نازحون ولاجئون

كيف يستقبل نازحو اليمن عيد الفطر؟

غمدان الدقيمي
20 مايو 2020

"تسألني عن استقبالنا للعيد؟، نحن لم نستعد بشيء، العيد عيد العافية"، الحديث لعبد الله الصعدي، وهو نازح يمني في مخيم "ضروان" بمديرية همدان، (30 كم شمالي غرب) العاصمة اليمنية صنعاء.

نزح عبد الله في بداية الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات من محافظة صعدة (معقل جماعة الحوثيين)، بعدما تعرضت المحافظة لأعنف الضربات الجوية لمقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الجماعة الموالية لإيران.

ويقضي الصعدي (54 عاما)، أياما وظروفا صعبة مع أسرته المكونة من ثمانية أفراد داخل خيمة بلاستيكية بالية.

يقول الصعدي في حديث لموقع (ارفع صوتك)، إنه "لم يعد يفكر بأهمية الاستعداد لعيد الفطر أو شراء لوازمه من ملابس جديدة وتحضير الحلويات كما كان سابقا".

ويضيف "نحن نتمنى أن نشبع بطوننا لا نفكر بالعيد. معظم الأيام نتناول وجبة واحدة أو وجبتين بالكثير. مأساتنا لا توصف".

اقتراب العيد أو حلوله لا يعني شيئا مهماً للصعدي ولغيره الكثير من النازحين، إذ أن ما يهمهم الآن هو التخلص من شعورهم بالضياع وفقدانهم للأمل، فضلا عن إيجاد وسيلة مناسبة للعيش بأمان.

ويتساءل باستغراب "ما الذي يدفعنا لنشعر بالعيد ونفرح بحلوله ونستعد له؟".

ويتابع "لم نعد نفرح. إلى هذه اللحظة وما يزال المئات من الناس يحاولون الفرار من الحرب. نحن لا نشعر بالأمان حتى الآن".
 
وهذا هو حال نحو 100 أسرة يمنية نازحة في المخيم ذاته (مخيم ضروان) تعيش ظروفا معيشية صعبة بعدما اجبرت على الفرار من الحرب الأهلية التي تعصف بالبلد العربي الفقير.

وأجبر النزاع الدامي في اليمن أكثر من 3.5 مليون شخص على مغادرة ديارهم، في إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حسب تصنيف الأمم المتحدة.

عن أي عيد تتحدث!

نفس الشعور تلمسه لدى جميلة (42 عاما)، التي تقطن في مخيم بويش للنازحين الذي يبعد حوالي 2 كم عن مدينة المكلا بمحافظة حضرموت أقصى شرق اليمن.

ويقطن في هذا المخيم الذي تأسس عام 2018 نحو 60 أسرة يمنية معظمهم نزحوا من محافظة الحديدة (غرب اليمن) على وقع الحرب الدائرة هناك.

تقول جميلة لموقعنا "عن أي عيد تتحدث!. لا داعي لتذكيرنا بالعيد، نسينا فرحة العيد منذ سنوات".

وتشير جميلة إلى أن زوجها كان يعمل قبل الحرب في صيد السمك وبسبب الحرب فقد عمله واضطروا عام 2018 للنزوح بحثا عن الأمان، وأصبحوا منذ ذلك يعيشون على المساعدات.

وتوضح "ليس لدينا حتى فلس واحد، ولا غذاء، الآن وقت المغرب ونحن ليس لدينا سوى خبز وماء. رأسي يؤلمني من شدة الجوع، نتمنى أن نعيش يوما واحدا مما كنا عليه قبل الحرب".

وتضيف جميلة أن أطفالها الخمسة دائما يتساءلون عن ملابس العيد والفرحة به، لكنهم مجبرون على نسيان ذلك في ظل الأوضاع التي تعيشها أسرتهم.

مسؤوليتي إسعادهم

لكن الحال يختلف بالنسبة لأحمد هيبل، الذي نزح بداية الحرب من محافظة صعدة (شمال) إلى مديرية خمر بمحافظة عمران المجاورة للعاصمة صنعاء.

نجح أحمد في فتح محل لبيع الدجاج وأصبح مصدر رزقه وأسرته المكونة من 9 أفراد.

"في البداية نزحنا إلى مدرسة في خمر وبعد أشهر فتحت محل لبيع الدجاج، استطعت بعد ذلك استئجار شقة للسكن فيها والتكفل باحتياجات اسرتي، لحسن الحظ أننا لم نضطر للسكن في المخيمات كغيرنا الكثير من النازحين"، يقول أحمد.

ويعتقد الرجل ذاته أنه لا يجوز أن يترك أطفاله حزينيين لعدم قدرته على خلق أجواء من الفرح استعدادا بقدوم العيد.

ويقول لموقع (ارفع صوتك) "رغم الظروف القاسية وغير المستقرة التي نعيشها إلا أنني أصرّ على أن يأخذ أطفالي حقهم من الحياة ويعيشوا مثلما كنا نعيش قبل النزوح"، مضيفا "الحمد لله اشتريت لأطفالي ملابس العيد ولو كانت من محلات بيع الملابس المستعملة. لا ذنب لهم أن يعانوا ما نعاني رغم تردي الأوضاع من جميع النواحي. أنا اب مسؤوليتي تفرض عليّ إسعادهم بما أستطيع".

يختتم حديثه قائلا "أحاول أن أجعلهم يستعدوا لحلول العيد كما كنا في السابق. نتمنى انتهاء هذه الحرب".
 

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".