نازحون ولاجئون

ليلتان بلا نوم.. مخيمات سورية تغرق في أول عاصفة ماطرة

محمد ناموس
12 نوفمبر 2020

لم يبدأ فصل الشتاء بعد، ومخيمّات النازحين السوريين في شمال إدلب، تغرق بمياه الأمطار جرّاء أول عاصفة ماطرة قبل أيام، تسببت بسيول جارفة في ريفي إدلب وحلب.

ويوجد في شمال إدلب أكثر من 1000 مخيم عشوائي ونحو مليون شخص قد يواجهون مخاطر العواصف وبرد الشتاء، لهذه السنة.

 

 

"المخيمات في شتائها الثامن... القصة نفسها والطين نفسه"، هكذا عنونت فرق الدفاع المدني السوري منشورها في تعليقها على العاصفة المطرية الأولى التي ضربت شمال سوريا.

 

واستفاق النازحون مطلع نوفمبر الحالي، على بلل خيامهم، والأرض تحتهم، حيث المطر تسرّب إليهم بسبب السيول. وانتشرت صور وفيديوهات للمخيمات الغارقة بالأمطار، في مواقع التواصل، أعرب من خلالها نشطاء سوريون عن استيائهم إزاء ما يحصل، وناشدوا المنظمات الإنسانية بالتدخل السريع.

كما أظهرت الفيديوهات انهيار العديد من الكتل السكنية المبنية بشكل بدائي داخل تلك المخيمات، وعزوا السبب في ذلك إلى رداءة البناء المقدم من قبل المنظمات.

 

 

 

"ليلة ع الواقف"

أحمد العيسى نازح في مخيم شمال سوريا، يعرب عن استيائه الشديد لـ"ارفع صوتك".

ويقول "دخلت المياه إلى خيمنا، وقضينا ليلتنا على الواقف... ناشدنا منذ الصيف المنظمات لتأتي وتقوم بعمليات العزل، ولم يجبنا أحد، ونحن لا نرى هذه منشوف المنظمات إلا بعد حصول المشكلة، حيث لا وجود للاحتياطات المسبقة".

ويسأل أحمد "شو ذنب الأطفال ما قدروا يناموا الليل؟!".

وعن وسائل التدفئة التي يعتمدها اللاجئون، أكد العديد منهم أنهم يقومون بحرق الكرتون والأخشاب، بسبب انعدام الوقود أو ارتفاع أسعاره بشكل كبير بالنسبة لهم.

ويعتمد معظم النازحين على البطانيات والأخشاب للتدفئة، كما انتشرت وسائل تدفئة استحدثها الأهالي من قشور الجوز وقشور البندق.

من جهتها، عملت منظمة الدفاع المدني السوري على إجراءات إسعافية لتفادي حصول السيول في العديد من المخيمات، حيث كثفت من مراكزها في محيط المخيمات للاستجابة لجميع حالات الغرق وإبعاد مياه الأمطار عن المخيمات، وفتحت قنوات لتصريف مياه الأمطار كما ساعدت في إخلاء بعض المدنيين المتضررين.

 

وأحصى فريق "منسقو استجابة سوريا" حدوث أضرار مادية ضمن عشرات المخيمات المنتشرة في الشمال السوري، لغاية نشر هذا التقرير.

وبلغ عدد المخيمات المتضررة خلال اليوم الأول 13 مخيماً في مختلف المناطق، وفي اليوم الثاني 38 مخيماً، ولا تزال عملية توثيق الأضرار الناجمة عن العاصفة الماطرة مستمرة من قبل الفرق الميدانية التابعة لفريق "الاستجابة".

وناشد الفريق المنظمات الإنسانية والدولية من أجل تقديم الخدمات اللازمة للمخيمات، مثل حلول إسعافية عاجلة، كالعوازل المطرية للخيم وأرضياتها، وسحب المياه بشكل فوري وطرحها في مجاري الأنهار والوديا.

كما دعا الفريق إلى إنشاء حفر وخنادق في محيط المخيمات بشكل عام ومحيط كل خيمة بشكل خاص بحيث توفر تلك الحفر سدا أوليا لامتصاص الصدمة المائية الأولى الناجمة عن الفيضانات.

وبحسب إحصائيات الدفاع المدني، يوجد في الشمال السوري أكثر من 390 مخيماً عشوائياً، من أصل نحو ألف مخيم، مهدد بالغرق في أي لحظة، يقطنها أكثر من 400 ألف نسمة معرضين لخطر الموت من البرد.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".