نازحون ولاجئون

ازدياد الانتهاكات بحق السوريين في لبنان

محمد ناموس
19 مايو 2020

مع انتشار وباء كورونا حول العالم وبدء انتشاره في لبنان، بدأت الانتهاكات بحق اللاجئين السوريين تتزايد هناك، حيث سجلت المراكز الحقوقية عدداً من الانتهاكات وحالات الاعتداء على اللاجئين في لبنان.

حيث نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريراً أعلنت فيه أن الحكومة اللبنانية فرضت قيوداً تمييزية على اللاجئين السوريين لا تطبّقها على اللبنانيين بسبب مكافحة كورونا.

وأشارت إلى أن هذه الإجراءات ستعرض كل من في لبنان للخطر بغض النظر عن جنسيته، وأنه سيؤدي إلى خوف اللاجئين من طلب المساعدة الطبية مما يساهم في انتشار الفيروس بشكل أكبر.

وتمثّلت الممارسات التمييزية بالإخلاء القسري من المنازل والبلدات التي يسكنون فيها.

وشهدت بلدة تعلبايا خلال آذار الفائت وفاة لاجئ سوري أضرم النار بنفسه بعد عجزه عن تأمين أجرة منزله ومستلزمات حياته من الطعام والشراب، وفارق اللاجئ حياته بعد إنقاذه وإسعافه من قبل جيرانه إلى مشفى البقاع.

ويشير مركز "وصول" لحقوق الإنسان تحدث في تقرير حديث له عن الانتهاكات التي وثقها بحق اللاجئين السوريين في لبنان، إلى أن معظم اللاجئين السوريين غير قادرين على تسديد إيجار المنازل وذلك بسبب القيود المفروضة عليهم من قبل الحكومة اللبنانية للحد من انتشار جائحة كورونا.

وبحسب تقرير للمركز فأن بلدية غزة في البقاع الغربي اتخذت قرارا بإخلاء مخيم "011" الذي يضم نحو 60 عائلة سورية وإزالته بشكل كامل.

كما قامت شرطة بلدية قضاء صيدا بطرد عائلة من اللاجئين السوريين، وذلك بعد قيام شخص من سكان المنطقة باعتراض طريق أحد أفراد العائلة، والذي كان في طريقه لشراء حاجيات أساسية لعائلته.

الشخص الذي اعترض طريق اللاجئ برر تصرفه بحجة قرار منع التجول، علماً بأن اللاجئ خرج من منزله خلال فترة الظهيرة، أي خلال الأوقات المسموح بها للخروج.

وسجل مركز "وصول" أربع حالات إخلاء قسري بحق لاجئين سوريين من قبل مالكي المنازل التي يقيمون فيها، وذلك في عدة مناطق لبنانية في ظل تدهور الظروف الاقتصادية والعجز عن تأمين الاحتياجات الأساسية بسبب توقف حركة التنقل والعمل.

ولفت التقرير أن الإخلاء القسري بحق اللاجئين السوريين قد يعرضهم إلى مخاطر انفصال الأسرة وانتهاكات جسيمة أخرى، مع الإشارة إلى أن الأشخاص الذين تم طردهم لجأوا مؤقتاً إلى بعض الأصدقاء أو الأقارب مما قد يعرّضهم للمخاطر بسبب منع بعض البلديات اللاجئين السوريين، دون سواهم من المواطنين اللبنانيين، استقبال الزائرين في مناطق إقامتهم.

طالب المركز الحقوقي في نهاية تقريره السلطات المحلية والحكومية بضمان حماية اللاجئين السوريين من خلال إصدار قرارات وتعاميم بحمايتهم ومنع قرارات إخلائهم من منازلهم وطردهم من البلدات خاصةً في ظل هذه الظروف الصحية والاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تزيد من الضغوطات النفسية بين اللاجئين، مما قد يزيد من حالة الاحتقان والتوتر الاجتماعي، ورفض أي قرار يخالف ذلك.

وفي حديث لموقع (ارفع صوتك)، يعرب الحقوقي السوري محمد حسن مدير مركز "وصول" لحقوق الإنسان، عن أسفه لما يحدث مع اللاجئين السوريين في لبنان، مشيراً إلى "وجوب تدخل الحكومة اللبنانية من خلال وضع خطة تضمن حقوق اللاجئين خلال الأزمات".

يقول حسن "نناشد المجتمع الدولي للتحرك الفوري من أجل التدخل في لبنان، وتخصيص مساعدات إغاثية وطبية ومالية للاجئين في المخيمات وخارجها".

ويوضح أنّ اللاجئين يعيشون في "ظروف هي الأصعب منذ سنوات، فقد توقف الكثيرون عن العمل، إذ يعتمد معظم اللاجئون على العمل بشكل يومي لكسب قوت يومهم".

ويلفت محمد حيدر، وهو لاجئ سوري يعيش في مدينة بيروت، إلى أن التمييز لا يحدث في كل مدن لبنان، وإنما بحسب الحزب الذي تتبع له المدينة.

ويقول محمد في حديث لموقع (ارفع صوتك) إن "التمييز ضد السوريين لا يوجد في كل المدن اللبنانية، في بيروت مثلاً لا وجود لذلك، ولكن في بعض المدن اعتبروا أن السوري هو سبب أي أزمة تحدث في البلاد، وهذا من المعيب حقاً، لا يوجد فرق بين سوري أو لبناني، فيروس كورونا لن يميز بين من يختاره ليصيبه بحسب جنسيته".
 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".