المركز الصحي في المخيم

غرف مبنية من الطين والحجارة وبأسقف من أخشاب البناء وأرضيات ترابية، هذا شكل المركز الطبي المخصص للولادة الذي أقسم بأيدي النازحين السوريين في مخيم الركبان أقصى جنوب سوريا، قرب الحدود الأردنية.

وأقيم المركز بعد إغلاق عيادة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والعودة إلى زمن الداية التي كانت تنشط في المنطقة قبل تطور القطاع الصحي.

إغلاق العيادة الطبية

تقع العيادة الطبية التابعة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على الجانب الأردني، التي تخدم سكان المخيم في الجانب السوري.

وأبلغت السطات الأردنية المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، أنه لم يسمح بدخول مساعدات إلى سكان تجمع الركبان في الداخل السوري، كما  لن يسمح لأي أحد موجود هناك من الدخول إلى الجانب الأردني مهما كانت الأسباب، أو حتى مرور قوافل المساعدات إلى التجمع، تحسباً لدخول وانتشار فيروس كورونا المستجد، حسب تصريحات سابقة للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية ضيف الله الفايز.

ومنذ منتصف مارس الماضي والحدود الأردنية مغلقة، ما أوقف عمل عيادة الأمم المتحدة، حسب تأكيد مصدر مسؤول في المفوضية لـ"ارفع صوتك"، قال إن إغلاق الحدود قرار سيادي أردني .

عيادة ولادة

في تجمع الركبان قرر النازحون السوريون الاستعانة بمن لديها مهارات طبية متعلقة بولادة السيدات، بإنشاء ما يشبه المركز  الطبي لإجراء عمليات الولادة الطبيعية.

وخلال فترة إغلاق الحدود أجريت 70 ولادة طبيعية في المركز، حسب خالد العلي وهو أحد المشرفين على المركز، كما زارته للمراجعة الصحية 180 امرأة حامل.

تقول فاطمة الأحمد من المخيم لـ"ارفع صوتك": "كادت تخرج روحي مني عندما بدأت الألم الولادة، وعندما جاءت لحظة الولادة سمعت القابلة تقول إنني بحاجة إلى عملية قيصرية، لكنها لا تستطيع ذلك لعدم وجود الأطباء".

"كما أن المركز غير معقم نهائيا والداية لا تمتلك الخبرة، لذا نصحتني بأن أصبر أكثر وحاولت حتى انقطع نفسي، وخرج المولود سالماً، حينها تنفست الصعداء"، تتابع فاطمة.

 إجراءات طبية

تقوم فرق تمريضية من سكان الركبان بإجراء فحوصات طبية للسيدات الحوامل، وتشرف على صحة المواليد الجدد، كما تقوم بمراقبة أوضاع صحة سكان التجمع من خطر  إصابتهم بفيروس كورونا المستجد، حسب خالد العلي .

وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قال في بيان صحافي في أبريل الماضي، إن "تجمع الركبان للنازحين السوريين موجود داخل الأراضي السورية وهي مسؤولية أممية سورية، وأي مساعدات يحتاجها التجمع يجب أن تأتي من الداخل السوري".

وفي عام 2016 استهدفت سيارة مفخخة قادمة من تجمع الركبان نقطة حدودية أردنية، أسفرت عن مقتل جنود أردنيين، حيث تبنى تنفيذه تنظيم داعش الهجوم في ذاك الوقت، ما دفع الحكومة الأردنية إلى إغلاق حدود المملكة بشكل تام في تلك المنطقة، تحسباً من تسلل إرهابيين إلى أراضيها.

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".