رمضان بطقوس اجتماعية روحانية بعيدة عن أجواء المعاناة، ينصرفون فيها إلى الاعتناء بتوفير احتياجات الشهر الاستثنائي، لكن هذا لا ينطبق على النازحين في مخيمات النزوح.
وأجبر النزاع الدامي في اليمن أكثر من 3.5 مليون شخص على مغادرة ديارهم، في إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حسب تصنيف الأمم المتحدة.
كل شيء تغير
يقول نادر علي (39 عاما)، الذي نزح من مدينة الحزم بمحافظة الجوف بعد اجتياحها من قبل الحوثيين إلى مخيم "الجثوة" بمأرب المجاورة، "نعيش في خيمة بالية، وشبكة حديدية كمطبخ، وتستخدم العائلة الخيمة للمبيت والجلوس والأكل تحت حرارة الشمس، والرياح والأمطار والعواصف، لا سيما مع الوضع المناخي الحالي الذي تصل فيه حرارة الشمس أعلى درجاتها، ونحن نمر بشهر الصيام دون مكيفات ولا سكن مناسب ولو بأدنى المقومات والأساسيات المطلوبة".
كان يعمل نادر وهو أب لستة أطفال بمتجر خاص قبل أن يهرب من المعارك مطلع آذار/ مارس الماضي، بحسب ما يروي في حديث لموقع (ارفع صوتك)، مضيفا "كنا مرتاحين قبل النزوح أما الآن فكل شيء تغير، رمضان هذا العام هو الأسوأ بالنسبة لي ولعائلتي لم نمارس أي طقس من طقوس رمضان المعروفة لأننا في مكان يفتقر لأدنى مقومات الحياة بما فيها المساجد".
ويتابع "جميع النازحين هنا لا يشعرون بشهر رمضان. نطالب الجهات الرسمية والمنظمات الإنسانية والإغاثية بتوفير مساكن لنا بدلا من الخيام تقينا من الرياح والأمطار ومزودة بالمكيفات لنستطيع العيش والصمود في وجه حرارة الطقس المرتفعة هذه الأيام، خصوصاً مع شهر رمضان الكريم، وتوفير المواد الإيوائية والمنزلية من فرش وأغراض طبخ وحمامات وغيرها".
تتضاعف معاناتنا
من جانبه، يقول مبروك جحزة (50 عاما)، الذي نزح من مديرية نهم إلى مخيم الزبرة بمأرب، إنه للعام الثاني على التوالي يقضي شهر رمضان في مخيم النزوح.
"حالتنا متعبة جدا. لا سكن لا ماء لا كهرباء لا غذاء ولا شيء متوفر. كنا حصلنا بداية هذا العام على خيام وأخشاب من منظمة الهجرة الدولية جاءت العاصفة والرياح ودمرت غالبيتها"، يقول جحزة.
ويضيف لموقع (ارفع صوتك) "في رمضان تتضاعف معاناتنا ونتحسر كثيرا لعدم قدرتنا على ممارسة طقوس هذا الشهر. حتى متطلبات رمضان من مواد غذائية واستهلاكية غير متوفرة بالنسبة لنا ولم نعد نفكر بها هنا في مخيمات النزوح".
ويتابع جحزة "كنت قد نزحت أيضا عام 2015 وبقيت نازح لمدة عامين. حياة النزوح مثل الذي ينتظر الموت في أي لحظة".
لا نشعر بالأمان
يوافقه الرأي نازح آخر يدعى عبد الحميد النهمي، الذي نزح هو الآخر قبل خمس سنوات إلى مأرب من مديرية نهم التابعة لريف العاصمة صنعاء حيث دارت خلال سنوات الحرب معارك شرسة بين الحوثيين وقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
فحلول رمضان لا يعني شيئا مهما لعبد الحميد وغيره الكثير من النازحين، إذ أن ما يهمهم الآن هو التخلص من شعورهم بالضياع وفقدانهم للأمل، فضلا عن إيجاد وسيلة مناسبة للعيش بأمان.
ويتساءل باستغراب "ما الذي يدفعنا لنشعر برمضان ونفرح بحلوله ونستعد له؟"، ويجيب نفسه "لم نعد نفرح. إلى هذه اللحظة وما يزال المئات من الناس يحاولون الفرار من الحرب. نحن لا نشعر بالأمان حتى الآن".
يضيف لموقع (ارفع صوتك) "رمضان في مخيمات النزوح يزداد فيه الجوع والمرض والأزمات فعن أي سعادة وروحانية تتحدث!".
غنية بالنفط ولكن...
وتنتشر في محيط مدينة مأرب، وهي المقر الشمالي لتحالف الحكومة المعترف بها دوليا، عشرات المخيمات التي تأوي الفارين من الحرب من مختلف المحافظات اليمنية.
ومحافظة مأرب غنية بالنفط لكنها من بين المحافظات النائية في اليمن.
وسجلت مأرب الرقم الأعلى بين محافظات اليمن في استقبال النازحين. وبحسب منظمة الهجرة الدولية استقبلت مأرب 7636 أسرة نازحة، من إجمالي 11484 أسرة يمنية نزحت من مختلف محافظات البلاد منذ مطلع 2020.