كيف يستقبل نازحو اليمن عيد الفطر؟
"تسألني عن استقبالنا للعيد؟، نحن لم نستعد بشيء، العيد عيد العافية"، الحديث لعبد الله الصعدي، وهو نازح يمني في مخيم "ضروان" بمديرية همدان، (30 كم شمالي غرب) العاصمة اليمنية صنعاء.
نزح عبد الله في بداية الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات من محافظة صعدة (معقل جماعة الحوثيين)، بعدما تعرضت المحافظة لأعنف الضربات الجوية لمقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الجماعة الموالية لإيران.
ويقضي الصعدي (54 عاما)، أياما وظروفا صعبة مع أسرته المكونة من ثمانية أفراد داخل خيمة بلاستيكية بالية.
يقول الصعدي في حديث لموقع (ارفع صوتك)، إنه "لم يعد يفكر بأهمية الاستعداد لعيد الفطر أو شراء لوازمه من ملابس جديدة وتحضير الحلويات كما كان سابقا".
ويضيف "نحن نتمنى أن نشبع بطوننا لا نفكر بالعيد. معظم الأيام نتناول وجبة واحدة أو وجبتين بالكثير. مأساتنا لا توصف".
اقتراب العيد أو حلوله لا يعني شيئا مهماً للصعدي ولغيره الكثير من النازحين، إذ أن ما يهمهم الآن هو التخلص من شعورهم بالضياع وفقدانهم للأمل، فضلا عن إيجاد وسيلة مناسبة للعيش بأمان.
ويتساءل باستغراب "ما الذي يدفعنا لنشعر بالعيد ونفرح بحلوله ونستعد له؟".
ويتابع "لم نعد نفرح. إلى هذه اللحظة وما يزال المئات من الناس يحاولون الفرار من الحرب. نحن لا نشعر بالأمان حتى الآن".
وهذا هو حال نحو 100 أسرة يمنية نازحة في المخيم ذاته (مخيم ضروان) تعيش ظروفا معيشية صعبة بعدما اجبرت على الفرار من الحرب الأهلية التي تعصف بالبلد العربي الفقير.
وأجبر النزاع الدامي في اليمن أكثر من 3.5 مليون شخص على مغادرة ديارهم، في إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حسب تصنيف الأمم المتحدة.
عن أي عيد تتحدث!
نفس الشعور تلمسه لدى جميلة (42 عاما)، التي تقطن في مخيم بويش للنازحين الذي يبعد حوالي 2 كم عن مدينة المكلا بمحافظة حضرموت أقصى شرق اليمن.
ويقطن في هذا المخيم الذي تأسس عام 2018 نحو 60 أسرة يمنية معظمهم نزحوا من محافظة الحديدة (غرب اليمن) على وقع الحرب الدائرة هناك.
تقول جميلة لموقعنا "عن أي عيد تتحدث!. لا داعي لتذكيرنا بالعيد، نسينا فرحة العيد منذ سنوات".
وتشير جميلة إلى أن زوجها كان يعمل قبل الحرب في صيد السمك وبسبب الحرب فقد عمله واضطروا عام 2018 للنزوح بحثا عن الأمان، وأصبحوا منذ ذلك يعيشون على المساعدات.
وتوضح "ليس لدينا حتى فلس واحد، ولا غذاء، الآن وقت المغرب ونحن ليس لدينا سوى خبز وماء. رأسي يؤلمني من شدة الجوع، نتمنى أن نعيش يوما واحدا مما كنا عليه قبل الحرب".
وتضيف جميلة أن أطفالها الخمسة دائما يتساءلون عن ملابس العيد والفرحة به، لكنهم مجبرون على نسيان ذلك في ظل الأوضاع التي تعيشها أسرتهم.
مسؤوليتي إسعادهم
لكن الحال يختلف بالنسبة لأحمد هيبل، الذي نزح بداية الحرب من محافظة صعدة (شمال) إلى مديرية خمر بمحافظة عمران المجاورة للعاصمة صنعاء.
نجح أحمد في فتح محل لبيع الدجاج وأصبح مصدر رزقه وأسرته المكونة من 9 أفراد.
"في البداية نزحنا إلى مدرسة في خمر وبعد أشهر فتحت محل لبيع الدجاج، استطعت بعد ذلك استئجار شقة للسكن فيها والتكفل باحتياجات اسرتي، لحسن الحظ أننا لم نضطر للسكن في المخيمات كغيرنا الكثير من النازحين"، يقول أحمد.
ويعتقد الرجل ذاته أنه لا يجوز أن يترك أطفاله حزينيين لعدم قدرته على خلق أجواء من الفرح استعدادا بقدوم العيد.
ويقول لموقع (ارفع صوتك) "رغم الظروف القاسية وغير المستقرة التي نعيشها إلا أنني أصرّ على أن يأخذ أطفالي حقهم من الحياة ويعيشوا مثلما كنا نعيش قبل النزوح"، مضيفا "الحمد لله اشتريت لأطفالي ملابس العيد ولو كانت من محلات بيع الملابس المستعملة. لا ذنب لهم أن يعانوا ما نعاني رغم تردي الأوضاع من جميع النواحي. أنا اب مسؤوليتي تفرض عليّ إسعادهم بما أستطيع".
يختتم حديثه قائلا "أحاول أن أجعلهم يستعدوا لحلول العيد كما كنا في السابق. نتمنى انتهاء هذه الحرب".