نازحون ولاجئون

برنامج الأغذية العالمي: كورونا يفاقم معاناة اللاجئين السوريين

محمد ناموس
26 يونيو 2020

حذّر برنامج الغذاء العالمي (WFP) التابع للأمم المتحدة، من عواقب فيروس كورونا الاجتماعية والاقتصادية، وبدأ مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في منطقة الشرق الأوسط بالشعور بها بعد مرور أشهر على انتشار الفيروس.

وقالت إليزابيث بيرز، المتحدثة باسم البرنامج خلال مؤتمر صحفي عقدته في جنيف يوم الثلاثاء 24 حزيران/ يونيو الحالي، إن "جائحة كوفيد 19 والكساد الاقتصادي الناتج عنها فاقما وضع مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في المنطقة".

وأشارت المتحدثة إلى أن "اللاجئين معرضون بشكل خاص للإصابة بفيروس كورونا والأمراض الأخرى، بسبب تحركاتهم الجغرافية الكثيفة وعدم استقرارهم واكتظاظهم وقلة النظافة العامة والصرف الصحي وعدم إمكانية الوصول".

وأضافت أنه "حتى قبل الجائحة، كانت معظم أسر اللاجئين تعيش في فقر مدقع"، مشيرة إلى أن عدد اللاجئين الضعفاء الذين يفتقرون إلى الموارد الأساسية للبقاء في المنفى "زاد بشكل كبير بسبب الطوارئ الصحية".

وبحسب البرنامج الأممي الذي يتخذ من روما مقراً له، فإن فقدان الدخل دفع عائلات اللاجئين إلى حافة الهاوية.

وأوضحت بيرز، أن "كثيرون غير قادرين على دفع إيجارهم ويضطرون إلى اقتراض المزيد من المال وخفض استهلاكهم من الغذاء والدواء".

التكيف في تقديم المساعدات

وتسببت عشر سنوات من الصراع في سوريا بأكبر أزمة لاجئين في العالم، أدت إلى تشريد الملايين من الأشخاص داخل البلاد كما دفعت بقسم كبير إلى البلدان المجاورة.

ومع انتشار جائحة كورونا، تطورت المساعدات التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي لتتكيف مع مواجهة الفيروس، لتشمل مواجهة التحديات التشغيلية والقيود التي تفرضها الجائحة.

في لبنان، ارتفعت تكلفة بعض المواد الغذائية الأساسية بنسبة 56٪ بين تشرين الأول/أكتوبر 2019 ونيسان/أبريل 2020.

وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي "كان لذلك تأثير على جميع المجتمعات المعرضة للخطر في لبنان".

ولمواجهة ذلك يستعد البرنامج لإعادة تخزين مخزون الغذاء في حال اتخاذ تدابير احتواء أخرى، حيث يساعد البرنامج في لبنان 650 ألف لاجئ من الأشد ضعفا بمساعدات نقدية.

وفي تركيا، يدير برنامج الأغذية العالمي برنامج القسائم الغذائية الإلكترونية في ست مخيمات في جنوب شرق تركيا، مما يسمح بتوفير تحويلات نقدية شهرية لأكثر من 55000 لاجئ.

عيسى البكور مسؤول البرامج في مؤسسة رحمة الخيرية المحلية في سورية يؤكد خلال حديثه مع موقع (ارفع صوتك) أن كمية المساعدات الأممية المقدمة جيدة ولكنها غير كافية نسبياً وخاصة مع انتشار وباء كورونا.

يقول البكور، "كان يجب أن تتضاعف كمية المساعدات للاجئين السوريين وخاصة من يقطنون المخيمات منهم، وذلك بسبب حاجة هؤلاء اللاجئين للوقاية الطبية والصحية أكثر من غيرهم ممن يقطنون في بيوتهم، يعاني اللاجئون من ظروف صحية قاسية ونقص حاد في المواد الطبية".

أما في العراق، قدم برنامج الأغذية العالمي معونة غذائية إلى جميع اللاجئين البالغ عددهم 21.500 لاجئ، بعد فرارهم من العنف شمال شرق سوريا.

وفي حال إغلاق المخيمات وعدم قدرة الناس على الوصول إلى أسواق المواد الغذائية، قدمت وكالة الأمم المتحدة مخزونا من حصص الطعام الأسرية لشهر واحد لـ 330 ألف شخص وحصص استجابة فورية جاهزة للأكل لـ 60 ألف شخص.

وفي الأردن، فيقدم البرنامج مساعدات شهرية لـ 470 ألف لاجئ سوري، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المناطق الحضرية وفي مخيمي الزعتري والمخيم الأزرق.

أما في مصر، تلقى حوالي 77 ألف لاجئ سوري مساعدات غذائية في نيسان الماضي، من خلال التحويلات النقدية الشهرية.

ووفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن عدد اللاجئين السوريين وصل إلى 6.6 مليون سوري مع نهاية عام 2019.

تستضيف تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر أكثر من 5.5 مليون منهم، وهي أكبر مجموعة من اللاجئين في العالم.

ووصلت نسبة اللاجئين السوريين إلى 8.25% من نسبة اللاجئين حول العالم حتى نهاية عام 2019، لتصنف سوريا بلد المنشأ الأول للاجئين منذ العام 2014.

ويتركز 83% منهم في دول المنطقة العربية والجوار السوري، وفق تقرير الأمم المتحدة الصادر مطلع حزيران الحالي.

تستضيف تركيا ثلاثة ملايين و600 ألف لاجئ سوري، تليها لبنان 910 آلاف و600، والأردن 654 ألفًا و700، والعراق 245 ألفًا و800، ومصر 129 ألفًا و200 لاجئ، وفي ألمانيا 572 ألفًا و800 لاجئ، وفي السويد 113 ألفًا و400 لاجئ.
 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".